ما هو المعني العميق للحياة؟
القيامة هي عودة الجسد إلي الحياة. والحياة هي مبدأ وجود الإنسان. إذ خلق الله الإنسان من تراب,ثم نفخ فيه نسمة حياة,فصار آدم نفسا حية تك 2:7. أما عن المرأة فقد سميت حواء,لأنها أم لكل حي تك3:20.
من عظمة الحياة أنها صفة من صفات الله:
فنحن نقول الله الحي,وما أكثر ما وردت في الكتاب عبارة حي أنا يقول الرب عد14: 38 إش49:18. أو حي أنا يقول السيد الرب حز5:11 حز14:16, 18, 20. ويقال في الرؤيا عن القوات السمائية يسجدون للحي إلي أبد الآبدين رؤ4:10…إنه الحي,وينبوع المياه الحية إر2:13.
والملكوت أيضا يسمي أرض الأحياء:
كما يقول المرتل في المزمور وأنا أؤمن أني أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء مز27:13. صرخت إليك يارب.وقلت أنت ملجأي,نصيبي في أرض الأحياء مز142:5.
ولماذا يسميها الكتاب أرض الأحياء؟
ذلك لأن الخاطئ يعتبر ميتا. أما البار فبالإيمان يحيا عب10:38. إن الأب قال عن ابنه الضال عندما رجع: ابني هذا كان ميتا فعاش لو15:24. وقيل عن الأرملة المتنعمة إنها ميتة وهي حية 1تي5:6.
إذن الحياة الحقيقية ليست هي مجرد الحياة الجسدية التي فيها قلب ينبض وأنفاس تتردد:
بل إن كثيرا من الناس كرهوا هذه الحياة الأرضية,بسبب ما رأوه فيها من متاعب. هوذا الحكيم يقول في سفر الجامعة فكرهت الحياة,لأنه ردئ عندي العمل الذي عمل تحت الشمس جا2:17.ورفقة عندما تعبت من زوجات ابنها عيسو الحيثيات,قالت مللت حياتي من أجل بنات حث تك27:46. ويونان النبي قال في إحدي أزماته النفسية موتي خير من حياتي يون4:3.
وماذا قال بعض الآباء عن هذه الحياة؟
يعقوب أبو الآباء قال عن حياته لفرعون أيام سني غربتي مائة وثلاثون سنة. قليلة وردية كانت أيام سني حياتي. ولم تبلغ إلي أيام سني حياة آبائي في أيام غربتهم تك47:9. وهكذا سماها أيام غربة وردية.
ويعقوب الرسول في العهد الجديد يقول لأنه ما هي حياتكم؟ إنها بخار يظهر قليلا ثم يضمحل يع4:14.
إذن ليست هذه هي الحياة…
الحياة التي نعيشها علي الأرض هي فترة مؤقتة محدودة. ليست هي الحياة الحقيقية في متعتها الروحية ولا هي الحياة الدائمة الأبدية.
إذن ما هي الحياة بمعناها الدقيق العميق…يقول الرسول:
لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح في1:21.
وكيف يكون هذا؟ يشرحه فيقول مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا,بل المسيح يحيا في غل2:20. نعم هذه هي الحياة: المسيح يحيا في.
ويسهب الرسول في شرح هذه الحياة في رسائل متعددة فيقول نخضع بالأولي لأبي الأرواح فنحيا عب12:9,إن كنا قد متنا معه,فسنحيا أيضا معه 2تي3:11. ويكرر نفس العبارة في رو6:8. ويقول بطرس الرسل: نموت عن الخطايا,فنحيا للبر 1بط2:24.
في هذا تكمن الحياة هنا. أما مجرد معيشتنا علي الأرض,فأخشي أن ملاكا يقول عنها لواحد منا
لك اسم أنك حي,وأنت ميت رؤ3:1. فالذي يكون ميتا من الناحية الروحية علي الأرض محال أن تكون له الحياة الأبدية. والذين يعيشون حسب الجسد,يقول عنهم الرسول إنهم لا يستطيعون أن يرضوا الله رو8:8 لأن اهتمام الجسد هو موت. ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام…لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله رو8:6, 7.
ما هي الحياة إذن؟ وما مصادرها؟ وما الطريق إليها؟
الحياة الحقيقية هي التي توصل إلي الحياة الأبدية,التي قال عنها الرب لله الآب هذه هي الحياة الأبدية,أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك… يو17:3.. وعن هذه المعرفة قال عرفتهم اسمك وسأعرفهم,ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به,وأكون أنا فيهم يو17:26.
والطريق إلي هذه الحياة هو المسيح…
هذا الذي قال أنا هو الطريق والحق والحياة يو14:6 والذي قال أنا هو القيامة والحياة يو11:25 والذي قال أنا خبز الحياة أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز,يحيا إلي الأبد يو6:48, 51. وقال عن رسالته:
أنا أتيت لتكون لهم حياة,ويكون لهم أفضل يو10:10.
إنه يريد لنا الحياة,هذا الذي فيه كانت الحياة,الحياة كانت نور الناس يو1:4. إن ثبتنا فيه,نثبت في الحياة. وقد دعانا إلي ذلك بقوله اثبتوا في,وأنا فيكم اثبتوا في محبتي يو15:4, 9 أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت في وأنا فيه,هذا يأتي بثمر كثير.لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا يو15:5. أنت غصن: إن كنت تثبت في الكرمة,تسري فيك عصارتها فتحيا..وإلا فإنك تذبل وتجف…
إن كنت تثبت في المسيح,يمنحك الماء الحي,الذي يرويك,فتحيا,وتنمو…
إن ماء العالم لا يروي. كلما تشربه تعطش إليه مرة أخري,وتعود لتشرب فتعطش. وعنه قال الرب من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء,ينبع إلي حياة أبدية يو4:14.
