أصدر المجلس المصرى لحقوق المرأة تقريرا مفصلا عن وضع المرأة فى برلمان 2012 ماذا خسرت النساء وماذا خسرت مصر؟شارك فيه فريق بحثى كبير من المركز ومن المراقبين للانتخابات فى محافظات مصر
أصدر المجلس المصرى لحقوق المرأة تقريرا مفصلا عن وضع المرأة فى برلمان 2012 ماذا خسرت النساء وماذا خسرت مصر؟
شارك فيه فريق بحثى كبير من المركز ومن المراقبين للانتخابات فى محافظات مصر المختلفة تحت اشراف نهاد ابو القمصان رئيسة المركز تضمن التقرير أربعة أبواب : المؤشرات والنتائج، لماذا الإصرار على مشاركة النساء ؟ وضع المرأة فى القانون المصرى، وضعها فى ترشيحات الإحزاب ، ثم نتائج غرفة العمليات الخاصة بالانتخابات والتى سجلت تفصيليا الانتهاكات الانتخابية فى لجان النساء فى المحافظات المختلفة.
استهل التقرير :”رغم مشاركة المرأة بصورة لافتة للداخل والخارج في كافة ميادين الثورة إلا أن نتائج الانتخابات البرلمانية لم تعكس هذا الدور بل وتعد النتائج المتعلقة بالمرأة كارثية في ضوء ما عرف ببرلمان الثورة جاءت مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية 2011/2012 في ظل مشهد أقل ما يوصف به هو التوتر نظرا للأوضاع غير المستقرة التي تعيشها مصر في الوقت الحالي ولا سيما علي المستوي السياسي والأمني، ويزيد من العبء ما أصاب ملف المرأة المصرية بعد الثورة والتي شاركت فيها المرأة مع الرجل علي قدم سواء وقدمت فيها التضحيات حتي الشهادة، ولم يدر يوما بخلدها أن تكون هي الخاسر الأكبر، لقد عكس الواقع تردي وضع المرأة بعد الثورة تمثل ذلك في الهجمة المنظمة علي مكتسباتها خلال الفترة الماضية والمطالبة بتغيير قانون الأحوال الشخصية الذي حملت بعض مواده إنصافا للمرأة ، صاحب ذلك تنامى أصوات التيارات الأصولية التي تحجم دور المرأة في أنماط معينة وتحد من حقها في المشاركة في جميع نواحي الحياة ولا سيما المشاركة في الحياة السياسية، حيث يري البعض أن دخول المرأة البرلمان “مفسدة” وكان ترشيح الأحزاب السلفية للمرأة علي قوائمها هو ترشيح “المضطر”.
عزز هذا الوضع المتردي غياب الإرادة السياسية التي ارتأت عدم دعم مشاركة المرأة حيث اقتصرت ما سميت بوزارة الثورة الأولي والثانية علي سيدة واحدة وإن زادت مع وزارة الدكتورالجنزوري إلي ثلاث وزيرات، كما تم إقصاؤها من المواقع المهمة مثل منصب المحافظ، ومن لجنة التعديلات الدستورية وحتى من المناقشات حول تعديل قانون مجلسي الشعب والشورى وقانون تقسيم الدوائر والتي لم يشارك فيها من النساء سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة ضمن عشرات الرجال و جاء إقرارهما مخيبا للآمال ، ويعيد إنتاج مجلس 2010 مع اختلاف وحيد يتمثل في تبادل الأدوار ما بين التيار الإسلامي والحزب الوطني .
كما ألغي قانون مجلسي الشعب والشورى كوته المرأة ونص علي أن تتضمن كل قائمة امرأة واحدة علي الأقل مخالفا العديد من المطالب التي قدمتها المؤسسات النسائية والمدنية المعنية بالمرأة والمجلس القومي لحقوق الإنسان ، ومع هذه المطالب لم يحدد القانون الجديد مكان متقدم للمرأة على هذه القوائم لضمان التمثيل اتساقا مع ما جاء به الإعلان الدستوري .
شهد فتح باب الترشيح تخلي الأحزاب عن وعودها بوضع المرشحات في مكان متقدم من القائمة، لتجد اغلب المرشحات أنفسهن في ذيل القائمة الانتخابية وهو ما يعني عدم فوزهن، يأتي ذلك متسقا مع تهميش الأحزاب المصرية التقليدية للمرأة ، وإهمال معظم الأحزاب الجديدة التي تأسست بعد الثورة لقضية المرأة فمعظم الأحزاب الجديدة والتي وصل عددها إلي اكثر من 47 حزبا أغلبها ادمج حقوق المرأة في برنامجه الحزبي ضمن إطار مجتمعي عام ، فيما اكتفت خمسة أحزاب فقط بالنص على عدم التمييز ضد المرأة واهتم حزبين فقط بإدماج المرأة في المكون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لبرامجهم الحزبية.
