يبدو أن أوضاع الأقباط لم تختلف كثيرا بعد الثورة عن عصر مبارك وإن كانت الأسوأ الآن في ظل نهج الدولة لسياسات النظام السابق من ترك الأقباط فريسة للعقاب الجماعي نتيجة لشائعة أو لخطا فرد لم يتم التأكد
يبدو أن أوضاع الأقباط لم تختلف كثيرا بعد الثورة عن عصر مبارك وإن كانت الأسوأ الآن في ظل نهج الدولة لسياسات النظام السابق من ترك الأقباط فريسة للعقاب الجماعي نتيجة لشائعة أو لخطا فرد لم يتم التأكد منه، وتشارك الدولة في جريمة كبرى فيما يسمى جلسات الصلح العرفية ” جلسات العار ” التي تهدر حق القانون وتسقط هيبة الدولة تحت ضغط مجموعات من المتشددين الذين يبحون لأنفسهم الحاكم والجلاد في أهدار حقوق المواطنة والاعتداء على مواطنين مصريين بزعم إصلاح خطا وقع سواء ارتكاب شخص لخطا أو وجود مخالفات في مبنى، وتخرج الدولة والإعلام الفاسد لتبرير جرائم الغوغائية بحجة الخطأ الذي لم تحقق فيه جهات التحقيق بعد وتسعى للصلاح بل وتصدر أحكام مسبقة بتهجير الأقباط من موقعهم أرضاء للغوغائية .
سقطت الدولة في أحداث أسيوط عندما اتهم طالب في الصف الثاني الثانوي وهو في حكم القانون المصري ” طفلا ” بنشر رسوم مسيئة للرسول على موقع الفيس بوك ورغم إنكار الطالب للواقعة التي قامت لمجرد أن أحد زملائه افشي بالأمر وقامت ثورة الغضب على الأقباط ليطبق العقاب الجماعي على أربع قرى كاملة ليس لهم أى علاقة بهذا الطالب الذي عقد محافظ أسيوط جلسة عرفية قبل التحقيق مع الطالب وأقر بطرد لطالب وأسرته من القرية وطرد طالب أخر وأسرته اُتهم بالتحريض لنشر هذه الرسوم ورغم ذللك استمر المتشددون في الاعتداء على الأقباط في قرى ” العدرا وسلام ومنقباد وبهيج ” لمدة خمسة أيام متواصلة لم يتم ردعهم ولم يقدم أى شخص من المعتدين للتحقيق رغم حبس ” الطالب ” في الوقت الذي قدمت فيه عشرات البلاغات ضد ما يطلقون على أنفسهم علماء بتهمة الإساءة للمسيحية وازدراء الأديان مثل د. محمد عمارة و أبو سلام وغيرهما لم يتم التحقيق مع أى منهم، في حين لخطأ طفل تم فرض عقاب جماعي على أربعة قرى ليس لها اى صلة بهذا الطالب .
أما المثل الأخر لانتهاك دولة القانون يقع في قرية شربات ” التابعة للنهضة بالعامرية بالإسكندرية عندما اكتشف أحد المسلمين فيديو لعلاقة بين شاب مسيحي وفتاة مسلمه ورغم توجه بعض الأقباط لحل ألازمه والاتفاق على طرد الشاب من القرية وأسرته نتيجة خطائه إلا أن المتشددين أثاروا الفتنه وقاموا بالاعتداء على منازل ومتاجر الأقباط ليلة الجمعة الماضية وقاموا بمنع سيارات الإطفاء من دخول القرية للتمكن من إطفاء الحرائق ولم تتمكن قوات الأمن من الدخول لاحتواء الأمر حتى وصل محافظ الإسكندرية إلى القرية وعقد جلسة بمسجد الرحمن بالقرية مع شيوخ المسلمين وأعضاء مجلس الشعب من حزبي الحرية والعدالة والنور دون حضور لاى قبطي وقرروا طرد الشاب القبطي المتهم وأسرته من القرية دون القبض على أى من المعتدين الذين فرضوا سياسية العقاب الجماعي على أقباط القرية الذين لا ليس لهم أى صلة بالشاب بل رفضوا هذه العلاقة ورغم هذا الاتفاق إلا أن الغوغائية الذين لا يريدون السلام لمصر ولم يراعوا الظروف التي تمر بها البلاد وغاب عنهم العقلاء عادوا ليجددوا اعتداءاتهم على أقباط القرية مرة أخرى ليلة أمس الاثنين رغم أن النيابة قامت بحبس الشاب بعد طرده في الوقت الذي لم يفرض فيه نفس العقاب على الفتاة المسلمة التي شاركت في بإرادتها بارتكاب نفس الخطأ .
