في الوقت الذي كنا نتابع فيه بقلق ما يحدث للأقباط بقرية شربات بالعامرية وما أسفرت عنه جلسات الصلح العرفية من إهدار للقانون, إذ بفجيعة أخري تنتاب أقباط ميت بشار بمحافظة الشرقية.. ليست هذه ولا تلك جديدة, فكلاهما حلقتان في مسلسل طويل متعدد الحلقات للتنكيل بالأقباط واضطهادهم.. ربما الجديد أن مسافة الزمن بين الحلقتين قصيرة ومتقاربة.. الجديد أيضا ظهور أبطال جدد في حلقات المسلسل وهم شيوخ السلفيين الذين يجلسون علي مقاعد القضاة في جلسات الصلح العرفية, وزيادة أعداد الكومبارس من أفراد التيار الإسلامي الذين يشعلون نيران الفتنة في مناخ مسموم.
في العامرية بدأت الحلقة يوم الأربعاء 25يناير عندما تجمهر مسلمو القرية أمام منزل شاب مسيحي -مراد جرجس- مطالبين بتهجيره وعائلته من القرية بعد أن تناقلت علي أجهزة الموبايلات صوره مع امرأة مسلمة معروف أنها سيئة السمعة.. ورغم أن الأمر لا يتعدي علاقة شخصية بين اثنين لا خلاف علي أخطائهما أيا كانت ديانتهما, إلا أن المواقف الغريبة تتواصل في هذه الحلقة وتعود مشاهد الجلسات العرفية التي اعتدنا أن نشاهدها في نظام اعتبرناه بائدا بعد ثورة يناير ولكنه مازال يطل علينا بمشاهده المتكررة, بل بما هو أسوأ.. الأسوأ في المشهد الجديد أن رئاسة الجلسة كانت للشيخ شريف الهواري القيادي السلفي عن تعمد لتغييب القانون وإذلال الأقباط, ولهذا لم يكن غريبا أن تصدر حكمها بطرد ثماني أسر مسيحية من القرية, الأغرب أنه عندما وقف الأقباط أمام مجلس الشعب في وقفة احتجاجية ضد حكم تهجير الأقباط قال السلفي شريف الهواري إنهم هاجروا بمحض إرادتهم, وكان من يسمعون ويشاهدون لا يدركون أنه ولو حتي كان هذا فقد جاء هروبا من الرعب والتخويف الذي خلقه التيار المتشدد في القرية الآمنة التي كانت تعيش في سلام بمسلميها ومسيحييها.
وفي ميت بشار بدأت الأحداث تشتعل بعد أن أشيع أن فتاة -رانيا إبراهيم- اختطفت من القرية بعد أن أشهرت إسلامها منذ 3أشهر وتركت والدها الذي سبق وأشهر إسلامه منذ 6سنوات وخطيبها المسلم الذي خطبها منذ أسبوع واحد!!.. وحاول شباب القرية اقتحام كنيسة القرية وإحراقها, ولولا عناية الله وحراسته لأصبحت رمادا, يؤيد هذا أن الشارع المؤدي إلي الكنيسة تحول ظهر الثلاثاء الماضي إلي ساحة قتال, فالشباب المسلم يلقون زجاجات المولوتوف علي جنود الأمن المركزي الذين أحاطوا الكنيسة, ورجال الأمن يلقون القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم, فيسقط العشرات في مشهد ملتهب.. وتأتي المفاجأة عندما تظهر الفتاة في مديرية أمن الشرقية لتعلن أنها لم تختطف.. ولم تشهر إسلامها.. وترفض الزواج بالشاب المسلم.. وأنها لم تتعد الخامسة عشرة!!.. ويفشل المخرج في حبكة خيوط جديدة من حلقات الفتن ضد الأقباط.
الحلقات الجديدة التي لم يفصل بينها سوي أيام معدودة تكشف أن حلقات تالية في طريقها إلي الظهور.. وأن مسلسل اضطهاد الأقباط طويل, ولم يبق إلا أن يسارع حكماء مصر -بعد أن ضاعت هيبة الدولة- لوقف حلقات هذا المسلسل, فالخوف ليس علي الأقباط ولكن علي مصر كلها بمسلميها ومسيحييها.