تشهد مصر أشرس حرب استقطاب سياسي بين التحالفات الانتخابية, ففي الوقت الذي أعلن فيه حزب التجمع التقدمي الوحدوي الانشقاق عن التحالف الديموقراطي الذي ضم34 حزبا منها أحزاب الحرية والعدالة والوفد والناصري والنور والعدل, وأسس تحالف التكتل الجديد الذي ضم 14 حزبا بينها المصريين الأحرار ومصر الاشتراكي والمصري الاجتماعي, بدأت في الأفق عمليات تشظي جديدة واستقطاب واسع, أعلن حزب العدل, أحد أحزاب التحالف الديموقراطي, عن تأسيس كيان جديد أطلق عليه قائمة الطريق الثالث لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.
اعتبر حزب العدل القائمة الجديدة أو الطريق الثالث هو تدعيم للتيار الوسطي المصري في مواجهة ما وصفه بالاستقطاب السياسي بين التحالفات الانتخابية, في إشارة إلي تحالفي ##الكتلة المصرية##و## التحالف الديموقراطي من أجل مصر##.أكد حزب العدل أنه لا يغلق الباب في وجه أي حزب أو قوة سياسية تلتقي أفكارها معه. وتقرر الترشح علي قائمة الطريق الثالث والتي ستخوض الانتخابات بنظام الفردي والقائمة في عدد من الدوائر, وسيتم تحديده بعد الانتهاء من إقرار النظام الانتخابي ورسم حدود الدوائر الانتخابية بشكل نهائي, ودعا الحزب شرفاء الوطن من المستقلين والشخصيات العامة أن ينضموا إلي القائمة للحد من حالة الاستقطاب ورفع شعار ##مصر أولا##.
أشار الدكتور مصطفي النجار عضو الهيئة التأسيسية للحزب إلي أن هذا القرار جاء بعد الاستقطاب السياسي وتزايد خطابات التخوين وتناحر القوي السياسية واختلافها الذي لم يكن أبدا في صالح مصر ولا في صالح الثورة, وأرجع قرار تشكيل التحالف الجديد إلي إيمانه بضرورة أن يجد المواطن المصري طريقا ثالثا بعيدا عن معسكرات الاستقطاب السياسي التي تحصر اختيارات المواطن وتفرض عليه ألوانا أيديولوجية معينة لا تعالج مشكلاته ولا تقترب من همومه أو أفكاره كما لا تعبر عنه, وتمكينا لشباب الثورة أن يكونوا جزءا فاعلا من التركيبة السياسية القادمة للمجالس التشريعية بعيدا عن سيطرة وهيمنة القوي السياسية التقليدية, إضافة إلي احتياج مصر إلي تجديد الدماء وفتح شرايين حياة جديدة في ساحة العمل العام, في وقت ينتظر المواطن وجوها جديدة ترسخ معني التغيير وتعبر عن مصر بعد الثورة لتساعد في دعم مسيرة البناء وإرساء قواعد الاستقرار الذي ينشده الشعب.
وذكر النجار أن حزبه كان ومازال يرغب في أن تعمل جميع القوي والأحزاب السياسية من أجل خروج برلمان توافقي للنور يعبر عن مصر في هذه اللحظة الاستثنائية بعد نجاح الثورة وبداية عهد جديد.
أوضح بقوله قائمة الطريق الثالث ستضم عددا من الشخصيات السياسية المستقلة والبرلمانيين السابقين وعددا من الأحزاب الليبرالية والشبابية التي تأسست بعد ثورة 25 يناير . وطرح برنامج انتخابي وعدد من المشروعات لمعالجة المشكلات المصرية وهموم المواطن المصري.
أعلن عن عزمه تقديم برنامج انتخابي يتضمن برامج وخطط ومشروعات واضحة المعالم لمعالجة المشكلات الحقيقية والهموم الفعلية للمواطن المصري , مشيرا إلي رغبته في كسر المعادلة الانتخابية السائدة والارتقاء بالحوار السياسي ليتناسب مع حجم التحديات التي كللت بنجاح الثورة والتي تلزمه أن نقدم مشروعا حقيقيا لنهضة الوطن.
