يحتشد الكتاب الذي نعرضه لك عزيزنا القارئ بنماذج مشرفة وقامات كبيرة وشخصيات مهمة في تاريخنا الحديث المعاصر من أعلام الفكر العربي.. حرص المؤلف علي تقديمها كنماذج يمكن الاقتداء بها والتعلم من مسيرتها.. ومن بين تلك الشخصيات الرائدة نقدم لك هذه النماذج:
إن حياتي من أجل أكل العيش لا معني لأنها مجرد استمرار.. هذه العبارة وردت في كتاب أكل عيش للدكتور مصطفي محمود وفي قصة من ذات الكتاب يتحدث الكاتب عن الدشت البشري.. الذي يملأ الأرض لا يقدم فيها ولا يؤخر والهدف من الإشارة للمعني السابق هو التأكيد علي أن الأعلام الذين يتحدث عنهم بكتاب مصور أعلام الفكر العربي بأجزائه.. قد أدركوا منذ حداثتهم. أنهم يجب أن يكونوا إضافة لمجتمعاتهم.. وبالفعل كانوا كذلك وكتبت أسماؤهم بحروف من نور في سجل الخالدين ولو بدأنا بمحرر المرأة قاسم أمين لوجدنا أنه في عمره القصير 43 عاما كان كاتبا متمكنا وقاضيا مبدعا درس الفقه والحديث والتصوف ثم درس القانون في جامعة مونبيليه بفرنسا ثم عاد ليعمل بالنيابة والقضاء ثم أصدر كتابه الأشهر تحرير المرأة عام 1899 ثم المرأة الجديدة عام 1906. وخاض عدة معارك حتي وفاته.. ولو انتقلنا إلي مي زيادة تلك الفتاة اللبنانية التي ولدت عام 1886 وأصدرت ديوانها الأول عام 1911 وعنوانه أزهار الحلم باللغة الفرنسية ثم بدأت تكتب باللغة العربية عام 1915 وتتلمذت علي يد أحمد لطفي السيد ونشرت إنتاجها كأديبة في جريدة المحروسة ومجلة الزهور.. ثم كان صالونها الأدبي الذي ضم وقتها طه حسين والعقاد والرافعي.. وبعد أن قدمت للأدب الكثير وللمكتبة العربية ما يزيد علي 12 كتابا ماتت وهي بعد في سن الشباب.. أما معجزة عصره أبوالقاسم الشابي فقد ولد في تونس عام 1909 وتخرج في مدرسة الحقوق التونسية ليبدأ – وهو صبي صغير – نظم الشعر العمودي علي غرار الشعراء القدامي.. ولقد تزعم شاعرنا اللجنة الوطنية في مدرسة الحقوق التونسية وهو بعد في التاسعة عشر من عمره.. وبعد حياة حافلة وفي سن الـ 30 مات شاعرنا والذي نحفظ جميعا بيت الشعر الخالد الذي قال فيه:
إذا الشعب يوما أراد الحياة… فلابد أن يستجيب القدر
أما ملك حفني ناصف المشهورة بباحثة البادية فهي كبري بنات العلامة الكبير الشاعر حفني ناصف وقد ورثت عنه حب القراءة فأصبحت مع الوقت كاتبة وشاعرة وخطيبة مفوهة وفي عام 1903 حصلت علي دبلوم المعلمات وعملت بالتدريس من عام 1903 إلي 1907 وقد تبنت قضية المرأة وبعد حياة حافلة بالإبداع الأدبي توفيت عام 1918 وهي في سن الثلاثين.. أما الأديب محمد تيمور ففي عمره القصير البالغ 29 عاما سافر إلي باريس ليدرس القانون وهو بعد في سن 20 سنة وعشق المسرح والتمثيل وانضم عام 1914 لجمعية أنصار التمثيل وقد كتب 4 مسرحيات ما بين عامي 1918, 1920 مثلتها فرق عبدالرحمن رشدي وعزيز عيد وبديع خيري.. وأصدر مجموعة قصصية بعنوان ما تراه العيون.. وبعد حياة حافلة توفي – كما أسلفنا – في عمر الزهور.
أما خالد الذكر.. سيد درويش فقد ولد في كوم الدكة بالإسكندرية وعشق الأناشيد والأغاني ومات والده وهو بعد في سن السابعة عشر ليعاني الفقر والحرمان لكنه جود القرآن في الثالثة عشر.. ثم صار يغني في الأفراح.. ثم عمل في المعمار ثم سافر للشام للغناء وعاد لمصر عام 1912 وكانت الانطلاقة التي جعلت العالم العربي وحتي الآن يردد ألحانه مثل أنا هويت – الحلوة دي – شد الحزام – الموظفين – يا بلح زغلول…. إلخ وعلي الرغم من عمره القصير إلا أن ألحانه أصبحت منذ ظهورها وحتي الآن جزءا من الوجدان العربي.. وماذا نقول عن الزعيم مصطفي كامل الذي رغم عمره القصير 34عاما فقد ألهب الشعور الوطني مقاوما الاستعمار.. ومات في ريعان الشباب و.. والكتاب يعرض بشكل موجز وبأسلوب رشيق للأستاذ سعيد جودة السحار ولوحات معبرة للفنان الكبير جمال قطب.. لحياة 130 شخصية أخري غير ما أشرنا إليه في هذه العجالة ونعود للسطور الأولي من هذا التقديم لنقول إن مكتبة مصر أنها أصدرت هذا المؤلف لتثبت أن خلود المرء في ذاكرة الزمان لا يقاس بسنين عمره.. بل بحجم عطائه.