يحل علينا عيد الميلاد المجيد سنويا ليتوج طقسا احتفاليا كنسيا سمائيا رائعا تتشارك فيه كنيستنا القبطية المجاهدة بطغماتها آباءنا الأساقفة والكهنة والشمامسة
يحل علينا عيد الميلاد المجيد سنويا ليتوج طقسا احتفاليا كنسيا سمائيا رائعا تتشارك فيه كنيستنا القبطية المجاهدة بطغماتها آباءنا الأساقفة والكهنة والشمامسة والشعب مع الطغمات السمائية الملائكية برتبها وصفوفها وأجنادها.. لتمثل الأرواح معا أمام عرش الله بطقس ليالي التسابيح الكيهكية طوال الشهر المريمي مع سحابة الشهود المحيطة بكنيستنا عبر القرون والمتوجة بأكاليل الغلبة والنصرة في السماويات في سر وحدانية الأرضيين بالسمائيين في المسيح يسوع الذي جمع الكل في واحد.. ليكون الجميع واحدا فينا.
والتسبيح في جوهره عمل سمائي ملائكي يحظي فيه المؤمنون بالله وفقا لتعاليم كنيستنا القبطية بإمكانية تخطي حدود كثافة الجسد والزمان والمكان ويرتفعون بالسعي إيمانيا نحو الشاطئ الآخر للحياة وليتذوقوا عربون أسرار الملكوت ويشتموا وبخور صلوات القديسين وشركة أفراح السمائيين ويطعموا أرواحهم بالمن السماوي في سر الإفخارستيا الذي يلي ليالي التسبيح ويعانون ملامح من المجد الأسني.. فعمانوئيل -نفسه- حاضر في الوسط بسر التسبيح بمجد أبيه وروح قدسه وحاضر بالحقيقة في السر في الجسد والدم.
وتحدث ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كثيرا إلي خاصته عن أسرار ملكوت الله بأمثال..
وحقيقة الأمر أن أسرار ملكوت السموات والمخبأة بالسر في رموز العهد القديم تستعلن في المدائح والتسابيح الكيهكية زمنيا (التابوت, العليقة, والمنارة وعصا هرون وقسط المن.. إلخ) والتي ترتفع بأشواق القلب المرتل إلي الآباء والأسباط -موسي والأنبياء.. وداود والمزامير وتدخل بنا إلي سر تجسد الرب يسوع ودخوله إلي أرضنا في ملء الزمان لابسا ثوب البشرية (الكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأيناه و…).
وتحدثنا رسالة العبرانيين الإصحاح 11 عن أسرار الآباء والأنبياء والصديقين الذين عاينوا بروح البنوة وبالإيمان هذه الشواهد السمائية قبل حدوثها بقرون.. وأقروا أنهم علي الأرض غرباء ونزلاء لذلك تهلل بولس الرسول بالقول في عب1: الله بعدما كلم الآباء والأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام في ابنه.. ويتكلم يوحنا الإنجيلي الحبيب بالقول الذي رأيناه بعيوننا ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة.. فإن الحياة الأبدية التي كانت عند الله بالحقيقة أظهرت لنا في المسيح يسوع.. تستعلن -نفسها- لنا في تسابيح الليالي الكيهكية..
ولعل الطغمة الملائكية (الكاروبيم) الحاملة للعرش الإلهي تقترب إلينا في مناخ التسبيح كثمرة من ثمار التجسد الإلهي ولعل تذكاراتها تعود إلي آدم الأول (أب البشرية) والذي شاهد أحدها عندما خرج من الجنة مع امرأته حيث أقام الله الكاروبيم شرقي جنة عدن ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة (تك3: 34), وشوهد الكاروبيم أيضا في الرسم الإلهي لخيمة الاجتماع كما أراها الله لموسي النبي في الجبل.. وشوهد الكاروبان يظللان تابوت الشهادة باسطين أجنحتهما ويكمل الوحي المقدس بالقول لموسي وأنا أجتمع بك هناك وأتكلم معك من بين الكروبيم.. واستعلنت طغمة الكاروبيم في اقترابها للبشر وكعلامة لحضور الله في مزمور 18حيث يقول داود المرنم: في ضيقي دعوت الرب إلهي صرخت فسمع من هيكله صوتي.. فارتجت الأرض وطأطأ الله السماوات ونزل.. ركب علي كاروب وطار وهف علي أجنحة الرياح ورنم في مزمور 80 بالقول يا راعي إسرائيل أصغ يا جالسا علي الكاروبيم أشرق..
فيا لعظم المجد والبهاء التي لإلهنا وطغماته الملائكية حيث حسبنا أهلا أن نشاركهم طقس التسبيح والتمجيد لعظمته.