رصد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عرضا للتغطية الإعلامية للانتخابات بمرحلتها الثلاث, وقام المركز برصد العديد من الأخطاء المهنية في تلك التغطيات, ومن أبرز هذه السلبيات هو التكرار، سواء كان
رصد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عرضا للتغطية الإعلامية للانتخابات بمرحلتها الثلاث, وقام المركز برصد العديد من الأخطاء المهنية في تلك التغطيات, ومن أبرز هذه السلبيات هو التكرار، سواء كان للانتهاكات أو تكرارًا للسقطات المهنية، أو الأطراف المتنافسة، أور الوجوه البارزة للتيارات المتنازعة،
وأيضًا يتيح المجال للإعلام للقفز على النتائج والتنبؤ في ضوء مؤشرات كشفت عنها المراحل الأولى من الانتخابات بالإضافة إلى صغر المساحة الإعلامية المخصصة لتغطية الانتخابات ومن أسباب ذلك هو تزامنها مع أحداث مهمة سحبت منها البساط، واحتلت مكانها في الصفحات الأولى من الصحف بل وقاسمتها صفحات البرلمان.
أبرز تلك الأحداث هي الهجمة على منظمات المجتمع المدني ومداهمة بعض مقراتها، ومحاكمة مبارك، وردود الأفعال الدولية والرسمية حول هذين الحدثين، وهو ما احتل الصفحات الأولى في كل الصحف، علاوة على قيام الصحف القومية (الأهرام، الجمهورية) بوضع أخبار المنظمات والهجوم عليها في صفحات الانتخابات على اعتبارها “الأكثر انقرائية” وربما للربط بين مداهمتها والعملية الانتخابية!.
ومن ناحية أخرى التغطية الإعلامية للمرحلة الثالثة حملت في جوهرها تأكيدات على انحرافات مهنية تم رصدها على مدار مراحل الاقتراع الثلاثة، كما أنها حملت تغيرات أثبتت أن هناك من يتقبل النقد ويسعى للتطوير والإصلاح، ولعل هذا يعكس الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني، ففي إطار منظومة متكاملة واحدة لابد أن يسعى كل طرف ليس إلى هدم الأخر أو إقصائه، وإنما إلى رفع كفاءته بكل ما أوتى من إمكانيات وخبرات ونقد بناء.
وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبته تقارير المراقبة الإعلامية والميدانية من مختلف الجهات في لفت انتباه كافة الأطراف المشاركة في العملية الانتخابية بما فيها وسائل الإعلام واللجنة العليا للانتخابات إلى ضرورة احترام فترة الصمت الانتخابي، فصار خرق المرشحين لفترة الصمت محل مراقبة الإعلام(المصري اليوم والشروق 2 يناير)، وخرق الإعلام للصمت محل نقد تقارير المراقبة الإعلامية.
فخلال المرحلة الثانية والثالثة حضر مصطلح الصمت الانتخابي بوضوح في التغطية الإعلامية، وان كان في الكثير منها حضر قولاً وليس فعلاً، فعلى مدار يومي الصمت الانتخابي للمرحلة الثالثة 1-2 يناير 2012 لم تلتزم أي وسيلة إعلامية بالصمت الانتخابي سوى قناة ON.TV، بينما تعد قناة CBC الأكثر خرقًا للصمت الانتخابي بحرصها المستمر على استعراض أبرز المرشحين في مختلف المحافظات وذِكر نبذة مختصرة عنهم “ليلة الاقتراع”.
كما توخت القنوات العامة وبعض القنوات الخاصة الكثير من الدقة وحاولت أن تلتزم قدر المستطاع بالصمت الانتخابي، ولكن لم تنجح في ذلك بشكل تام ، فقد لجأت إلى التحايل باستضافة قيادات حزبية ليلة الاقتراع للحديث عن موضوعات بعيدة الصلة عن الانتخابات، إلا أن ظهور تلك الشخصيات على الشاشة ليلة الاقتراع وحديثهم في أي قضية عامة يُشكل بشكل أو بأخر خرقًا للصمت الانتخابي (دريم 2 العاشرة مساء، الحقيقة 2، 3 يناير)، (المصرية والنيل للأخبار 1 يناير).
بشكل عام كانت الصحف الأكثر خرقًا للصمت الانتخابي، فقد اخترقت جميع الصحف القومية والخاصة والأسبوعية الصمت الانتخابي بطرق متعددة كما ذكر التقرير ومن أبرزها إجراء حوارات مع قيادات حزبية أو مرشحين ليلة الاقتراع ولكن دون إعلانات، فيما عدا جريدة الجمهورية فهي الجريدة الوحيدة التي نشرت إعلان (لحزب الحرية) على مدار يومي الصمت الانتخابي.
كما نشرت إعلانا في شكل خبر للمرشح (ياسر الجندي – مرشح حزب الحرية) في عدد 2 يناير دون إشارة لكونه إعلان مدفوع الأجر، بينما كررت جريدة التحرير نشرها لملحق “نحن نساعدك على الاختيار” والذي تذكى فيه مرشحين في كل دائرة وتكتب عنهم نبذات إيجابية تُبرر دعم الجريدة لهم وذلك قبل الاقتراع بـ24 ساعة ، الأمر الذي يعد أبرز أنواع الدعاية وأغربها ، بالإضافة لكونه خرق صارخ للصمت الانتخابي.