وتحول الاعتداء بالأمس بحرق ونهب عدد من المتاجر والمنازل بعد هروب بعض الأسر من القرية خشية من بطش المعتدين وتسفر الحرائق والنهب على خسائر في 7 متاجر للمقدس ابسخيرون خليل سليمان ” نهب وحرق موبيليات ومحل أخشاب ومحل قطن ومحل زجاج ومحل أدوات منزلية ومحل لصناعة الأثاث وشقتين لأبنائه ” وأيضا سرقة ونهب محلين ومنزل للسبع اندراوس و معرض موبيليات ومنزل ” للدهشور اندراوس ، و محل ترزي ومنزل ل ” سمير رشاد. وتم تهجير عدد من الأسر منها أسرة ابسخيرون خليل و أسرة لويس خليل و سليمان وعادل وميلاد خليل .
ويواصل بعض المتطرفين ضغوط لطرد مزيد من الأسر القبطية بالقرية نتيجة خطا فرد يمثل أمام القانون يدفع ثمنه 54 أسرة قبطية بالقرية رغم أن الأسر القبطية هي أول من قامت بإدانة الشاب ولكن يدفعون ألان ثمن العقاب الجماعي لان المخطئ مسيحي وهو مسلسل يتكرر في جميع الأحداث مثل أحداث ديروط وفرشوط واسنا وقرية النزلة بالفيوم في غياب تام للأجهزة الأمنية .
ومن المثير والمؤسف أن أحداث العنف التي وقعت بالأمس على أقباط قرية شربات بالنهضة كان أمام مسمع ومرأى قوات الأمن وللمرة الثانية يتم منع دخول سيارات الإطفاء لإخماد الحرائق ، وعندما استنجد الأقباط بالأمن كان الرد ” إنهم غير قادرين على هذه الأعداد ” وهى جريمة يجب أن يعاقب عليها مدير امن الإسكندرية ووزير الداخلية فعندما يعجز الأمن عن إنقاذ مواطنين مصريين من الاعتداء فعليهم الإسراع بتقديم استقالتهم في الحال وترك المنصب لمن يقدر هذه المسئولية .
ورغم هذه الجرائم التي وقعت في حق مواطنين مسالمين لم يقترفوا ذنبا سوى إنهم يعتنقون الديانة المسيحية فان أجهزة الدولة تسعى لعقد جلسة صلح دون القبض على اى من الجناة الذين نهبوا وحرقوا ممتلكات لمواطنين مصريين ومازال الأقباط حتى ألان يتلقون التهديدات والوعيد بمعاودة الاعتداء ليهم وهذا لخطا فرد منحرف مع فتاة منحرفة في سلوك يتكرر يوميا بين مختلف الطوائف وفى جميع الأماكن لم يحدث أن نرى رد الفعل بهذه الطريقة الغوغائية إلا عندما يكون الطرف مسيحي وهى سياسية الكيل بمكيالين في الوقت الذي يقف فيه المتشددين للدفاع عن هذا السلوك الذي يتفق مع عادتنا في حالة لو كانت العلاقة بين شاب مسلم وفتاة مسيحية فيخرج الجميع للدفاع عن الفتاه ويدين الجميع اى أشكال من التعبير المسيحي السلمي إذا ما خرجوا للمطالبة بعودة الفتاه ويظهر الشاب بصورة البطل الذي يسانده المتطرفين وهو ما جعل الأقباط يشعرون بالغبن والظلم الواقع عليه والذي تشارك فيه الدولة بزيادة تعسفها وعدم تطبيقها على القانون وما يؤسف مشاركة نواب البرلمان وهم من حزبي الحرية والعدالة والنور في جريمة الظلم الذي وقعت ضد الأقباط رغم إنهم يفترض فيهم إنهم نواب الشعب ..
