حول ماتردد عن قيام مجموعة من المتزمتين بقرية النهضة(45) جنوب غرب الاسكندرية, بحرق حوالى عشرة منازل و محلات و ممتلكات للأقباط, و تهجير ما يقرب من 54 أسرة, و التهديد بحرق و طرد الباقين يوم الجمعة 3\2\2012 ، وكان قد جرى اجتماع جمع بين الأب بقطر الراعي بقرية النهضة مع مسئولين أمنيين طالبوا فيه بطرد الأسر المتبقية وذلك يوم الاربعاء 2 فبراير 2012 وإلا سوف تكون الجمعة القادمة “جمعة التطهير ” في إشارة واضحة لتطهير القرية من المواطنين المصريين المسيحيين القاطنين بها، وأخشى ما أخشاه أن يتجمع أهالي القرى المجاورة من المسيحيين وتحدث مذبحة لا قدر الله, و بالطبع كل ذلك تحت سمع و بصر الأجهزة المعنية, و قد قمت بالاتصال بكافة الأجهزة الرسمية, والتيارات السياسية خاصة الحاكمة( الإخوان المسلمين) و حتى الآن (مساء الاربعاء) لم يحرك ساكنا!!.
وبالطبع القصة تعود لشاب مسيحى على علاقة بفتاة مسلمة, وفى جلسة جمعت الشاب المسيحى وأصدقائه المسلمين تفاخر الشاب بالعلاقة وأبرز صور للفتاة على الموبايل….الأمر الذى استفز مشاعر الأصدقاء رغم حالة السكر البين……مما استدعى حدوث كل ذلك التوتر.
والحقيقة أن لا أحد يستطيع الدفاع عن شاب مخطىء أو منحرف …و لكن سياسة العقاب الجماعى للأقباط أصبحت ظاهرة, ففى الشهر الماضى اتهم شاب من قرية صبيح بأسيوط بتهمة إزدراء الإسلام , وسواء كان هذا الاتهام صيحيحا أم لا, وقبل أى محاكمة تذكر …..تم حرق و نهب و تدمير أغلب ممتلكات الأقباط فى قرى:صبيح ومنتباد و بهيج و سلام و تم تهجير أكثر من مائة أسرة قبطية!!.
وسبق ذلك ما اشيع فى العام الماضى بقرية صول بأطفيح عن علاقة بين شاب مسيحى و مسلمة (ولم يؤكد أحد هذه العلاقة) فقام المتزمتون أيضا بحرق كنيسة الشهيدين بالقرية وغزوا منازل و ممتلكات الأقباط …….الخ.
و الغريب أن يحدث كل ذلك دون تقديم أصحاب الغزوات و السلب و التدمير لأى محاكمة, و بالطبع نكرر نحن ضد أى مخطىء أو مسىء للإسلام .
و لكن الغريب أن فضيلة الشيخ الدكتور ياسر برهامى أحد ابرز قيادات الحركة السلفية لا يمل ولا يكل من الحديث فى وسائل الإعلام عن تكفير المسيحيين و فساد العقيدة المسيحية !! ولايجرؤ أحد من المسئولين سواء من المجلس العسكرى أو الحكومة أو جماعة الإخوان المسلمين حتى على عتاب الشيخ.
و لم تكن غزوة النهضة هى الأولى و لن تكون الأخيرة, فمنذ 1972 و حتى الآن (أربعون عاما من ظلم الأقباط )..(استخدمت مصطلح ظلم حتى أهرب من مصطلح اضطهاد) وإليكم أعداد القتلى و الجرحى و الحوادث التى وجهت ضد الأقباط (1972-2012):
(197) قتيلا و(1711)جريحا فى 656 حادثا, وأسفرت تلك الحوادث عن تدمير و حرق و نهب أكثر من 500 منزل و سيارة …..الخ لمواطنين أقباط , و الأخطر أنه تم تهجير أكثر من خمسة آلاف قبطى من قرى وأحياء فى أماكن اخرى, عاد حوالى 50% لأماكن اقامتهم …و لم تقدم تعويضات تذكر لأى من المتضررين من تلك الحوادث و أبرزها:
مذبحة منشية ناصر باسيوط (4\5\1992)وراح ضحيتها 13 قتيلا.