أما الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية فرغم تأكيد برامجها على المساواة بين الرجل والمرأة إلا إنها رهنت ذلك بالتفريق بينهما في الأدوار الاجتماعية والإنسانية دون توضيح لماهية الأدوار الاجتماعية والإنسانية.
مؤشرات أوليه للعملية الانتخابية من منظور نوعى
المؤشر الأول : تقدم المرأة المصرية كمرشحة وناخبة بصورة غير مسبوقة فرغم الظروف السياسية والأمنية المعقدة ، لم تشهد مصر هذا الإقبال من النساء علي الترشيح من قبل، ففي ضوء الانتخابات البرلمانية عام2010 والتي سميت إعلاميا ” الفرصة الذهبية للمرأة ” نظرا لتخصيص 64 مقعدا في مجلس الشعب للمرأة ، وصل عدد المرشحات إلي404 مرشحة ووصل الترشيح في الانتخابات التي سبقتها عام 2005 والتي لم يكن بها مقاعد مخصصة للنساء إلي 133 مرشحة .
علي مستوي الناخبات وصل عدد من لهن حق التصويت إلي 23 مليون وخمسمائة ألف ناخبة ، أيضا في واقع غير مسبوق فمع الانتخاب بالبطاقة الشخصية كانت النساء كتلة تصويتية لا يستهان بها ، ومثلما كان حضور المرأة المصرية باهرا في ميادين الثورة كان حضورها لافتا في صفوف الناخبين التي امتدت لساعات تحملتها النساء مع تحمل أعباءهن العائلية حيث حملت الكثيرات أطفالهن لساعات في انتظار الإدلاء بالصوت أملا في برلمان يحفظ كرامتهن ويؤمن الغد لأسرهن .
المؤشر الثانى : تقدم محافظات الجنوب “المحافظ “و محافظات الحدود “القبلية” في دعمها للمرأة :-
وبعكس الادعاء بأن التقاعس عن دعم مشاركة المرأة يرجع لعدم تقبل المجتمع المصري لمشاركته ،إلا أن مؤشرات الترشيح جاءت مغايرة تماما ، حيث وصلت أعلي نسبة ترشيح للمرأة علي القوائم في محافظتي شمال سيناء وأسوان
وعن وضع المراة فى القانونى المصرى اوضح التقرير التناقض بين الاعلان الدستورى فى مادته 38″ يجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة في المجلسين”. ومع ذلك طبقا لتعديلات قانون مجلس الشعب فقد تم إلغاء كوتة المرأة التي كانت مقررة في انتخابات2010عدم تضمن القوائم نسبة معينة لمشاركة المرأة، و على الرغم من تـأكيد العديد من القوى السياسية و المنظمات النسوية على عدم موافقتها لانه يعيد المرأة المصرية إلى مربع الصفر كما أنه يؤثر سلبا علي الحياة الديمقراطية و مفهوم حقوق الإنسان .
وعلى الرغم من عدم الاستجابة الى مطالب المجتمع المدني وبعض القوى السياسية تم التمسك بوجود 50% عمال و فلاحين وذلك طبقا للإعلان الدستوري هو أمر يثير الدهشة و بعد ضغط شديد من المجتمع المدني و من بعض القوي السياسية تم اشتراط وجود علي الأقل امرأة واحدة علي قوائم الأحزاب و من الجدير بالذكر أن هذا القرار يعتبر رجوعا إلي الوراء بالنسبة لدور المرأة في الحياة السياسية بل و يتناقض مع مطالب الثورة .
ثم يطرح التقرير فى قسمه الثانى تساؤلا مهما وهو لماذا الإصرار على مشاركة النساء ؟ ….هدف تنموي بحد ذاته اذ اعتبرت العديد من تقارير التنمية الصادرة عن الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية أن المساواة بين الجنسين تعد ذكاء اقتصاديا و أداة بالغة الأهمية من أجل تحسين نواتج التنمية فهي تقوي قدرات الدول على النمو ، وخفض الفقر ، والحكم بطريقة فعالة ، لذلك فإن تشجيع المشاركة السياسية للمرأة والمساواة بين الجنسين جزء مهم من إستراتيجية التنمية التي تمكن جميع الناس – رجالاً ونساء على حد سواء – من تفادى الفقر وتحسين مستوى معيشتهم التي بدورها تفتح العديد من المجالات لزيادة المساواة بين الجنسين على المدى الطويل .