والمثال الأخير الذي وقع بمدينة أبو المطامير بالبحيرة بالأمس عندما قام سلفيون بقرية ” فرماج ” بالخروج بالأسلحة الإلية والسيوف لهدم مبنى خدمات تابع للكنيسة وبالفعل قاموا بهدم المبنى ” المسلح ” وبعدها قاموا بإطلاق الأعيرة النارية وسط هتافات التكبير لهدم المبنى وترويع المواطنين ورغم أن المبنى بالفعل لم يحصل على ترخيص بناء إلا الكارثة الكبرى هو تطبيق القانون بيد الأشخاص ، فلم تقوم الأجهزة الأمنية بالتصدي لهؤلاء الأشخاص الذين حملوا أسلحة غير مرخصة وقاموا بترويع أقباط القرية وهدموا مبنى ليس لهم صفة التنفيذ .
ويصل الظلم إلى حد تهديد الأقباط بحرق منازلهم إذا لم يتنازلوا على المحاضر والشكاوى التي قدمت ضد الجناة بعد تقديم قائمة ضمت 23 اسما من الجناة ولم تقوم الدولة بالقبض على اى منهم وتستمر التهديدات من السلفيين ليلا ونهارا لإرغام الأقباط للتنازل عن أى شكاوى تقدمت ضدهم وألا سوف يدفعون الثمن وتحدث هذه الجرائم في ظل غياب تام لأجهزة الدولة والمجلس العسكري وأعضاء البرلمان تاركين مواطنين مصريين فريسة لمن جعلوا من أنفسهم سلطان في عصر يعيد بنا إلى عصور ” التوت والنبوت “.
لذا أدعو شرفاء مصر ومن يؤمنون بالمواطنة ويحترمون القانون ويسعون للحفاظ على هيبة الدولة التضامن مع أقباط قرية ” شربات بالنهضة بالإسكندرية ” لإنقاذهم من العقاب الجماعي والتهجير القسرى والترويع من قبل المتشددين والمطالبة بتقديم الجناة في هذه الأحداث إلى المحاكمة وتعويض أصحاب الخسائر من الأقباط وصرف تعويضات عاجلة ووضع الضمانات لحمايتهم وعدم المساس بأرواحهم أو ممتلكاتهم وسرعة أعادة هيبة الدولة وتطبيق دولة القانون ورفض ما يسمى بجلسات الصلح العرفية ، كما ندعو للتضامن مع قرية ” فرماج بمدينة ابوالمطامير بالبحيرة ” بمعاقبة المجموعات المسلحة التي قامت بهدم المبنى وتواصل التهديد لأقباط القرية لأنهم تقدموا بشكوى ضدهم ونطالب وزير الداخلية التحقيق في هذه الأحداث ومعاقبة المقصرين من الأجهزة الأمنية وإظهار التحقيقات بشكل علني للراى العام وألا عليه أن يقدم استقالته في حالة تطبيق القانون بعدالة ليشعر المواطنين بأن عصر الثورة هو إعادة لترسيخ أهدافها التي خرجت من اجلها وأهمها المساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فمازالت الأحداث الطائفية تقع وتعالج بطريقة النظام القديم دون اى تغير فماذا قدمت الثورة لأقباط مصر الذين شاركوا فيها من أجل الحرية والكرامة وتحسين أوضاعهم وتفعيل القانون وحمايتهم.
==
س.س