وافق مجلس الشعب علي تعديل قانون الانتخاب لمجلس الشعب,والذي يتم بمقتضاه إضافة 64 مقعدا للمرأة تمثل نسبة 11% من مقاعد البرلمان,لإقراره وتطبيقه في الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل بالنظام الفردي,نصفهن من العمال والفلاحين,علي أن يكون التنافس في 32دائرة انتخابية في 28محافظة تقتصر علي المرأة فقط,وبموجب التعديل المقترح ستتم إضافة المقاعد المخصصة للمرأة إلي إجمالي عدد المقاعد الحالية للبرلمان…كيف استقبل الحقوقيون والمدافعون عن قضايا المرأة والمهتمون بالحياة النيابية في مصر هذا القانون.
في البداية تحدثت الأستاذة هالة عبد القادر رئيسة المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة عن تخوفها من الاختيار,فرغم وجود سيدات لهن أدوار بارزة في المجتمع تتخطي هذا العدد ولكن بدون معايير محددة والاعتماد علي المراكز ستأتي النتيجة عكسية,فيجب وضع معايير محددة لتكون النساء المرشحات فاعلات,خاصة بالنسبة لقضايا المرأة في الأحزاب والجمعيات الأهلية والمجالس المحلية,لذا لابد علي التركيز علي فكرة المعايير,كما تري أن الأحزاب ليست قوية بالقدر الكافي حتي نعتمد عليها فقط,رغم أن لديهم دور يجب الوفاء به فيجب علي الأحزاب عمل حالة من إعادة تصحيح للجان المرأة بداخلها بأن تجعل عنصر الشابات يحتل مساحة أكبر مع تنظيم دورات التوعية السياسية بشكل مستمر,حيث تؤكد أن للمرأة دور أساسي في عمل حراك داخل المجتمع بشكل عام والأحزاب بشكل خاص.
أما عن التصور حول الانتخابات المنحصرة فقط علي النساء تري هالة عبد القادر أنه سيوجد دعم من النساء لبعضهن وعلي الرجال أيضا مساندة النساء ودعمهن للمشاركة بفاعلية,وأن يعلموا جيدا أن هؤلاء النساء لم يدخلن المجلس للمنافسة بل للمشاركة والدعم في السياسات المطروحة وهذا لمصلحة المجتمع ككل.
وحول أن تكون هذه التجربة لدورتين برلمانيتين قالت: لننتظر حتي نري ماذا ستكون نتيجة هذه التجربة ثم نحكم عليها,فإن استقر الأمر وبدأت مشاركة المرأة في النمو ستكون فترتين مدة كافية ولكن إن لم يحدث التغيير المطلوب حينها نطالب بفترة أخري. وإن كنا نتخوف من تقسيم الدوائر التي تري أنه سيكون غير عادل فسنجد خلل وتخبط وعدم توازن في بعض الدوائر كما سنجد صراعات عنيفة في الدوائر الأخيري الغير خاصة بالمرأة عند دخول المرأة للترشيح بها,لذا تري وجود خططا دقيقة لكل خطوة نقوم بها لعدم حدوث أية أخطاء تؤثر علي نجاح التجربة. وأخيرا تتمني أن يكون الاختيار ليس عشوائيا,وإنما اختيار للأفضل لتمثيل المرأة تمثيل حقيقي وليس صوري.
أما جورجيت قليني-عضوة مجلس الشعب والمجلس القومي للمرأة فتقول: لقد قمت بإعداد مشروع قانون منذ 9سنوات خاص بزيادة تمثيل المرأة لتقديمه للمجلس,ولكنه لم يناقش حتي الآن. وكان يلزم الأحزاب بتقديم نسبة لا تقل عن 15% من النساء في الانتخابات وإذا لم يطبق الحزب النسبة لا يستفيد من الإعفاءات,ولكن عندما قدم هذا المشروع وجدت أنه قدم أكثر مما تقدمت به.
وحول دعم المرأة وإعدادها في المجلس القومي للمرأة قالت: قام المجلس بعمل دورات تدريبية منذ عدة سنوات لسيدات من 10 أحزاب مختلفة. ولكنها تري أنه بالرغم من أهمية التدريب إلا أن دخول مجال العمل والاحتكاك نفسه يدرب بشكل كبير علي الأداء الجيد بالمجلس.