كما تلقى عدم المساواة بين الجنسين بتكاليف باهظة على صحة ورفاهية الرجال ، والنساء والأطفال ، وتؤثر في قدرتهم على تحسين حياتهم ، وإضافة إلى هذه التكاليف الشخصية ، فإن عدم المساواة تخفض الإنتاجية في المزارع والمشاريع ، وتخفض بالتالي احتمالات خفض الفقر وضمان التقدم الاقتصادي ، وتضعف أيضاً الحكم في البلد ومن ثم فاعلية سياسيات التنمية .
والعكس صحيح بادلة واقعية من الدول من مختلف أنحاء العالم تبين أن الدول ذات المجتمعات التي تعاني من عدم مساواة كبيرة ومستمرة تدفع ثمناً باهظاً على شكل المزيد من الفقر ، وسوء التغذية والمرض ، وأشكال الحرمان الأخرى . ففي الاقتصاديات المتحولة لدول أوروبا الشرقية عانى الرجال من تراجع مطلق في العمر المتوقع خلال السنوات الأخيرة ، والزيادة في نسبة وفيات الذكور – وهي الأعلى التي سجلت في زمن السلم دون حروب – رافقت زيادة التوتر والقلق بسبب التصاعد السريع للبطالة في صفوف الرجال .
ويجيب التقرير ايضا على اسباب الاهتمام بمشاركة المرأة علي الحكم وان الامر ليس فقط امر حقوقى للمراة ولان انما زيادة حقوق المرأة والمساواة في المشاركة في الحياة العامة بين المرأة والرجال يرافقها أعمال تجارية وحكومية أكثر نزاهة وحكم أفضل، وحيث يزداد نفوذ المرأة في الحياة العامة ينخفض مستوى الفساد وهذا ما اثبتته العديد من البحوث العلميةومن ملامحها
1. أن النساء في قطاعات الأعمال أقل ميلاً لدفع رشاوى لموظفي الحكومة ، ربما لأن لدي النساء معايير أخلاقية أعلى أو لحرصهن علي تجنب المجازفة .
2. تحسين مكانة النساء يحقق مكاسب ليس للنساء فقط وإنما تمتد بالأساس إلى الأطفال والأسرة
3. تتيح المساواة فرص متكافئة للنساء والرجال أن ينشطوا اجتماعيا و سياسيا مما يؤدى بمرور الوقت بالاستفادة بأفضل الخبرات و العقول
وعلى العكس فإن :
إساءة توجيه مهارات النساء و مواهبهن يكلف ثمنا اقتصاديا باهظا حيث لا تقل القوى العاملة للنساء 40 % من اجمالى العمالة الصناعية في العالم ، و 43% من قوة العمل الزراعية و من ثم العمالة المدربة الماهرة التي تحقق إنتاجية أفضل و عندما يساء معاملة النساء أو التمييز ضدهن يكبد الأمر خسائر اقتصادية وخاصة عندما تفتقر إلى الوصول إلى تأمينات زراعية أو مصادر تطوير إنتاجهم .
وفى مجال الإدارة عندما تستبعد النساء تقل مهارات المديرين من الرجال مما يقلل فرص الإبداع و الابتكار، بل إن رفع قدرات النساء و إمكانية الاختيار و الفرص لهم تضع مستقبل الجيل القادم في وضع أفضل و لا يترتب عليه من فوائد على المستوى الوطني فقط وإنما تستفيد منه الأسر بصورة مباشرة.
وقد برز في تقرير البنك الدولي حول التنمية لعام 2011 أمثلة عديدة للفائدة المباشرة لمشاركة النساء في صناعة القرار وفى العمل ،ومن امثلتها:
غانا: عمل النساء يساهم في إدارة رشيدة للموارد علي مستوي المجتمع والصرف الأفضل على الطعام داخل الأسر
الهند : يؤدى ارتفاع دخل النساء إلى زيادة السنوات الدراسية للأطفال لأبناء المرأة العاملة و الانتظام الدراسي كما ساهم وجود النساء في المحليات ” نتيجة تخصيص المقاعد” في الحد من الفساد و الرشوة بنسب ملحوظة و استثمار أموال المحليات على الخدمات المباشرة .
كما استفاد منها الرجال أيضا، و ذلك بإعادة النظر في قوانين العمل لتحديد ساعات عمل وإتاحة الضمان الاجتماعى للجميع مما أدى إلى إتاحة الفرص للآباء عدد ساعات عمل أقل مع دخل أفضل وساعد في التمتع بحياتهم و البقاء مع أولادهم مدد أطول
فالحقيقة أن الخاسر الاكبر هو المجتمع الذى يهمش نساءه .
==
س.س