توشك المعركة الانتخابية علي الانتهاء, وسوف يتشكل مجلس الشعب من نواب منتخبين في انتخابات نزيهة, رغم ما شابها من مخالفات انتخابية. ملامح مجلس الشعب الجديد تتمثل في أن التيارات الإسلامية, سواء كان الإخوان المسلمين أو السلفيين يحصدون ما يقرب من ثلثي مقاعد المجلس, في حين سوف يكون نصيب القوي الليبرالية واليسارية والمستقلين الثلث الباقي. سوف يدخل عدد قليل من النساء والأقباط البرلمان بالانتخاب, ليس بالعدد المأمول, لكن ما حدث يشكل في ذاته بداية يمكن البناء عليها.
للمرة الأولي ستكون غالبية المقاعد في يد قوي إسلامية اعتادت أن تكون علي مدار ثلاثين عاما (منذ عام 1984م) في المعارضة. حين تكون معارضا, صوتك يعلو, واتهامات بالفساد تطلقها علي من بيده السلطة التنفيذية, وتطرح استجوابات وأسئلة الغرض منها كسب أرضية أمام الرأي العام. الحال تبدل. التيارات الإسلامية في الحكم, والقوي الليبرالية واليسارية في المعارضة.
تجربة جديدة ينبغي أن تنجح, طالما أن هذه هي اختيارات الناس, وكما يقال دائما في النظم الديموقراطية إن المواطن من حقه الاختيار, حتي لو كان اختياره خاطئا, ونحن لن نحكم علي صواب أو خطأ الناخبين, فقط نقول إن المطلوب أن تنجح التجربة.
نجاح التجربة البرلمانية يتطلب أن تدرك القوي الإسلامية أن الفرصة أمامها للمشاركة في بناء نظام ديموقراطي, لم تعد معارضة, لكنها في مسئولية إدارة شئون الحكم. هناك فصيل منها يريد الشكل علي حساب المضمون، وفصيل آخر يجب أن يبحث في المضمون علي حساب الشكل. مشكلة مصر ليست في المايوه أو الشواطئ أو الخمور أو في تهنئة المختلفين دينيا بأعيادهم ولكن في المقام الأول في الفقر والبطالة والعوز، وفي الوضع الاقتصادي المتردي, وفي الخدمات العامة المتهالكة, وفي الأمن الضعيف. مشكلة مصر ليست ##إيمان في مقابل كفر لكنها مواطن ممكن في مواجهة مواطن مهمش.
إذا أدركت القوي الإسلامية مسئوليتها, وعملت القوي الليبرالية واليسارية إلي جوارها سوف تنجح التجربة, أما إن لم يحدث التوافق, فسوف يكون ذلك مرحلة جديدة من مراحل غياب اليقين السياسي, والفوضي.