الزمان: أكتوبر 1956
فبراير 2012
المكان : بور سعيد
الحدث: مصر تصرخ ولا تريد أن تتعزى
منذ ما يزيد عن خمسين عاماً أطلقت يا مصر صرختك المدوية فى العالم كله تعلن النصر على مثلث الدول العظمى: انجلترا وفرنسا وإسرائيل، محطمة بذلك أسطورة العدو الذى لا يقهر، حدث هذا فى أكتوبر عام 1956 حيث شهدت مدينة بورسعيد المساحة الأعظم فى تاريخ المقاومة الشعبية فاستحقت عن جدارة لقب “المدينة الباسلة”.
يومها يا مصر سقط أولادك فى بورسعيد صرعى بسهام العدو… فذفت مرارة الألم وشهد الانتصار فى آن واحد… تمر السنون والتاريخ يكتب…
آه يا مصر: سنوات وسنوات وأنت تتوجعين لأولادك الذين تتمخضين بهم فى كل لحظة تنطلق فيها صرخات أم ثكلى فى أية بقعة من ثراك الغالى… شاب هنا… وفتاة هناك… يتنقل المشهد الدامى بين حنايا هذا الثرى:
التحرير..المقطم ..ماسبيرو..محمد محمود..بور سعيد …
آه يامصر:
أراك وأسمعك تقولين: “لقد عشت ورأيت اليوم الأسود- الأول من فبراير 2012- الذى يسقط فيه أولادى ببورسعيد صرعى- شباب كما الورد- زهور لازالت تفتتح بعد- بنوك يا مصر الذين تمخضت بهم.
اغتيلوا أغتيالاً أشد ضراوة وقسوة من ذلك الأغتيال الذى أصابك على خط النار فى الحروب الماضية مجتمعة، فشتان بين أن يغتالك بنوك الذين تمخضت أيضاً بهم فى يوم من الأيام وبين أن تنال منك يد الأعداء ….
فماذا أقول إذن أو بالحرى بماذا أصيح وأصرخ؟ هل أردد ما تردده الأمهات فى هذه التجارب المؤلمة؟ فاكشف رأسى واقرع صدرى والتحف بالسواد وأصرخ بأعلى صوتي: ليتنى لم احى ولم أر ما رأيته من خيانة ولم أعرف ما أعرفه مما فعلتموه بى وبأشقائكم…
أمى مصر:
حقاً يا أمى… كم مخاضك متعسر اليوم… أشد ضراو ة من أى زمن مضى… تشددى وليتقوى رجاؤك فينا… أنظرى آلامك الماضية وكيف شفيت من جراحاتك بفعل الصبر والحب والإيمان.. كان لابد من الوجع لمعرفة أساليب الراحة… كان لابد من الحرب لنوال أكاليل الغار… كان لابد من الموت لإدراك أفراح القيامة…
تحية إليك يا بورسعيد: تاريخاً وشعباً ونضالا… صبراً لك يا بورسعيد المدينة الباسلة- الأم التى قدمت أولادها فداء للوطن ضد الأستعمار الأجنبى فى أكتوبر عام 1956، ثم عادت وقدمت شهداء موقعة بورسعيد(بأيدى أشقائهم المصريين) ثمناً للحرية يوم الأربعاء الأسود الأول من فبرايرعام 2012… المجد للشهداء… المجد للشهداء…
—
س.س