تمثل سيناء أهمية خاصة بالنسبة للمصريين فهي من الناحية الأمنية تعتبر خط دفاع قويا ضد أي عدو بحاول الدخول لمصر أما من الناحية الاقتصادية فسيناء تعتبر من أهم بقع العالم الجاذبة للسياحة والاستثمارات, كما أنها من الناحية الدينية تعد أرضا مقدسة للديانات المختلفة.
إلا أن إهمال الحكومة المصرية خلال العقود الماضية لها من النواحي التنموية سواء(تعليم, زراعة, صحة….وغيرها) مع تصنيف أهلها والتعامل معهم بأسلوب أمني بحت واعتبارهم مواطنين غير مصريين ساهم في زيادة عمليات التهريب وزراعة المخدرات, إضافة إلي التوتر الملحوظ بين البدو وقوات وأجهزة الأمن المصرية واتسامها بالعنف.
خبراء مصريون ناقشنا معهم هذه القضية وتناولوا أسبابها وحلولها في التحقيق التالي….
قال الدكتور سلامة الرقيعي عضو مجلس الشعب عن شمال سيناء: من الضروري تكثيف عمليات التنمية في سيناء والاستفادة من المشروعات الاستثمارية ولكن يجب أولا حل المشكلات الشائكة وذلك عن طريق دمج المواطنين البدو في الوطن للأسف نجد كل يوم قرارات إزالة لممتلكات مواطنين أوضاعهم مستقرة منذ سنوات طويلة, إضافة إلي مراعاة أماكن زراعاتهم التي قاموا بها بجهود ذاتية.
وأشار الرقيعي إلي أن سيناء موزعة بين ثلاث جهات هي القوات المسلحة والبدو والوافدين من المستثمرين.
وأكد أن هناك مشروعا قوميا يضم إنشاء 23 قرية لم يتم عمل أي كردون لها حتي الآن, كما أن معظم الاستثمارات محصورة في شرم الشيخ فقط, مشددا علي ضرورة النهوض بالمشروعات التي تدر ربحا ماديا علي البدو مثل تنمية الثروة السمكية واستخراج المعادن مثل المنجنيز والفوسفات والفحم, لأن ذلك سيؤدي إلي زيادة نسبة العمالة من أبناء البدو وهذا سيعمل علي التصدي لأي فكر إرهابي.
التعامل مع البدو بقسوة!
وأضاف الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن سيناء تعتبر مهمة جدا بالنسبة للأمن القومي المصري, ويجب العمل علي توجيه مشاريع التنمية لها خاصة وأنها مليئة بالثروات والمعادن وتمتلك امتدادا علي شاطئ البحر الأحمر والمتوسط.
وطالب بضرورة أن تخفف الحكومة من قبضة الأجهزة الأمنية في التعامل مع البدو بقسوة والتعامل معهم كمواطنين مصريين.
وأوضح الدكتور حسام سويلم الخبير العسكري أن معاهدة السلام مع إسرائيل قسمت سيناء إلي ثلاثة قطاعات الأول القطاع القريب من قناة السويس وتوجد به القوات المسلحة بكثافة, والقطاع الثاني وسط سيناء أما القطاع الثالث فهو عند الحدود الإسرائيلية والفلسطينية والتواجد الأمني به ضعيف.
وأكد علي أن هناك خطرا يهدد مصر من جهة البحر المتوسط والذي يستغله الإرهابيون في الوصول إلي سيناء, ولهذا لابد من الاهتمام بتطوير أجهزة المراقبة الإليكترونية وأجهزة الاستشعار عن بعد والمراقبة الليليلة, مع التأكيد علي تكوين قاعدة معلومات قوية عن طريق التنسيق مع بدو سيناء.
خلل….واغتراب
وقال قدري السعيد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن في سيناء أكثر من مستوي أمني الأول عسكري وتحكمه معاهدة السلام مع إسرائيل والثاني أمني يشترك به المخابرات والشرطة ويوجد به خلل, إضافة إلي التعاون مع الأطراف الفلسطينية.
وأكد ضرورة الاهتمام بالشئون الداخلية في سيناء فالمواطنون بها يشعرون بالاغتراب والانفصال عن مصر, وهذا يجعلهم هدفا سهلا لأي إرهابيين يريدون ضرب سيناء.
وأوضح السعيد أن الضربات الإرهابية التي تعرضت لها سيناء هزت ثقة المواطن المصري في قدرة الأجهزة الأمنية علي القيام بدورها, لافتا النظر إلي أن أصابع الاتهام تشير إلي مشاركة بدو سيناء في ذلك وهذا يدعونا إلي إعادة النظر في السياسة والتعامل المجتمعي مع أهالي سيناء ودمجهم في عملية التنمية.
مشاريع استثمارية
وأشار اللواء شوقي فراج المدير السابق لأكاديمية ناصر العليا للدراسات العسكرية إلي أن غياب التنمية سبب المشاكل الرئيسي في سيناء, لافتا النظر إلي أنه بعد حرب أكتوبر 1973, كانت التفكير في إقامة مشاريع استثمارية في سيناء وذلك لوفرة الثروات الطبيعية بها, ولكن مشاريع آخري في أماكن مختلفة قضت علي ذلك.
وأكد أنه في فترة الستينيات كانت هناك معاملة إنسانية لبدو سيناء وبناء لمرافق أساسية مثل المدارس والمستشفيات إلا أن الشرطة الآن تتعامل بالنقيض, وأشد ما يؤلم أبناء سيناء هو إهانة أسرهم والقبض علي السيدات. إضافة إلي أن مشاريع التنمية الموجودة هناك لا يستفيد منها أبناء سيناء.
وقال اللواء جمال مظلوم مستشار مركز الخليج للدراسات الاسراتيجية إنه منذ عام 2005 وحتي الآن الوضع الأمني بالنسبة للعمليات الإرهابية في سيناء يعتبر مستقرا, مشيرا إلي أن مصر طبيعتها تعرضها للعديد من الهجات الإرهابية حيث لديها حدود متفرقة منها 200 كم في الشمال و160 كم علي قناة السويس و200 كم علي خليج العقبة و1000 كم علي الحدود الجنوبية, ومن الممكن للإرهابيين التسلل من السودان.
وفي ظل الظروف الاقتصادية السيئة وتفشي وتزايد البطالة هناك مجال للعمليات الإرهابية والدليل علي ذلك أن انفجارات الأزهر والحسين قام بها شباب صغار السن.
ونتيجة للتعامل الأمني مع القضايا الإرهابية حيث يتسم بالعنف خاصة مع البدو دفعهم للتظاهر والصدام مع الدولة ومعروف للجميع أن التهديد الداخلي للدول أصعب من التهديد الخارجي.
وجدير بالذكر أن الحكومة المصرية بدأت التركيز في العمل علي تنمية سيناء وتعميرها وإتاحة الخدمات العامة وبالفعل انتهت وزارة النقل من إعداد دراسة الجدوي المبدئية لمشروع إنشاء نفق بورسعيد أسفل قناة السويس جنوب بورسعيد ويصل إلي سيناء ويتضمن إقامة 3أنفاق منها نفقان لخدمة الحركة المرورية للسيارات والثالث سكك حديدية.
ويعمل هذا المشروع علي تحقيق أهداف تنموية منها الإسراع بتنمية سيناء وخاصة المجتمعات العمرانية إضافة إلي إحداث طفرة في الصناعة والتجارة والسياحة.