وتتساءل الدكتورة إبتهال رشاد الباحثة في مجال المرأة والنوع الاجتماعي وحقوق الإنسان هل سيسمح للأحزاب بعدد محدد من هذه المقاعد؟ لذا فهي تري أننا نحتاج إلي نظام انتخابي يقضي علي أسباب عدم مشاركة المرأة والأحزاب,والقضاء علي المعوقات أمام المشاركة بشكل عام ومشاركة المرأة بشكل خاص,مع عدم تصنيف المرشحين بل فتح الباب للمشاركة الحقيقية والممارسة الفعلية,ثم نستطيع بعد ذلك تحليل التجربة.
أما الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي بجامعة عين شمس فقال: يشبه القرار بالدواء المر -فالشئ الطبيعي أن الناس تختار من يمثلها بشكل حر هذا هو الأصل في الاختيار. لكن نحن لاحظنا أنه لا يوجد إقبال علي انتخاب السيدات حتي من قبل بعض السيدات أحيانا,ولذلك اتجهنا إلي ما يسمي بـ التمييز الإيجابي,فالمصريون أصبحوا مجبرين علي اختيار أحدهن. ولكني لا أستطيع أن أقول إنها خطوة للوراء بل هي شكليا خطوة للأمام,ولكنها تحتاج إلي ثقافة مساندة,بمعني أن السيدات عندما أخذن حق التصويت انتخبن الرجال,فماذا سيكون الأمر حينما تصبح الانتخابات بين النساء فقط؟!. لذلك علينا أن نشجع علي وجود ثقافة متحررة تشمل النساء والرجال معا,ونقوم بإزالة الفوارق وهنا نستطيع أن نقبل علي إزالة النسبة المحددة للنساء بعد تغيير الثقافة السائدة حاليا.
أما بالنسبة لكون هذه الدوائر مغلقة علي السيدات فقط فهذا الأمر لن يؤثر علي الناخبين,وبالنسبة للسيدات المرشحات أنفسهن فستكون بينهن منافسة عادية مثلما يحدث في أية انتخابات,فتصبح المنافسة بين الاتجاهات,ولا تؤثر في شئ علي المرشحات علي المستوي النفسي.
وللأحزاب دور
وحول رأي سيدات الأحزاب ومدي القدرة علي المشاركة تحدثنا مع الأستاذة عواطف والي مساعدة رئيس حزب الوفد وعضوة الهيئة العليا التي قالت: يستطيع حزب الوفد المشاركة بعدد كبير من القيادات النسائية في القاهرة والمحافظات ممن لديهن الخبرة في العمل السياسي والميداني,وعلي سبيل المثال لقد تم ترشيح 8سيدات في انتخابات مجلس الشعب عام 2005,كما أننا في الحزب لدينا معهد سياسي للتدريب أنشأوه الدكتور إبراهيم أباظة والآن يرأسه الدكتور وحيد عبد المجيد عضو الهيئة العليا ومساعدته الدكتورة كاميليا شكري نائبة مدير المعهد,فلدينا تدريبات مستمرة للشباب ولكن الأهم هو الممارسة العملية.
وتضيف,ولكن السؤال الآن هل سنأخذ فرصة حقيقية دون بلطجة وأنشطة دعائية مكلفة وتعد غير مقبول والمنع من الانتخابات والتركيز علي المصالح الخاصة؟,فإذا انتهي كل ذلك تستطيع النساء المشاركة بشكل مشرف للجميع.
تحدثت الأستاذة فتحية العسال رئيسة الاتحاد النسائي التقدمي بحزب التجمع,ورئيسة جمعية الكاتبات المصريات عن القرار: أنه مجرد خطوة أولي وليست أقصي أمنياتنا,فنحن نريد أن يكون للمرأة دورا أكبر في المجالس النيابية بمجهوداتها وليس بفرض نسبة لها,وينبغي أن يؤثر ذلك في إقرار بعض القوانين المتعلقة بشئون المرأة والأسرة بشكل خاص. كما ستسعي النساء لزيادة تمثيلهن في عدة مواقع أخري كالقضاء علي سبيل المثال. وهذا لا يعني أن الدفاع عن حقوق الرجل داخل المجتمع ليس مجالا لاهتمامهن,فالمرأة ليست بمعزل عن الرجل وليست عدوة له,بل ستعمل المرأة من أجل صالح الأسرة والمجتمع ككل.
وتؤكد العسال علي أهمية دور الأحزاب السياسية في ترشيح سيدات لمجلس الشعب,بحيث تدفع بعدد من السيدات اللواتي لديهن وعي سياسي وثقافي واجتماعي,وقادرات علي التعامل مع الناس ومشاكلهم,وتحديد برنامجهن الانتخابي,وعلي هذا الأساس سيقوم حزب التجمع باختيار السيدات اللواتي سبق لهن النجاح في المحليات في دوائرهن,وعلي دراية بالتجربة الانتخابية وترشيحهن علي هذه المقاعد.
