رفضت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب مبدأ تهجير الأقباط “شكلاُ” وقبلته من حيث ” المضمون” بعد استبدال كلمة ” التهجير” الواردة فى محضر الصلح بين العائلات المتنازعة بالعامرية بكلمة ” التفريق” !!
( لاحظ إقرار اللجنة البرلمانية بالمحضر العرفى، وكما أن كلمة التفريق لها مدلول دينى أيضا) ، وأضافت اللجنة : ” وذلك منعا لتصاعد المشكلة وحقنا للدماء على أن يكون خروج الأسر القبطية من القرية محل التنازع برغبتهم الشخصية وليست بالإجبار ” !
كما وجهت اللجنة الشكر للنائب السلفى أحمد شريف الهوارى، رئيس المحكمة العرفية التى أقرت بتهجير المواطنين المصريين الأقباط، بل وتم تفويضه شخصيا فى مهمة تصفية وبيع ممتلكات التاجر القبطي أبسخيرون خليل سليمان الشهير بأبو سلمان !!
الأمر الذى يعنى أن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب بعد أن رفضت مبدأ التهجير عادت وفرغت هذا الرفض من مضمونه حيث اباحته تحت مسمى اخر ( ذو بعد دينى) وهو ” التفريق” ولمزيد من السخرية من دولة القانون (سابقا) تريد اللجنة ( لجنة حقوق الإنسان ) إجبار الاقباط المهجريين على القبول بالتهجير برغبتهم الشخصية، والغريب أن أجتماع اللجنة ضم أكثرية من دعاة الدولة المدنية من النواب مثل د. مصطفى النجار، د. عمرو الشويكى، د. عماد جاد، د. ايهاب رمزى، د. سوزى عدلى، ولم يعترض على ذلك سوى الدكتور عماد جاد!!
“وكأننا يابدر لا رحنا ولا جينا”، وبدل من رفض الحلول العرفية تحولت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب إلى جهاز للتهجير القسرى، وجهة تقر وتشرع للحلول العرفية، وعليه العوض ومنه العوض !!
ومن السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية ياقلبى أحزن وأحزن، ولعنا نلاحظ فى خبرين منشورين تورط السلطة التنفيذية في الجريمة.
ووفق بيان صحفي نشر فى أغلب الصحف للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية فى 5/1/2012 تحت عنوان :” أحداث اسيوط الطائفية حين يغيب القانون وحين تعالج ” مصر الثورة” أزماتها على خطى أمن الدولة : جاء فيه :
فى مساء يوم 30/12/2011 ، عقد محافظ اسيوط اللواء السيد البرعى ومدير الأمن اللواء محمد إبراهيم اجتماعاُ حضرة عدد من نواب مجلس الشعب المنتمين للاخوان والسلفين والجماعات الاسلامية ، ووكيل وزارة الاوقاف وعدد من رجال الدين الاسلامى والمسيحى و أتفق المشاركون على أن يحاكم الطالب المسيحى الذى تسبب فى المشكلة بتهمة ازدراء الاديان محاكمة عاجلة ( لاحظ أن هذة اللجنة العرفية قد حلت محل النيابة العامة وجهات التحقيق ) وأن يغادر هو وأسرته محافظة اسيوط نهائيا، واتفق الحضور أيضا أن يقدم القساوسة اعتذاراً رسميا فى جميع وسائل الإعلام.
و فى بيان صحفى اخر للمبادرة المصرية نشر فى 12/2/2012 تحت عنوان ” جرائم العامرية ” عقاب جماعى للأقباط ورعاية رسمية للاعتداءات الطائفية جاء فيه ” انتقل أسامة الفولى محافظ الأسكندرية ومدير اللأمن وعدد من أعضاء مجلس الشعب من حزبى الحرية والعدالة والنور للقرية أبرزهم عصام حسانين و أحمد عبد الحميد شريف الهوارى عضو حزب النور، وعقدوا جلسة مع قيادات من العائلات المسلمة بمسجد الرحمن بالقرية واتفقوا على ترحيل عائلة الشاب …”
كما عقدت جلسة عرفية فى اليوم التالى 30 يناير بعد صلاة العصر بقيادة الشيخ النائب أحمد شريف الهوارى القيادى بالجماعة السلفية بالعامرية، والقس بقطر ناشد كاهن كنيسة مارى جرجس بالنهضة، وعصام حسانين عضو مجلس الشعب عن حزب النور ونتج عن الجلسة الاتفاق التالى :
” استمرار محاكمة المسيحى مع تهجير اسرته بالكامل .
تنظيم جلسة اخرى اول فبراير للنظر فى قيام لويس أبسخيرون خليل فى أطلاق أعيرة نارية فى الهواء .
