في تلك الليلة جلسنا سويا أمام شاشة التليفزيون. الصمت يخيم علي أرجاء بيتنا, علي جوانحنا بينما تسكن الثورة في حنايانا, بترقب وأمنية حائرة نظرت إلي عينيه الهاربتين, فلم أنجح في تثبيتهما علي وجهي الذي يناديه. قلبي يتمزق. رأسي ينفجر. دمائي تحترق.
لماذا يبتعد عني فاليوم يتم شهرا كاملا لم يقترب إلي فيه فهل يعرف امرأة أخري؟ لا.. لا يمكن.. إذا لماذا؟
تركني وتوجه لغرفته فلم يعد ينام جواري, لم أستطع التماسك انطلقت خلفه صارخة, ما اسمها؟, بهدوء أدار رأسه نحوي متسائلا من هي؟, قلت من أبعدتك عني.
ابتسامة ملؤها الحسرة ارتسمت علي وجهه وأكمل خطواته ثم ألقي بجسده الذي أصابته النحافة فوق الفراش, لاحقته أمكست بكتفيه, وبعنف هززتهما وصرخت في وجهه ألم تعد تحبني ألا ترغبني, لم يطل صمته وقال لي في حسرة: أنا مصاب بالإيدز.. هل تذكرين ذلك الحادث الذي نقلوا لي الدم علي أثره, إنه الموت حبيبتي سري في دمائي ولم أشأ أن أحملك المعاناة, لكنني اكتشفت أنك تعانين معاناة أكبر عندما امتلك الشك قلبك.
الآن عرفت مصيري وقررت مواجهته منفردا حرصا علي أحبائي. سأمضي في هدوء. قاطعته:لا لا يمكن أن تكون تلك النهاية اقتربت منه حاولت أن أجفف دموعه المنحدرة علي وجنتيه فلم يمهلني, جذبته من يديه التفت إلي وملء نظراته الرجاء أن أتركه, وألا أتركه قبل رأسي ثم انتفض ودفعني بعيدا عنه وانطلق.
منذ تلك الليلة وأنا أبحث عنك يا زوجي, لم أكن أعلم الكثير عن المرض لكنني بحثت وعلمت أنني أستطيع التعايش معك ومعه. أتمني لو تقرأ هذه السطور.
كم أود أن تعود لأضمك بين ذراعي عوضا عن ذاك الحضن الذي كان علي أن أمنحك إياه في الليلة الأخيرة لكنني جاهلة خشيت العدوي.
فعد.. عد لنكمل الحياة سويا فلن يصيبني أذي,فقط عد ليست تلك هي النهاية فمازال الأمل موجودا.