إن بورسعيد ذات الاسم المركب من مقطعين هما كلمة “PORT “ومعناها ميناء، وكلمة ” سعيد “إسم حاكم مصر فى وقت بدايتها التاريخية اشتهرت باسم المدينة الباسلة او مدينة النضال الوطنى فمن ينسى ملحمة بورسعيد مع
إن بورسعيد ذات الاسم المركب من مقطعين هما كلمة “PORT “ومعناها ميناء، وكلمة ” سعيد “إسم حاكم مصر فى وقت بدايتها التاريخية اشتهرت باسم المدينة الباسلة او مدينة النضال الوطنى فمن ينسى ملحمة بورسعيد مع العدوان الثلاثى على مصر فى اكتوبر 1956 وتاريخها الفدائى والبطولى على مر التاريخها ، فكان تاريخ الجلاء عن أرض مصر هو العيد القومى لهذه المحافظة التى عرضت الاربعاء الأسود الأول من شهر فبراير الجارى لأحداث مؤسفة على خلفية مباراة كرة القدم بين الاهلى والمصرى
والتى أودت بحياة عشرات القتلى .
التحام وترابط الشعب
هذه الأحداث الدامية أعادت الى الاذهان تاريخ مدينة بورسعيد الباسلة فى الحروب التى مرت على مصر والتى لم تغفل الاعمال الادبية ان تجسدها ومن هذه الأعمال رواية ” الباب المفتوح ” للكاتبة لطيفة الزيات والصادرة عام 1960 لتعكس الرواية فترة من أهم فترات مقاومة الشعب المصري للاستعمار الإنجليزي فى الفترة من 1946 إلى 1956 وخاصة معركة بورسعيد، حيث تؤكد على أهمية الالتحام الشعبي والترابط بين كافة أفراد الشعب المصرى في سبيل الدفاع عن الوطن ، واهتمت الكاتبة بالربط بين القضايا السياسية والاجتماعية بل والثقافية والتأكيد على دور المثقفين في التعبير عن الموقف العام للوطن والتعبير عن أهمية مشاركة المرأة مع الرجل في الدفاع عن مصر ،وأن تخرج المرأة من عزلتها ومن داخل الأسوار التي فرضتها عليها الأعراف والتقاليد حيث تصل الكاتبة في نهاية الرواية من خلال البطلة ليلى الى المظاهرة في بورسعيد ،والذي يؤكد فكرة الالتحام والترابط بين كافة أفراد الشعب المصرى من رجال ونساء، مثقفين وعمال، شيوخ وشباب من أجل الدفاع عن الوطن.
بورسعيد وأشلاء قتلانا
وتحت عنوان ” بور سعيد ” كتب الشاعر العراقى بدر شاكر السياب عام 1956 تلك القصيدة الرائعة على خلفية العدوان الثلاثى على مصر والتى تقول الابيات الاولى منها : يا حاصد النار من أشلاء قتلانا منك الضحايا و إن كانوا ضحايانا كم من ردى في حياة و انخذال ردى في ميته و انتصار جاء خذلانا إنّ العيون التي طفّأت أنجمها عجلنّ بالشمس أن تختار دنيانا و امتد كالنور في أعماق تربتنا عرس لنا من دم و اخضلّ موتانا
المدينة الباسلة
أما السينما المصرية فلم تغفل – باعتبارها مرآة المجتمع والواقع المعاش – أن تخرج لنا رائعة من روائعها وهو فيلم “بورسعيد – المدينة الباسلة” الذى انتجه الفنان الراحل فريد شوقى من خلال شركة أفلام (أفلام العهد الجديد) عام 1957 ليصور من خلال احداث الفيلم العدوان الثلاثى على مصر فى الاماكن الطبيعية في بورسعيد ، وقد بلغت تكاليف إنتاجه حوالي 35 ألف جنيه ، وتم عرض الفيلم علي الشاشة لمدة 130 دقيقة حيث قام باخراجه المخرج عز الدين ذو الفقارواشترك به عدد كبير من نجوم الخمسينات من بينهم : فريد شوقي، هدى سلطان، ليلى فوزي، شكري سرحان، زهرة العلا، أمينة رزق، حسين رياض، زينب صدقي،رشدي أباظة، توفيق الدقن، عدلي كاسب، نعيمة وصفي، نور الدمرداش، سراج منير، أحمد مظهر .
كما أهدي الفنان فريد شوقي نسخة من الفيلم إلى الرئيس جمال عبد الناصر وكتب رسالة إليه نشرتها جميع الصحف حينها قال فيها :إن اللحظات التاريخية التي اجتازها شعب مصر خلال العدوان الثلاثي الغاشم أثبتت للعالم أننا شعب مجيد، قاوم بربرية المستعمرين ببسالة، وسطر في التاريخ بنصره أروع مواقف البطولة وهو يكافح من أجل القيم الإنسانية والحضارة والمستقبل، ومن أجل أن يسود السلام والحرية والطمأنينة والخير ، والفن المصري الذي كان مجرد وسيلة للتسلية في العهود البائدة، التي ساندت الاستعمار ضد الشعب، عرف دوره في هذه المعركة الوطنية فساهم ليصنع الساعات التاريخية بما وسعه الجهد، من أجل انتصار الإنسانية على البربرية،
وانتصار الخير على الشر، وانتصار الحرية على الاستعمار. كان هناك دور ينتظر الفن، دوراً أكبر مما قام به خلال المعركة وهو يسجل وحشية المستعمرين وبربريتهم وخستهم وفظائعهم. قررت أن أنتزع للفن شرف القيام بهذه المهمة الجليلة، فأنتجت فيلم بورسعيد؛ الذي أقدمه اليوم مسجلاً فيه ما ارتكبته قوى البغي والعدوان من همجية وبربرية ووحشية.إن فيلم بورسعيد سيقول للعالم الحر
المؤمن بحق الإنسان في أن يعيش في سلام، بأنه رغم ما ارتكبته قوات الاستعمار الغاشم في المدينة الباسلة بورسعيد، إلا أنها عاشت لتعلن العالم أن الحرية ستنتصر في النهاية. إننا نؤمن اليوم بأن الفن رسالة ضخمة في الطريق الذي تسعي إليه البشرية من أجل اقرار
السلام والحب والطمأنينة والخير، ولهذا جندنا كل قوانا ومواهبنا لتحقيق هذا الهدف السامي.وأخيرا أرجو أن أكون قد أديت بهذا الفيلم بعض ما ينبغي أن اقوم به كمواطن مصري يؤمن بالحرية وحق الشعوب في أن تعيش حرة كريمة آمنة.
تحية اليك يابور سعيد …المجد للشهداء
إس