وعندما أعلن مشايخ المساجد بالقرية عن نتيجة الاتفاق تجمهر مئات من الشباب المسلم مرددين هتفاتات منها :” يانصرانى يارخيص شرف المسلم مش رخيص ” ” وارحل ” فى أشارة لترحيل مسيحى القرية. وقاموا بتنظيم مسيرة داخل شوارع القرية وقذفوا منازل المسحيين بالطوب ثم اشعلوا النيران فى منزل اخر ملك أبسخيرون سليمان لم يكن أحترق ضمن ( 8 منازل احترقت فى الأحداث السابقة ). ولم تتدخل كالعادة قوات الأمن الموجودة بالقرية نهائيا لمنع الاعتداءات على المنازل التى بدأ الاعتداء عليها فى الثامنة مساء واستمرت لمدة ساعتين ، حيث جائت متاخرة قوات من الجيش وانتشرت فى الشوارع التى توجد بها منازل المسحيين ، ثم عقدت جلسة عرفية ثالثة بمقر مباحث العامرية بحضور العميد خالد شلبى رئيس وحدة البحث الجنائى بالاسكندرية ، والقس بقطر ناشد ، وابسخيرون سليمان ، وسبعة من ممثلى العائلات المسلمة بالقرية بقيادة الشيخ النائب السلفى أحمد شريف الهوارى، واتفقوا على تهجير ثامني أسر مسيحية من القرية ( مع رفض الكاهن للأتفاق ) وهم :
( مراد سامي وأسرته ، ووالده سامي جرجس وأخيه روماني جرجس وأسرتيهما، بسخرون خليل سليمان وأسرته وأبنائه الأربعة وأسرهم وهم سليمان ( متزوج ولديه ثلاثة أطفال ) وعادل ( متزوج ولديه طفلان ) ولويس ( متزوج ولديه طفلة ) ، كما أعلن الجانب المسلم تفويض لجنه برئاسة النائب الشيخ شريف الهواري لبيع ممتلكات الأسر المهجره خلال ثلاثة أشهر ، وان لا يعود المهجرون إلي القرية حتي ولو لمصاحبة من يريد شراء ممتلكاتهم .
كما أعلن عن قيام اللجنة بجمع قيم الكمبيالات المستحقة للمحال التجارية الممولكة للمهجرين ، والتي كانت تقوم بالبيع بالأجل لأهالي القرية ، وقد اعترض المسيحيون علي شروط الصلح فقال لهم النائب الشيخ أحمد الشريف الهواري :
” من يريد العودة للقرية فليرجع ولكن علي مسئوليته الشخصية إذا تعرض لأي مكروه ” والطريف أن الأقباط طلبوا نقضا للحكم السابق فعقد النائب الشيخ شريف الهواري في 9 فبراير الماضي جلسه حاول فيها استثناء تهجير وبيع ممتلكات التاجر بسخرون خليل، ولكن المحكمة رفضت ذلك !!
والأكثر طرافة أنه في يوم انعقاد جلسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب أفرجت محكمة العامرية عن المتهم مراد سامي لعدم كفاية الأدلة !!
إننا أمام جريمة دولة شاركت فيها السلطتان التنفيذية والتشريعية، حيث قام مسئولون تنفيذون ( المحافظين – ومدير الأمن ووكلاء وزارة الأوقاف ) ونواب مسلمون ومسيحون من السلطة التشريعية بتوفير الغطاء الشرعي لجرائم جنائية في صلح مزعوم ينتهي بمعاقية الضحايا وبراءة الجناة وكما يقول الباحث اسحق إبراهيم مسئول ملف الأقباط بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ” ما لم يتدخل القضاء المصري لرفع الظلم وإعادة الأعتبار لسيادة القانون فإنهم سيكونوا شركاء في نفس الجرائم ” . ويقول النائب زياد بهاء الدين عن دائرة أسيوط من الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى” ( صحيفة الشروق تحت عنوان من بيهيج جنوبا إلي العامرية شمالا ..وداعا لدولة القانون ) ويضيف ” بشرتنا وسائل الإعلام منذ أيام قليلة بأن فتنة طائفية جديدة تم وأدها في أحدي قري مركز العامرية بالإسكندرية هذه المرة، وأنه قد تم تسوية الخلافات عن طريق صلح عرفي تم التوصل إليه بفضل وساطة رجال الدين، وتحت رعاية المحافظ، وبحضور جميع الأطراف من الأمن، خبر سعيد في حد ذاته أن يتدخل العقلاء في البلد لتهدئة النفوس، لولا أن اتفاق الصلح يتضمن شرطا صادما ومخيفا، وهو رحيل العائلات المسيحية التي ينتمي إليها من كانوا السبب في المشكلة، وأن تباع ممتلكاتهم ويهاجروا البلد فورا، وهذه ليست المرة الأولي التي يقضي فيها مجلس عرفي بتهجير عائلات مسيحية، إذ تكرر الأمر منذ ستة أسابيع في قرية ” بهيج “
—
س.س