اعتصم الشباب المتظاهرون أمام مبني التليفزيون ماسبيرورافعين شعارتطهير الإعلام اتفق مع الغاية وإن اختلفت مع المصطلح. ”التطهير” هو مصطلح موروث من الممارسات الفاشية والنازية وتعني استئصال وحذف وتطهر من عناصر بعينها. ما يطالب به الشباب – بصرف النظر عن المصطلح مشروع، وهو تغيير الفلسفة التي تحكم عمل الإعلام لتصبح في خدمة مطالب الثورة بدلا من أن تكون في ذاتها محاولة لإجهاض الثورة. لايصح أن يقوم الشباب بثورة، ثم يستمر الإعلام بنفس الطريقة القديمة التي تقوم علي تزييف وعي الناس، ويقوم علي نفس الشخصيات التي دافعت عن نظام مبارك، ويعمل بذات الآليات السابقة.
من حق الشباب أن ينفعل ويغضب حين يجد من كان يكتب ويدبج المقالات تأييدا وإشادة بالرئيس السابق حسني مبارك، وحاشيته وبالأخص حبيب العادلي لايزالوا يكتبون، ويقدمون برامج في التليفزيون، والأنكي أنهم يتحدثون عن الثورة ويلبسون جلبابها.
من حق الشباب أن ينفعل ويغضب، حين يري أن الإعلام يشوه الثورة، وينعت الشباب بأوصاف قاسية في إطار تقويض الثورة أو احتوائها، وبالمناسبة تلعب بعض منابر الإعلام الخاص دورا في ذلك، ربما أكثر من الإعلام الحكومي.
بالطبع ماسبيرو رمز للتظاهر أمامه، ولكن كيف يمكن تطهير الإعلام؟ الإجابة بالقانون.. يجب أن تصدر تشريعات جديدة تنظم عمل الإعلام، وتمنع من توظيفه لتزييف وعي الناس، أو خدمة من هم في الحكم أو تشويه المعارضين، أو الحضن علي الكراهية والتعصب الديني أو المذهبي، إلخ..
هذه هي إحدي المسئوليات الكثيرة الملقاة علي عاتق البرلمان. ولكن سيظل الأمر بحاجة إلي عقول تفكر، وقدرة علي وضع تشريعات جديدة تعزز الحرية الإعلامية، ولا يكون مايجري مدخلا لتقويض حرية الإعلام بدعوي التنظيم، وهي حكاية نعرفها جميعا، وأخشي أن تلجأ إليها الأغلبية في مجلس الشعب، ولاسيما أن تصريحات صدرت عن بعضهم تبعث علي القلق أكثر من الاطمئنان.