+زيارة مريمية:-
فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلي الجبال إلي مدينة يهوذا. ودخلت بيت زكريا وسلمت علي أليصابات(لو1:39-40) إنها زيارة فيها شجاعة إذ لم تخف العذراء مريم من هول الجبال ولا مخاطر الطريق بل إيمانها القوي جعلها تذهب بسرعة وكأن صوت النبي داود لسليمان ابنه في أذنيها مخاطباتشدد وتشجع واعمل لا تخف ولا ترتعب لأن الرب الإله إلهي معك لا يخذلك ولا يتركك حتي تكمل كل عمل خدمة بيت الرب(1أخبار28:20) فذهبت السيدة العذراء إلي جبال يهوذا وهي واثقة في كلمات الرب التي وعد بها قائلا:أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك(إش41:13) فنعم الإعانة التي جعلت العذراء مريم تقوم بزيارة تحمل بين طياتها الوداعة المريمية الجميلة فبعد أن أعلمها الملاك أنها سوف تكون أم المسيا المنتظر تصعد بدرجة أعلي إلي كرسي الوداعة وتذهب هي إلي أليصابات العجوز لكي تقدم لها التهنئة بالخبر السعيد ولكي تكون بجوارها وتقدم لها ما تحتاج إليه من خدمة وهي كلها إيمان بوعود الله مؤكدة قول الرسول عن إيمان إبراهيم أب الآباءولا يفلح إيمان ارتاب في وعد الله بل تقوي بالإيمان معطيا مجدا الله. وتيقن أن ما وعد هو قادر أن يفعله أيضا(رو4:20-21).
+ونماذج روحية:
فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت أليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي. فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني فطوبي للتي أمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب. فقالت مريم تعظم نفسي الرب(لو1:41-46) كانت زيارة أمنا العذراء لأليصابات نموذجا حيا يجب أن يحتذي به كل زائر وزائرة فالمقدمة كانت سلاما والموضوع هو تمجيد اسم الرب والشهادة أن الجنين الموجود في بطن العذراء هو إله والخاتمة كانت تعظيم اسم الرب وتسبيح جميل علي عطاياه فالزيارة كانت نموذج للقاء القديسين الذي يجب أن نتعلمه وننتهجه في كل زيارتنا بعيدا عن مسك السيرة والغيبة والنميمة المفرطة التي تأخذنا إلي تيار العثرات والمشاكل لقد كانت صورة حية للحب وكيف يكون كما علمنا الكتاب قائلامن يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن الظلمة أعمت عينيه(1يو2:10-11) أنها نماذج حب وسلام ولقاء قديسين وتمجيد للرب والشهادة له عبر عنها مزمور القداس فقالالرحمة والحق التقيا والعدل والسلام تلاثما, الحق من الأرض أشرق والعدل من السماء تطلع(مز85:10-11).
+ونهاية ضرورية:-
فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ثم رجعت إلي بيتها (لو1:56) الرجوع كان نهاية طبيعية لخدمة الإنسانية التي تحتاج إلي خدمة فكل عمل له بداية ونهاية فهكذا قال سابقا الرسول عن زكريا الكاهنولما كملت أيام خدمته مضي إلي بيته(لو1:23) والآن يقول عن أمنا العذراء إنها رجعت إلي بيتها فالعبرة هنا أن يكون الرجوع بعد أن يكمل الإنسان كل ما هو مطلوب منه في خدمة الإنسانية فياليت كل إنسان يضع أمام عينيه هذه الكلمات التي تهز الكيان وهي مهما طال الزمان وبعد المكان فالرجوع حتمي لا مفر منه ولكن يجب أن تكون النهاية مثمرة فهي خير من البداية كما يقول الكتابنهاية أمر خير من بدايته طول الروح خير من تكبر الروح(جا7:8) لذلك طلب النبي في المزمور قائلا:علمني يارب طريق فرائضك فأحفظها إلي النهاية(مز119:33) فلماذا إذن يتمسك الناس بالعالم ومشاكله وكأنه دائم لا يزول.
مع أن الكتاب يحذرنا علي فم الرسول بقولهلا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم, إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب, لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته معه, وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلي الأبد(1يو2:15-17) إذن تذكر يا عزيري أن هناك نهاية ضرورية تنتظرك فاستعد لها وأحضر ما تحمله معك في الطريق إليها. وإلي اللقاء في عظة الأحد المقبل مع إصرار…وأسرار…وفرار.
[email protected]