مذبحة دير المحرق باسيوط(11\3\1993)وراح ضحيتها 6 قتلى.
مذبحة عزبة البدارى باسيوط (12\4\1996)وراح ضحيتها 10 قتلى.
مذبحة قرية الكشح بسوهاج (2000) وراح ضحيتها 21 قتيلا.
مذبحة نجع حمادى بقنا (1\1\2010) وراح ضحيتها 6 قتلى.
و شهد عام 2011 عام ثورة 25 يناير المذابح التالية:القديسين 22 قتيلا, امبابة 13 قتيلا, منشية ناصر (المقطم)11 قتيلا, ماسبيرو27 قتيلا.
و لم يقدم للمحاكمة فى تلك المذابح أحدا من المتهمين بارتكبها سوى مذبحة نجع حمادى, والأخيرة تمت تبرئة كافة من قدموا كمتهمين لعدم كفاية الأدلة.
وإذا استعرضنا الأسباب التي كانت وراء تلك المذابح سنجد أن 60% من هذه المذابح حدثت بسبب اشاعة عن علاقات عاطفية بين شاب مسيحى وفتاة مسلمة أو العكس, و35% بسبب محاولات الأقباط بناء كنيسة بشكل قانونى أو بالتحايل على (القانون), و5% أسباب أخرى مثل شجار عادى تحول إلى طائفى ….إلخ.
منذ ثورة 25 يناير حتى الآن ساهم الأقباط فى التحضير و التظاهر و الاعتصام شأنهم شأن أشقائهم فى الوطن من المسلمين, ولم يفتر من عزيمتهم شىء, و شاركوا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة بنسبة مشاركة لم تحدث من قبل حيث تقدم للترشيح 177 مرشحا قبطيا, 55على القوائم,122فرديا, ونجح منهم 8 من القوائم, والأهم أنهم ساهموا فى نجاح حوالى 10% من أعضاء البرلمان المصرى, و كما جاء فى مقال سابق للكاتب بعنوان “المسيحية السياسية مرجعيتها المواطنة” فإن عدد الاصوات القبطية اقتربت من مليونين و ستمائة وأربعين التى صوت تقريبا….
و كانوا قبل كل ذلك فى مقدمة الشهداء و الجرحى من (25\28يناير 2011) ورغم كل ذلك فقد تم التغرير بهم ولم تصدر القوانين التى وعدوا بها مثل القانون الموحد لبناء دور العبادة, أو حتى تسويه حالة الكنائس التى وعدوا بإنهاء المنازعات القانونية التى ترتبط بها, وأخيرا يتم معاقبتهم بشكل جماعى على أخطاء لا ذنب لهم فيها, و يغيب القانون, و يتحول رجال الأمن إلى مشايخ عرب,…وحتى جلسات الصلح العرفي التى كنا نرفضها يبدو أننا سوف نحلم بحدوثها من أجل حق البقاء على تراب هذا الوطن.
كل ذلك لم يثنى المواطنين المصريين الأقباط عن أداء دورهم النضالى من أجل ذلك الوطن الذى يسكن فيهم, أننا أمام ظاهرة مواطنة فريدة و متفردة و مع كامل احترامى الكامل أبناء شعبنا المصرى فلا يوجد من يدفع ثمن مواطنة أكثر من الأقباط .
ويبدو أن هناك من يحاول أن يعاقب المصريين جميعا من هويس إدفو جنوبا وحتى قرية النهضة شمالا مرورا باستاد بورسعيد، انني أحمل المجلس العسكري تبعات ما سوف يحدث الجمعة 3 فبراير 2012، لأن هناك من يريد ألا يترك مقاعدة إلا على جثث آلاف الشهداء مثلما فعل الرئيس السابق مبارك وحاشيته.
ولكن الأقباط باقون في وطنهم مهما حدث إلى يوم الدينونة وسيعلم الذين ظلموا إلى منقلب ينقلبون.