عقب الإعلان عن تشكيل الوزارة الجديدة بدأ اللواء محمود وجدي وزير الداخلية -الذي حل بديلا للواء حبيب العادلي الوزير السابق- إعادة ترميم أقسام الشرطة التي تم تدميرها وحرقها وتخريبها أثناء انتفاضة يوم جمعة الغضب يوم 28 يناير حيث بدأ رجال الشرطة العودة إلي مواقعهم وأعطي الوزير الجديد تعليماته لرجال الشرطة بوضع سياسة جديدة تتفق مع مباديء الدستور وحقوق الإنسان وتنفيذ دورات لتأهيل الضباط نفسيا وحقوقيا.. طرحت وطني عدة إشكاليات في هذا التحقيق حول الفوضي الأمنية والانسحاب الأمني الذي حدث يوم جمعة الغضب وهروب الآلاف من سجون المحافظات بعد اختراقها.. فمن المسئول؟ وكيف يمكن إعادتهم؟ وكيف يمكن إعادة الثقة من جديد بين الشعب والشرطة بعد هذه الأحداث؟ وماذا عن ملفات المتهمين التي حرقت أثناء الأحداث بالأقسام والمحاكم؟
اختراق السجون والأقسام؟
تعرضت تقريبا أقسام القاهرة والجيزة والإسكندرية والفيوم والسويس جميعها للحرق فيما تم تدمير وهروب السجناء, وبعضهم من سجون دمو بالفيوم ووادي النطرون طريق إسكندرية القاهرة وأبو زعبل وقنا العمومي وطره والقطا وسجن المرج وسجن المنيا وتم الاستيلاء علي الأسلحة والذخيرة بجميع الأقسام, ومازال البحث جاريا لضبط السجناء والخارجين عن القانون الذين بحوذتهم هذه الأسلحة حيث قام بعض السجناء بتسليم أنفسهم استجابة لدعوة القوات المسلحة في حين إلقي المواطنون القبض علي البعض منهم, والشرطة العسكرية القبض علي آخرين حيث وصل عدد السجناء المقبوض عليهم حتي مثول الجريدة للطبع -إلي خمسة آلاف سجين.. ونجحت قوات الجيش في إحباط محاولة اقتحام سجن الحضرة بالإسكندرية بعد تبادل إطلاق النار بين قوات الجيش وخارجين عن القانون, وإحباط محاولة اختراق سجني أسيوط العمومي وطنطا العمومي, في الوقت نفسه قام البلطجية في عدد من المحافظات ببيع أسلحة وذخيرة الشرطة التي تم سرقتها في عدد من المحافظات ومنها الإسكندرية والسويس حيث وصل سعر الطبنجة الميري إلي 500 جنيه رغم أن ثمنها الحقيقي يتجاوز أكثر من ثلاثة آلاف جنيه.
أكد مصدر أمني بمديرية أمن الجيزة رفض ذكر اسمه أن تعليمات صدرت لجميع أفراد الشرطة بالانسحاب عقب الانتفاضة بعد تزايد أعداد المتظاهرين الضخمة أمام العدد القليل لأفراد الشرطة, مشيرا إلي أن أقسام الشرطة جميعها تم مهاجمتها وأن استمرار رجال الشرطة كان سينتج عنه مذابح بين أفراد الشرطة والمتظاهرين, لذا فضلت أجهزة الشرطة الانسحاب حقنا للدماء مؤكدا أن أفراد الشرطة ينفذون التعليمات.
وقال اللواء السابق رضا يعقوب إن هناك قصورا أمنيا من قادة الشرطة لأن الهروب الأمني جاء بمثابة خيانة للوطن ويجب تقديم المسئول عنه للمحاكمة والتحقيق فيه من قبل وزير الداخلية الجديد للكشف عن العناصر المتورطة في سبب الانسحاب والانفلات الأمني وفتح السجون وهو أمر ليس بالسهل لأن السجون توضع لها خطة ضد حالات الطوارئ والهروب وهو أمر مخطط لضرب مصر, مطالبا بضرورة القبض علي المجرمين في أقرب وقت وإعداد سياسة أمنية جديدة لإعادة الثقة مع المواطن.
حزب الله وحماس!
اتهم اللواء محمد عبدالفتاح عمر- رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب الأسبق جهات خارجية بالمسئولية عن عملية الانفلات الأمني وهروب السجناء من سجون مصر وبالتحديد حركة حماس الإسلامية وحزب الله ودلل علي ذلك بالتساؤل عن كيفية وصول العناصر الهاربة الذين ينتمون لحزب الله إلي حدود مصر خلال أربع ساعات بعد الهروب مؤكدا أن استهداف السجون عمل منظم ومعد مسبقا لاقتحامه مستغلين انشغال رجال الشرطة في التصدي للتظاهرات وفسر ذلك أن السجون يتم حمايتهما من خلال الخدمات الخارجية وعندما تم سحب عدد كبير من هذه الخدمات للشوارع تم تسهيل عملية الاقتحام لأن الحراسة بالداخل لا تكفي للتصدي للهجوم الضخم والعدد الضخم من المتظاهرين.
