عن مكتبة دار الشروق الدولية صدر كتاب يسوع الناصرى لبابا الفاتيكان بندكت السادس عشر، الكتاب قام بترجمته مجموعة من المترجمين المسلمين وأشرف على الترجمة وحررها الدكتور حسين محمود، وقام بالمراجعة الأب رفيق جريش راعى كنيسة القديس كيرلس بالكوربة، وهى خطوة تحسب بحق للمواطنة خاصة أن الكتاب لاهوتى وعقيدى، أو كما قال بابا الفاتيكان “هذا الكتاب هو بحثي عن وجه الرب”. يبدأ الكتاب بتأمل مبدئى فى سر يسوع، أكد فيه البابا بندكت أن نبؤة سفر التثنية التى تقول ( يقيم لك الرب ألهك نبيا من وسطك من أخوتك مثلى له تسمعون) تث 18 -15 تخص السيد المسيح، فإذا كان الميزة الفريدة والجوهرية فى شخصية موسى النبى هى أنه تحادث مع الله وجها لوجه فإن تعاليم المسيح ليست نتاج أى تعليم بشرى من أى نوع، فهى تتولد من الصلة المباشرة مع الأب من الحوار وجها لوجه هذا هو سر يسوع. الكتاب يحتوى على عشرة فصول تبدأ بتعميد السيد المسيح، وأكد فيه أن طقس التعميد الفعلى يرمز الغطس فى الماء إلى الموت، والذى يستدعى رمزية الهلاك القوة المدمرة لطوفان المحيط. والعقلية القديمة تعرف المحيط على أنه تهديد دائم للكون وكان هو الطوفان القديم الذى ربما أغرق الحياة كلها بينما الأنهار هى رمز الحياة والغطس فى الماء، إنما يشير إلى التطهير والتحرر من أدران الماضى، وهذا يعنى أنه الموت والقيامة أى أنه بداية الحياة الجديدة . أما الفصل الثانى فناقش تجارب المسيح والذى، أكد بندكت فيه أن التجارب الثلاث تعكس النزاع الداخلى على رسلة المسيح، وفى ذات الوقت تتناول التساؤل حول ماهو المهم فى الحياة البشرية، حيث تضمنت أقوال الشيطان الثلاثة تهميش الله فى حياة الإنسان فهذا التهميش هى الغواية التى تهددنا فى أشكال كثيرة متنوعة. البحث عن معنى ملكوت الله كان هو محور الفصل الثالث من الكتاب، حيث قدم البابا نظرة تاريخية شاملة لفهم الكنيسة لمعنى كلمة ملكوت، حيث أشار أوريجانوس إلى أن ملكوت الله داخل الإنسان فإنه ينمو ويشع من الداخل إلى الخارج. ويرى البابا أن الكلمة العبرية ملكوت هى اسم فعل وتعنى المهمة الملكية أى السيادة الفعلية للملك، فعندما يتحدث يسوع عن ملكوت الله فهو ببساطة يتحدث عن الله ويصرح بأنه الله الحى القادر على العمل بوضوح فى العالم وفى التاريخ. وفى الفصل الرابع قدم الباب شرحه الخاص للموعظة على الجبل، حيث جلس يسوع على منصة موسى، ولكنه لا يفعل بالطريقة التى يجلس بها المعلمون الذين تدربوا على هذه الوظيفة فى المدرسة. إنه يجلس هناك باعتباره موسى أكبر، الذى يسوع العهد لكى يشمل الأمم جميعها . ودار الفصل الخامس حول التأملات فى كلمات آبانا الذى، ثم يفرد الفصل السادس عن تلاميذ المسيح، موكدا على أن دعوة التلاميذ كانت واقعة صلاة. وكأنهم ولدوا أثناء الصلاة أثناء الصلاة الحميمية للآب.. أما الفصل السابع فتعرض لأمثال السيد المسيح فهى قلب وعظ يسوع، وعلى الرغم من تلاحق الحضارات فإن هذه الأمثال والقصص دائما ما تمس أعماقنا بنضارتها وإنسانيتها، وحول الصور الرئيسية لإنجيل يوحنا وتأمل البابا فى هذه الصور التى هى الماء كرمز للطهارة ومدخل للشركة مع المسيح كما فى العماد والكرم والخمر فى سر الإفخارستيا. وصورة الراعى، ثم قدم تأملات فى الفصل التاسع عن اعتراف بطرس بالمسيح أنت المسيح ابن الله الحى وحادثة التجلى وختم الكتاب بفصل عن إعلان هوية يسوع، والكتاب الذى يقع فى 271 صفحة من الحجم الكبير ويعد موسوعة لاهوتية تفسيرية عميقة. توكد فعلا أن البابا بندكت السادس عشر واحد من علماء المسيحية المعدودين فى العالم. وهذا الكتاب هو الجزء الأول من رحلة بحثه الرائعة عن شخص المسيح، وقد صدر فى روما الجزء الثانى ويدور حول طفولة المسيح . ويعكف البابا حاليا على كتابة الجزء الثالث الخاص بأحداث الصلب والقيامة، سوف تتعجب كثيرا أن مترجمى هذا الكتاب العظيم من إخوتنا المسلمين فلهم بحق كل تحية وشكر. == س.س أغسطس 2010 |