وطالبت العسال بأن توفر الحكومة للمرشحات كل الإمكانات حتي يجتزن انتخابات ديموقراطية بمعني الكلمة من مبادئ علي رأسها تقييم الدعاية بعمل سقف للصرف في الدعاية الانتخابية بدلا من أن تصبح الانتخابات شكلا من أشكال التعبير الرأسمالي.
عدم الدستورية مردود عليها
وحول رأي البعض بعدم دستورية القانون الذي أكده الأستاذ محمد منيب المحامي والخبير بالجمعيات الأهلية الذي قال: إنني من حيث المبدأ مع تمثيل المرأة بشكل إيجابي ومحترم ولكن نظام الكوتة ليس النظام الأمثل لمشاركة النساء بل هو فرض لمثل هذا الاختيار للمواطنين,خصوصا مع تحديد عدد مقاعد بعينها في دوائر بعينها وهو أمر غير دستوري أو قانوني,لأنه يسمح لفئة من المواطنين دون غيرها بحصة من المقاعد في المجلس النيابي بمعايير الجنس,أي لأنها امرأة وليس لأنها مواطن,والأصل في الدستور أن مجلس الشعب أي البرلمان يتم الانتخاب فيه علي أساس أن كل المواطنين يتقدمون للترشيح تتوافر فيهم كل الشروط بغض النظر عن الجنس,لذا أي تعديل يتم بناء علي تمييز ديني أو جنسي أو لوني فهو غير دستوري.
ويضيف أن الموضوع بحاجة إلي تغيير سلوك وثقافة مجتمع حتي يمكن اختيار الأصلح بينهم دون تفرقة بسبب الجنس. أما أن نعرض نسبة محددة لصالح شريحة اجتماعية معينة ليس الحل الأنسب لتمثيل المرأة في البرلمان.
فمسألة وجود المرأة والحق في المشاركة في الحياة العامة هي مسألة مرتبطة بثقافة المجتمع وتهيئة مناخ مختلف تنحدر منه قيادات نسائية في أجواء صحية ولا يفرض عليها أي نماذج فهذه إساءة للمرأة نفسها لذا فنظام الكوتة هو نظام معيب ولا يحقق أية أهداف. فمن الواجب أن يسبق مشاركتها في الخوض في هذه المعارك باعتبارها الأنسب والأكثر كفاءة وقدرة وليس بوصفها امرأة بل كمواطن صالح يشارك في صنع القرار ومستقبل البلاد.
وترد الأستاذة إبتسام حبيب عضوة مجلس الشعب أن الطعن في القرار بعدم الدستورية غير وارد فبعد تعديل المادة 62 لتكون ظهيرا دستوريا لأي قانون يكفل تمثيل مناسب للمرأة,كما أن نص المادة 11 من الدستور والتي تعتبر أيضا حصن دستوري,والتي تتضمن أن تكفل الدولة المساواة بين الرجل والمرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتلزمها,بذلك سواء تنهض بالمرأة لمساواتها بالرجل وهذا ما كفله القانون من تمييز إيجابي للمرأة والتي تعتبره تمييز تعويضي.
وتؤكد أنه علي الدولة إيجاد تدخل تشريعي لمكافحة جميع أنواع البلطجة والمنافسة غير الشريفة وعلي الأحزاب أن تفرض كوادر نسائية والتي تتمتع بمشاركة وفاعلية في دائرتها الانتخابية.
وأنهت النائبة بأن الدور الآن علي الناخب بأن يكون علي درجة كبيرة من الوعي ويتم الاختيار بالكفاءة وليس لأية مرجعية أخري,وتبقي الأهمية الكبري علي رفع نسبة التمثيل الكيفي حتي لا ينتهي الأمر بمجرد زيادة عددية.
ولمعرفة المزيد حول دستورية القرار تحدثنا مع الدكتور يحيي الجمل أستاذ القانون الدستوري الذي قال: إن التعديلات الدستورية الأخيرة تسمح بهذا القرار ولا توجد شبهة بعدم دستوريته,ولكن القضية أن لو وجدت حياة سياسية حقيقية أو أحزاب سياسية حقيقية لما أصبحنا في حاجة إلي تعديل المواد الدستورية وكنا نحتاج إلي تفصيل نصوص لمواجهة أغراض وحجج.
وحول قول البعض بعدم الدستورية للتمييز أجاب: إن المواطنين في مصر بالفعل ليسوا سواء أمام الدولة أو القانون فلماذا التعجب؟!.