ملفات الشرطة محفوظة
ونفي اللواء شفيق فهيم مساعد وزير الداخلية الأسبق ضياع أي ملفات أو بيانات لأن جميع البيانات علي أجهزة الوزارة ومحفوظة في أسطوانات مدمجة وبالتالي من خلال هذه البيانات سوف يتم القبض علي الخارجين في أقرب وقت والأمن لديه الكفاءة في ذلك.
وحول إعادة الثقة بين الشرطة والشعب قال اللواء شفيق إن الوزير الجديد قام بعقد اجتماع مع جميع القيادات لإعادة وضع سياسة جديدة تقوم علي الاحترام المتبادل بين الطرفين وإجراء دورات تدريبية لإعادة تأهيل وتثقيف ضباط الشرطة للتعامل مع رجل الشارع وتصحيح الأخطاء, وبداية ذلك إعادة الشعار القديم الشرطة في خدمة الشعب.
أما الوفدي ميشيل ميلاد عضو مجلس محلي محافظة الفيوم قال إن ما تعرض له سجن الفيوم جاء بشكل مستهدف ومنظم من خلال جماعات مسلحة وتعمدوا القضاء علي ملفات وبيانات مهمة بمجمع المحاكم والنيابات بالفيوم وكانت هناك محاولات لاقتحام مديرية الأمن ومقر جهاز أمن الدولة ولكن تم التصدي لهم ولكن نجحوا في تدمير مقر أمن الدولة بإبشواي وتدمير جميع أقسام الشرطة, وأضاف أن سبب الهجوم واقتحام سجن الفيوم جاء بسبب هروب ضباط الشرطة خشية علي حياتهم بعد فشلهم في ميدان المعركة لقمع المتظاهرين فتم الاستيلاء علي الأسلحة وتم اقتحام سجن دمو وقتل اللواء محمد البطران مفتش عام السجون الذي كان في مهمة تفتيش داخل السجن وتم تهريب الآلاف ولكن الآن يتم إعادة ترميم السجن والأقسام وتم القبض علي أغلبية الهاربين.
وأضاف أن إعادة الثقة بين الشعب والشرطة بالفعل بدأ مع إعادة شعار الشرطة في خدمة الشعب بعد أن كان شعار الشرطة والشعب في خدمة الوطن أما النقطة الثانية فيجب القبض علي الخارجين علي القانون والبلطجية لنشر الأمان بين المواطنين أما النقطة الثالثة هي إعادة حسن معاملة الضباط للمواطنين من خلال احترام مصلحتهم والعمل من أجل الوطن وليس من أجل السلطة وأن تقف الشرطة علي حياد بين الحكومة والشعب وإلغاء قانون الطواريء وتنقية الجهاز من البلطجية والفاسدين.
تعزيز القانون
أما محمد زارع مدير منظمة حماية السجناء لحقوق الإنسان يرجع الانفلات الأمني إلي حدوث خطأ في الخطة الأمنية لأن جهاز الشرطة مكون من عدد من الوحدات حيث إن جميعها توجه لقمع المتظاهرين تاركين أماكنهم في بعض الحراسات مثل المتحف المصري الذي نهب, ووجه كل طاقة لقمع المتظاهرين, ولذا واجهت الحراسات داخل السجون صعوبة في التصدي للمتظاهرين لأن الخطة الأمنية فاشلة ولم ينجحوا في الصمود أمام العرب أو البدو مثل سجن وادي النطرون.
وأضاف أن تجاوزات الشرطة ضد الشعب جعلت الأوضاع تتراكم لحد سبب عداء شديدا من الشعب ضد الشرطة, ولذا نجد أن أي شخص بالشارع كان يبحث عن أي فرد أمن للتعدي عليه وهو ثار بين الطرفين نتيجة السياسات الخاطئة لجهاز الشرطة, مما جعل أفرادها يهربون تاركين المنشآت والأسلحة للهروب بحياتهم.
وأشار إلي أن هناك مشكلة كبيرة حيث خسر ضباط الشرطة ثقة المواطن وأصبحوا غير قادرين علي حماية أنفسهم.. والمشكلة تكمن في الفساد داخل جهاز الشرطة الذي أدي لكسر هيبته أمام المواطن نتيجة الرشاوي التي تؤخذ من المواطن, ولذا لإعادة الثقة أولا يجب رفع مرتبات أفراد الشرطة والخفر لتحقيق الاكتفاء الذاتي حتي لا يضطر لاستغلال وظيفته.. والنقطة الأخري يجب علي الشرطة الالتزام بالتحقيقات واتخاذ معايير النزاهة في التحري دون اللجود للعنف والتعذيب ومحاكمة الضباط الذين تثبت أخطاؤهم أو فسادهم لتعزيز الثقة لدي المواطن.. أيضا الالتزام بمواد القانون وأن يكون الجميع متساوين تحت طائلة القانون دون تمييز أو وساطة يعني اللي ملوش ظهر يتعب واللي ليه ظهر يخرج هذه سياسة فاشلة ويجب تعديلها لإعادة الانتماء والقانون والثقة للمواطن.