عاش أصحاب المعاشات يوما عابسا عندما ذهب الكثيرون إلي مكاتب البريد ليصرفوا معاشهم مع الزيادة المتوقعة والتي أعلن عنها المسئولون عن المعاشات, مؤكدين أن أموال المعاشات موجودة , وفي الحفظ والصون, بعدما قيل إنه تم ضمها إلي ميزانية الدولة, وأنها أصبحت جزءا من أموال الحكومة, ثم خرج علينا المسئولون ينفون ما قيل مؤكدين أن أموال أصحاب المعاشات محفوظة, وأن ما قيل ليس صحيحا -والدليل أنه سوف يتم صرف زيادة في المعاشات قدرها 10% بداية من شهر يناير الماضي, وأن ذلك سوف يتم بأثر رجعي, والمعني أن صاحب أو صاحبة المعاش سوف يحصل علي زيادة في المعاش عن شهرين كاملين يتم صرفهما معا. ورغم أن أصحاب المعاشات ثاروا في البداية ورفضوا نسبة الـ10% وطالبوا أن تكون النسبة 30%, وقاموا بوقفة تعبر عن غضبهم ورفضهم لما اعتبروه ظلما واقعا عليهم. وأن فلوس المعاشات ليست منحة من الدولة وأنها نقودهم التي خصمت من رواتبهم طوال فترة عملهم في الحكومة. والمفروض أن تعود إليهم بمجرد انتهاء فترة عملهم وإحالتهم للمعاش, وأن هذا حقهم بحكم القانون, وأن من حقهم أن توفر معاشاتهم حياة كريمة مستورة بعد أن وصلوا إلي سن غير قادرين فيه علي العمل بعد أن ألمت ببعضهم الأمراض واحتياجهم إلي العلاج وصرف الأدوية العديدة. ولأنهم فئة مستضعفة وصوتهم ليس عاليا وجهدهم محدود خضعوا للأمر الواقع وذهبوا إلي مكاتب البريد لصرف الزيادة الموعودة ليستعينوا بها علي تدبير أمور حياتهم, وهناك داخل مكاتب البريد امتدت أياديهم للحصول علي هذه الزيادة. وفوجئوا بالحقيقة المؤلمة. لا توجد زيادة. كيف تضحك عليهم الدولة؟! وهل كذب المسئولون عليهم؟ وحتي الـ10% التي وعدوهم بها طارت ليكتمل غضبهم وثورتهم واستنكارهم لما حدث, وبدأت أسئلتهم تتوالي والموظفون المسئولون في البريد يؤكدون أنه لم يصلهم أي تعليمات أو نقود للصرف منها علي الزيادة الموعودة. متي إذن سوف يتم الصرف؟ والإجابة: لا نعلم, وعندما تصلنا معلومات أو نقود سوف نخبركم. وخرج أصحاب المعاشات يجرون أذيال الصدمة. يضربون كفا بكف. بعضهم لا يستطيع الوقوف.. وبعضهم يلتمسون مقعدا يجلسون عليه وبعضهم يتكئ علي عصاه.. وبعضهم يحاول أن يمنع عيونه من البكاء, وبعضهم ينتظر الفرج, وبعضهم سلم أمره إلي الله, وبعضهم يدعو علي الحكومة ويرفضون ما فعلته معهم. وبعضهم كاد يسقط وهو خارج إلي الشارع, إلي المجهول.
هذه هي حكاية الزيادة وحكاية المعذبين في الأرض. هذه هي شكوي الضعفاء والمستضعفين والذين لا يجدون من يؤازرهم ويساندهم ويحنو علي أحوالهم ويعيد إليهم نقودهم المنهوبة. ويرددون صرخة مكتومة: أنصفوا أصحاب المعاشات. وفي انتظار ما سوف يحدث!!