من جانبه أوضح الدكتور أحمد شكري أحد مؤسسي حزب العدل أنه سيتم الإعلان عن الأحزاب والشخصيات التي وافقت علي خوض الانتخابات تحت عباءة قائمة الطريق الثالث . ويتوقع أن تكون الغلبة في إعداد المستقيلن الذين خاضوا تجارب انتخابية سابقة وأبدوا موافقتهم علي الانضمام لهذا التحالف .
وأوضح أن هناك حالة من الاستقطاب المتصاعد بين التيار الإسلامي والتيار المدني منذ الاستفتاء الدستوري ومعركة نعم ولا, ومرورا بمعركة الدستور أولا أم الانتخابات أولا, وانتهاء بمعركة المبادئ فوق الدستورية والأزمة المفتعلة حول هوية الدولة المصرية. وكل هذه المعارك التي تمهد لمعركة انتخابية بين تحالفين الأول سيوصف بأنه تكتل إسلامي والآخر- سيوصف شاء أم أبي- بأنه تكتل علماني, بما تحمله كلمة علمانية من مدلولات سلبية عند غالبية المصريين, أما تحالف الطريق الثالث يوجد حالة وسطية واعتدال .
وأضاف أن التحالفين القائمين يضم كل منهم كتل سياسية متناقضة في برامجها السياسية , وانتقد دور الأحزاب القديمة التي كانت قبل الثورة , وأطلق عليها أحزاب كرتونية . موضحا أن الأحزاب الجديدة وجدت طريقها في الشارع وحصلت علي آلاف التوكيلات في أغلبية المحافظات.
ومن أوائل الأحزاب التي أعلنت عن تأييدها تحالف الطريق الثالث هو حزب مصر العربي الاشتراكي. وقال وحيد الأقصري رئيس الحزب العربي: لم ينضم لأي تحالف بعد, لكننا نتفق مع ##قائمة الطريق الثالث##, التكتل الجديد الذي دعا إليه حزب العدل. وأننا سننضم إلي هذا التحالف خاصة مع وجود تكتلات كثيرة وتحالفات كثيرة وقوية ستتنافس علي الانتخابات القادمة.
انتقد الدكتور حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية كل التحالفات التي أعلن عنها. وقال عنها إنها دليل إفلاس سياسي للأحزاب التي تتحالف, حيث إنه يفترض أن يسعي كل حزب لحصول الأغلبية علي المقاعد في البرلمان وبالتالي تشكيل الحكومة , كما أن التحالفات لها شروط رئيسية, فمجموعة الأحزاب التي تشكل التحالفات هشة وصغيرة, وكون أنها تتحالف يعني أنها لا تمتلك برامج سياسية تستطيع أن تقنع به الناخب المصري . مما ينبه أنها تحالفات إعلامية وليست علي الساحة الواقعية السياسية .
ويذكر أن الأحزاب الجديدة إذا دخلت في تحالفات تطمس شخصيتها السياسية, لأنها تحالفات ينبغي أن تتم بين أحزاب قديمة لها شخصيتها الواضحة لا تتأثر ببرامج باقي الأحزاب , كما أنه يتم في ظرف سياسي ووقت لتضمن أغلبية مطلقة, وليس من المنطقي أن تتحالف أحزاب قبل الثورة مع أحزاب بعد الثورة. أن التحالفات التي تمت في فرنسا بين الاشتراكيين والشيوعيين في اوائل الثمانينيات . عمل الحزبان برنامجا انتخابيا مشتركا. فنجح التحالف وشكل الحكومة , لكن حتي هذا التحالف لم يستمر طويلا .
وانتقد الدكتور حازم حسني بشدة التحالف الديموقراطي الذي قام بتشكيله حزبي الوفد والحرية والعدالة الزراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين, مشيرا إلي ضرورة أن يكون لأي تحالف حد أدني من المبادئ المشتركة لصياغته في ## برنامج مشترك ##.لكن ليبرالي كحزب الوفد عندما يتحالف مع حزب إسلامي نوع من التهريج السياسي وانتحار لحزب الوفد ولذلك لايعتقد نجاح تلك التحالفات, ولن تصل إلي شئ . وكلها تصب في خدمة التيار الديني .