وعلى رغم أن البعد الطائفي للتغطية الإعلامية للانتخابات كان قد تراجع نوعًا ما في المرحلة الثانية من الانتخابات، إلا أنه عاد للحضور بقوة في تغطية المرحلة الثالثة، والتي جاءت متزامنة مع بعض الأحداث التي ساهمت في استحضاره، والتي يعد أبرزها واقعة الرسوم المسيئة في أسيوط ، تزامن الاقتراع مع احتفالات الأقباط بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية، وما صدر من فتاوى حول جواز مشاركة الأقباط الاحتفالات بأعيادهم أو تهنئتهم بها، كذا ظهور جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وما أثارته من فزع قبطي، هذا بالإضافة إلى تضمن هذه المرحلة بعض المحافظات المعروفة بالتركيز القبطي فيها مثل المنيا.
وتجدد البعد الطائفي في التغطية الإعلامية هو أحد انعكاسات الأداء الإعلامي الخاص والعام تجاه صعود التيارات الإسلامية في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات، فالإعلام مازال عاجزًا عن استيعاب الدرس، فهو لم يفهم أن دعايته السلبية ضد التيارات الإسلامية انقلبت عليه، وتحولت إلى أصوات إضافية لهذا التيار الذي بدا المستضعف المضطهد المجني عليه إعلاميًا وربما هذا ما لم يكن يقصده الإعلام من هجومه المستمر على التيارات الإسلامية.
وفي محاولة إعلامية أخيرة لمقاومة هذا الصعود الإسلامي قبل المرحلة الثالثة واعتقادًا بأن تقييم الأداء الإعلامي للوسائل الإعلامية في الانتخابات مقتصر فقط على تقييم صفحات الانتخابات أو البرامج المعنية فقط بالتغطية الانتخابية، لجأت وسائل الإعلام إلى توخي التوازن والتنوع والمهنية في صفحات وبرامج الانتخابات والخروج بالدعاية السلبية من صفحة الانتخابات إلى صفحات أخرى ربما لم يكن متوقع أن يتم التطرق فيها للانتخابات، مثل صفحات وبرامج الفن، المرأة، السياحة، الاقتصاد والتكنولوجيا. وهو تحديدًا ما لجأت إليه صحيفة صوت الأمة الأسبوعية 2 يناير، صحيفة روز اليوسف 1 يناير من خلال صفحات الفن التي جاءت بعناوين(المشاهير يتحدون السلفيون بعد فوزهم بالأغلبية)، (الفن أقوى من الأحزاب الدينية) وهى تحقيقات من شأنها استطلاع مخاوف الإعلاميين -خصوصًا الفنانات- على الفن بعد صعود التيارات الإسلامية وإبراز تصريحاتهم المضادة للتيار الإسلامي، مع تدعيم ذلك ببعض العوامل الإخراجية مثل نشر صور للفنانات بمساحات ضخمة لا تتناسب مع حجم حديثهن في التحقيق.
وكذلك صحيفة الأهرام في صفحة المرأة يوم 2 يناير تناولت وضعية المرأة في البرلمان الإسلامي، وكذا عدد الأهرام 1 يناير الذي تناول تحول صعود الإسلاميين إلى نكته على «الفيس بوك» في صفحة خاصة بالتكنولوجيا.
هذا علاوة على تركيز المصري اليوم الدائم على الخلافات بين التيارات الإسلامية (الإخوان والسلفيين) وإبرازهم بعناصر إخراجية مُلفتة، وكذا الهجوم الشديد الذي تشنه قناة الحياة على حزبي الحرية والعدالة والنور على لسان مذيعيها فعلى سبيل المثال عقّب أحد المذيعين متهكمًا على صعود التيارات الإسلامية قائلاً “بما إن أسوان اللي بنقول عليهم ناس متفتحة انتخبوا النور، يبقى نتوقع إيه في شرم الشيخ ومطروح”، كما يزج المذيعين باسم حزب الحرية والعدالة في رصد أى انتهاك حتى لو رفض الضيف أو المراسل ذكر اسم الحزب يقول له المذيع “زى حزب الحرية والعدالة مثلا ؟”.
وكانت الفضائية المصرية من أكثر القنوات هجومًا على السلفيين، فعلى مدار فترة الدعاية للمرحلة الثالثة وكذا فترة الصمت الانتخابي للمرحلة الثالثة كانت معظم التقارير الخارجية للقناة ومداخلاتها التليفونية تنتقد السلفيين وإقحامهم للدين في السياسة وتصريحاتهم ولجنة الأمر بالمعروف، …الخ وهو ما أكدته أسئلة المذيعين لضيوف القناة من التيارات الإسلامية والتي جاءت أغلبها تهكمية على شاكلة “هتفضلوا لحد امتى توزعوا لحمة، كيف تقيموا أخطاء حزب الحرية والعدالة، ما تعليقكم على حشد الإخوان للناخبين على أبواب اللجان” دون إتباع النمط نفسه من الأسئلة والهجوم مع الأطراف الأخرى التي يثبت ارتكابها لانتهاكات مشابهة.
إ س