تتعلق قلوب كل الأقباط بأبيهم وراعيهم البابا شنودة الثالث فترافقه دعواتهم في ذهابه ومجيئه, وينتظرون عودته بترقب ملهوف.. وعندما سافر قداسته فجأة الأحد قبل الماضي إلي كليفلاند كلينك بعد أن أعياه الإجهاد خلال احتفالات عيد الميلاد قلق الجميع علي قداسته.. لهذا أسعدني وأسعد الجميع أقباطا ومسلمين في مصر وخارجها أن نري قداسته ونستمع إليه مساء الأربعاء عبر بث مباشر من حجرته بكليفلاند كلينك من ولاية أوهايو الأمريكية نقلته قناة مارمرقس الفضائية, وكان نيافة الأنبا إرميا قد فاجأنا قبلها علي صفحته بالموقع الاجتماعي -فيس بوك- بهذا معلنا عن رقم الفاكس والبريد الإلكتروني الذي يمكن التواصل منه مع البابا بالأسئلة.. وعشنا ليلتها كما لو كنا مع البابا في محاضرته الأسبوعية التي اعتدنا عليها كل أربعاء بالكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس.
وللتاريخ يجب أن نسجل أنها ليست المرة الأولي وإن اختفلت الوسيلة.. أذكر أنه منذ أكثر من عشر سنوات -وتحديدا في صباح الاثنين 24ديسمبر 2001- تم لقاء بالصوت والصورة بين البابا شنودة في القاهرة وشباب ملبورن في أستراليا خلال مؤتمرهم الذي عقده أسقفهم الأنبا سوريال مستخدما فيه أعلي التقنيات التكنولوجية الحديثة بالتنسيق مع مركز تكنولوجيا المعلومات بالمقر البابوي.. وكانت البذرة الأولي التي غرسها البابا شنودة الثالث في حقل الكنيسة لتكنولوجيا المعلومات.. وكان أول بابا يلقي محاضرة باستخدام الفيديو كونفرنس.. ومن يومها صارت المسافة قصيرة بين كنائسنا والكنيسة الأم, وبين البابا والشعب.
وللتاريخ نذكر أيضا أن البابا شنودة الثالث أول بابا يواصل رسالة التعليم خلال بابويته.. البداية عندما رسمه المتنيح الأنبا كيرلس السادس -أسقفا للتعليم 30سبتمبر 1962- وأقام في أحضان الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس, ومن يومها تجلت فيه روح الكاروز كواعظ ومعلم.. وبتعطش الجموع لتعاليمه بدأ اجتماعات الوعظ بالكاتدرائية التي كانت تحت التأسيس.. كانت البداية يومين أسبوعيا تزدحم فيها أرض الأنبا رويس بالآلاف حتي أن سائقي الأتوبيسات أطلقوا علي محطة الكاتدرائية محطة الأنبا شنودة ولتخفيف الاختناق المروري اقتصرت فيما بعد علي يوم الجمعة من كل أسبوع.. وبعد اختيار العناية الإلهية له بطريركا لكرسي مارمرقس -14نوفمبر 1971- استمر حاملا لشعلة الكاروز مداوما علي الوعظ والتعليم.. ولم تكن يومها قد ظهرت بعد الفضائيات التي تنقل الآن عظات البابا إلي الملايين في بيوتهم أينما كانوا.. وتحملت وطني مسئولية أن تنقل اللقاء الأسبوعي, فكنا نسرع مساء كل جمعة بعظة البابا إلي المطبعة ليكون حديثه الأسبوعي أمام القراء صباح الأحد, إلي أن صار اللقاء يوم الأربعاء وتنافست الصحف في إيفاد مندوبيها, وصارت أحاديث البابا وإجاباته علي الأسئلة التي كثيرا ما تكشف عن أخبار الكنيسة وتوجهاتها وآرائها إزاء القضايا السياسية والاجتماعية, أصبحت موضوعا للمنشتات الصحف, والترمومتر الذي يقاس به توزيعها ارتفاعا وانخفاضا.. لهذا أسعدني كثيرا ألا تتوقف عظات البابا شنودة, حتي ولو كان في حجرة بمستشفي علي بعد آلاف الأميال.