فما هو هذا الماء الحي؟ يقول السيد الرب من آمن بي,تجري من بطنه أنهار ماء حي,قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه يو7:38
وأنت لا يمكن أن تحيا إلا بالروح القدس العامل فيك…
هذا هو إذن طريق الحياة: ثباتك في الدين,وشركتك مع الروح القدس. وثباتك في الرب يعني ثباتك في محبته وفي كلمته. لأنه يقول الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة يو6:63. ويقول أيضا إن حفظتم وصاياي,تثبتون في محبتي. كما أني أنا أيضا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته يو15:10.
فما موقفك من الثبات في الرب؟
والثبات في الرب يعني دوام العلاقة معه,بل دوام الحياة فيه,ودوام الإيمان به لكي يكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه يو20:31. وحذار أن ترفض هذه الحياة التي فيه,منشغلا بالحياة التي في العالم,وإلا تعرضت للتوبيخ الذي وبخ به الرب اليهود قائلا لا تريدون أن تأتوا إلي لتكون لكم حياة يو5:40…!!
اعلم تماما,إنك إن عشت في الخطية ستموت
ولكن إن عدت إلي المسيح تنتقل من الموت إلي الحياة يو5:24…
وهذه هي القيامة الأولي التي تقومها,بالتوبة والرجوع إلي الله,كالابن الضال الذي كان ميتا فعاش لو5:32. وهذا هو الوعد الذي قاله الرب من آمن بي,ولو مات فسيحيا يو11:25…يحيا حياة روحية برجوعه إلي الرب,وأيضا يحيا إلي الأبد في الملكوت… والحياة الحقيقية أيضا, هي أن يكتب اسمك في سفر الحياة…
يقول القديس يوحنا الرائي ورأيت الأموات صغارا وكبارا واقفين أمام الله. وانفتحت أسفار…وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة. ودين الكتاب مما هو مكتوب في أسفارهم رؤ20:12. ولكن الرب يفتح أمامنا باب النجاة من هذه الدينونة بقوله من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا,ولن أمحو اسمه من سفر الحياة. وسأعترف به أمام أبي وأمام ملائكته رؤ3:5.
فهل أنت من الغالبين؟ وهل اسمك في سفر الحياة؟
إن الرب يضع عبارة من يغلب كشرط لازم,لكي يبقي اسمك في سفر الحياة…إن الحياة في السماء هي للغالبين فقط,للذين غلبوا العالم والجسد والشيطان,وغلبوا كل شهوة ردية وكل فكر ردئ. بل الذين قال عنهم الرسول إنهم قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات غل5:24.
هؤلاء الغالبون ينالون الحياة,وإكليل الحياة أيضا…
وفي هذا يقول السيد الرب كن أمينا إلي الموت,فسأعطيك إكليل الحياة رؤ2:10…فهل أنت أمين إلي هذه الدرجة التي يقولها الرب أمينا إلي الموت؟ إن لم تكن كذلك تتعرض لتوبيخ الرسول الذي قال في رسالته إلي العبرانيين لم تقاموا بعد حتي الدم,مجاهدين ضد الخطية عب12:4. إذن احترس لنفسك لئلا يأخذ أحد إكليلك رؤ3:11.
واعلم أن إكليل الحياة يلازمه إكليل البر…
هذا الذي قال عنه بولس الرسول جاهدت الجهاد الحسن,أكملت السعي,حفظت الإيمان,وأخيرا وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل. وليس لي فقط,بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا 2تي4:7, 8.
إذن لابد أن تعيش بالبر ههنا,لكي يوهب لك إكليل البر في تلك الحياة الدائمة,في الملكوت الأبدي…
والحياة الحقيقية نأخذ عربونها هنا علي الأرض..
نبدأها هنا علي الأرض,ونكملها هناك في السماء. نأخذ هنا مذاقة الملكوت,ونتمتع به كاملا في السماء. أما الذي لم يذق الملكوت علي الأرض,ولوجزءا بسيطا,فلن يأكل منه إلي الأبد…
الذي لا يستطيع أن يعاشر الرب أياما قليلة علي الأرض,كيف يمكن أن يعيش في عشرته إلي الأبد؟!
الذي لا يجد لذة في الله هنا, كيف يشعر بهذه اللذة في الأبدية, وكيف يتمتع بها؟1
الحياة بمعناها الحقيقي هي شركة مع الله.إن لم نتمتع بها علي الأرض,بمجرد المذاقة,فلا يمكن أن نحياها في السماء…
إذن حاول أن تبدأ هذه الحياة من الآن,كما قال داود النبي في المزمور ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب مز34:8. وهكذا يقول القديس بطرس الرسول إن كنتم قد ذقتم أن الرب صالح…كونوا أنتم أيضا مبنيين كحجارة روحية بيتا روحيا…لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله 1بط2:3, 5.
واستمع إلي قول الرب في آخر التثنية:
أشهد عليكم اليوم السماء والأرض.قد جعلت قدامك الحياة والموت,البركة واللعنة,فاختر الحياة لكي تحيا أنت وتسلك. إذ تحب الرب إلهك,وتسمع لصوته,وتلتصق به,لأنه هو حياتك تث30:19, 20.
هنا وأحب أن أركز علي هاتين العبارتين:
* اخترالحياة لكي تحيا:
تحب الرب إلهك…لإنه هو حياتك…
أخيرا أيها الابن المبارك,أجدني مضطرا أن أختم هذا المقال الآن.وأرجو أن تكون لي عودة لاستكماله,إن أحبت نعمة الرب وعشنا.
وكل عام وأنت بخير,في القيامة والحياة.