يعود الميلاد في كل عام أحبائي, فيعيد إلينا الشعور بأن يد الحنان الإلهي تمتد من جديد, وتضمد جراح ما عانينا من آلام, فلا تلبث أن تتفتح في أعماقنا حياة جديدة تعبق بالرجاء, يدرك معها الإنسان أنه عزيز علي قلب الله, الذي بسط عليه جناح رحمته وتناها في حبه, ولد طفلا في المذود… يقول الأب ليف جيلليه: فحينما كان العالم يتنازع علي العظمة والسلطان وضع الله في وسط البشر طفلا يرقد في مذود… فاليوم أحبائي تحتفل الكنيسة بالميلاد البتولي, وقد أكد السيد المسيح بتولية القلب التي يريدها لأولاده من خلال ميلاده البتولي من مريم العذراء حيث وجد الإنسان قد انحط إلي مستوي الحيوان, ولذلك وضع نفسه كطعام في المذود, فباقترابنا إلي المذود نقترب إلي الخبز السمائي ونتقدس في الطفل يسوع المولود. ويقول أحد الآباء: طوبي لمن يصير قيثارة لتسبيحك يا وليد المذود يا ربي يسوع فإن نعمتك تكفيه… لقد جاء يسوع أحبائي متجسدا ليعضد الإنسان ويقويه فينتصر البر الذي عنده علي الشر الذي يغويه, ولكي يثمر في قلوبنا ثمار البر والطهارة وكل عمل صالح, ومن هنا سيتصالح الإنسان مع ذاته من خلال وليد المذود الذي أعطاه بميلاده الحياة والسلام والسعادة الأبدية… والميلاد أيضا هو عيد تجسد الله, عيد تجسد الحب, فالعيد مناسبة ودعوة للتأمل في مغزي التجسد الإلهي… كذلك الميلاد أحبائي وإخوتي دينونة لكل منا. فهل نحن نرضي الله؟! أم نعتمد علي ذواتنا وذكائنا وفطنتنا؟! فيسوع تجسد ليعيد الإنسان إلي النقاء ويعيد لشفتيه النقاوة: اجعل يارب حارسا لفمي وبابا حصينا لشفتي (مز 141:3)… ويقول القديس أمبروسيوس أسقف ميلان في عظته الميلادية: من أحب الإله فليزين نفسه بحفظ وصاياه ليري إيماننا الحقيقي به, فيسر بنا كثيرا, إذ يري طهارتنا الروحية… فلنصن قلوبنا بالعفاف قبل كل شئ ولنقدس أرواحنا, ولنستقبل مجئ السيد القدوس المولود من العذراء الفائقة الطهارة, ولنكن نحن عبيدا أنقياء, لأن من يظهر دنسا في ذلك اليوم فهو لا يحترم ميلاد المسيح, بل يحضر إلي حفلة السيد بالجسد, وأما روحه فتبقي بعيدة عن المخلص لأن الرجس لا يشترك مع القديسين, ولا البخيل مع الكريم, أنت مدعو إلي ميلاد الحمل وإلي مذوده الكريم فلا ترجع إلي حياتك القديمة وتذكر أن وليد المذود أخرجك من سلطة الظلام إلي نور الملكوت, وأصبحت هيكلا للروح القدس… فلنقدم المجد لبيت لحم الصغيرة التي أرجعتنا إلي الفردوس, ولنسجد أمام المذود الذي هذبنا بالكلمة, كلمة الحياة يسوع… فياربي يسوع في عيد ميلادك أرشدني إلي مكانك في بيت لحم ولا تسمح للعالم بأن يحجب رؤيتي لنجمك الهادئ ويحرمني منك يا يسوع يا وليد المذود الوديع الهادئ… ولنفرح مع الملائكة ونرسل المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة… فالله فرح وسلام ومسرة… فيالسروري ولد يسوع…