الوضع الاجتماعي في المنطقة العربية غير النفطية سيكون وثيق الصلة بالوضع الاقتصادي في دول النفط . وهذا ليس بالأمر المفاجئ ولا المستغرب .
فمعظم دول المشرق, من مصر إلي سوريا, ومن لبنان إلي الأردن, ترسي ميزانياتها علي تحويلات مواطنيها العاملين في بلدان مجلس التعاون الخليجي وعلي السياح الخليجيين, كما علي المساعدات من دول المجلس .
وبما أن دول الخليج ستكون منشغلة في العام 2010 في مواصلة الجهود لترتيب بيتها الداخلي بهدف تجنب السيء في الأزمة الاقتصادية العالمية بعد أن نجحت في تجنب الأسوأ في ,2009 فسيتعين علي دول المشرق أن تستعد في السنة الجديدة للاعتماد علي الله ثم علي نفسها لاستيعاب أي اضطرابات اجتماعية معيشية محتملة .
هذه الاضطرابات ليست مؤكدة . لكنها بالنسبة إلي اليمن والعراق وإيران تبدو محتومة .
فاليمن, الذي تحول أصلا إلي ##دولة فاشلة## عقب اندلاع ثورات تجد جذورها الحقيقية في الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية في الشمال الحوثي والجنوب الانفصالي, سيكون علي موعد في العام الجديد مع المزيد من الاضطرابات المتفاقمة .
والعراق سيتراقص هو الآخر علي شفير انفجارات مذهبية وعرقية واجتماعية جديدة, إذا ما أسفرت الانتخابات البرلمانية المقبلة في مارس عن إعادة إنتاج الصيغ الطائفية القديمة, أو إذا ما انتقل التنافس علي تناتش النفط في كركوك والموصل من اللعبة السياسية إلي الألعاب النارية .
أما إيران فهي ستمضي قدما في 2010 نحو استكمال الفرز الاجتماعي – السياسي بين طبقة وسطي باتت ثورية وتغييرية إلي حد كبير غداة الانتخابات الرئاسية الكارثية في يونية 2009, وبين طبقات فقيرة تبدو سعيدة بعطايا السلطة المادية المباشرة وبأيديولوجيا الآخرة التي تبشر بها هذه الأخيرة .
بيد أن الفقراء قد يلحقون بالمتوسطين إذا ما أدت العقوبات الدولية المتوقعة علي إيران في الشهور الأولي من 2010 إلي فرض حالة طوارئ اقتصادية تقشفية في البلاد لن يكونوا(الفقراء) قادرين علي تحملها .
هذه الدول الثلاث, أي اليمن والعراق وإيران, يتوقع أن تكون نجوم الاضطرابات الاجتماعية – السياسية في 2010 في الشرق الأوسط الإسلامي, جنبا إلي جنب مع احتمال حدوث تغيرات أو تمزقات واسعة النطاق فيها .
بيد أن مضاعفات ما يجري في هذه الدول الثلاث المأزومة لن يبقي محصورا داخل أسوارها الداخلية . فالأزمة اليمنية, علي سبيل المثال, تحولت أصلا إلي أزمة إقليمية دولية في 2009 .
وبدورها, الأزمة العراقية ستكون كالثقب الأسود الذي سيبتلع العديد من دول المنطقة, إذا ما انفجر الوضع بسبب عجز رئيس الوزراء نور المالكي عن تحقيق وعوده بنقل البلاد من أتون الصراعات الطائفية إلي نعيم التنافسات الوطنية والديمقراطية .
وبالطبع, إذا ما عطس النظام الإيراني خلال الشهور القليلة المقبلة, فلن تستطيع القوي العربية الحليفة له في لبنان وسوريا وفلسطين تجنب الإصابة بالزكام .
بيد أن إيران قد تشذ عن بقية ركب الدول المرشحة للاضطرابات الداخلية, من حيث أنها قد تنغمس في 2010 في حماة حرب خارجية كبري في طول المنطقة وعرضها .
* الخليج الاماراتية