نردد دائما أن فترة الخطوبة من أجل أن يتقارب الخطيبان ويحاول كل واحد منهما أن يتعرف علي الآخر, ظروفه, أخلاقه, فكره, رؤيته للحياة الزوجية, طباعه, ونحذر أن كل طرف يريد أن يقدم أفضل ما فيه ويخفي عيوبه, ولكن النظرة الثاقبة والعقل الراجح يحاول أن يكتشف الأشياء التي يخفيها الطرف الآخر. وبناء علي هذه الرؤية يتخذ الخطوة التالية ويقرر إذا كان ينوي أن يكمل الارتباط أو يصرف النظر عنه. ولكن كثيرون يرون ما ينبئ بأخطاء جوهرية وبغض النظر عنها. فقد تلمح فتاة ذكية بعض الأخطاء الخافية. ورغم ذلك تقبل أن تتم الزواج لأن من آمال المرأة أن يتغير الرجل. وأن في استطاعتها أن تغير الطباع التي ترفضها وتكرهها في شريك الحياة. والحقيقة التي تنساها أن الأمل في التغيير هو وهم في خيالها وأن طباع الرجل التي شب عليها من الصعب تغييرها. وأن رؤيته وفكره من الصعب تغييرها أو التنازل عنها. وأن محاولات التغيير نادرا ما تنتهي بالنجاح. بل تتسبب في حدوث خلافات يومية تفسد الحياة الزوجية وأحيانا يقرر الزوج أنه لن يغير شيئا مما اعتاد عليه. ولكن الزوجة لا تسلم ولا تيأس فهي تلجأ إلي الحيلة والتحايل. وقد شاهدت صديقة مقربة لي كانت تعرف أن زوجها بخيل وحريص علي النقود ولا يصرفها إلي بعد تفكير وحسابات. ولأنها زوجة عاملة ولديها دخل لا بأس به كانت تشتري الأشياء التي ترغب فيها ويرفض زوجها أن تشتريها. كانت تشتري الثياب التي تعجبها وحين يعترض الزوج تخبره أنها اشترتها بنصف ثمنها الحقيقي. وتلجأ إلي هذه الطريقة مع احتياجات أولادها والرجل يدفع لها الثمن الذي تخبره به وتدفع هي باقي الثمن وتصور لنفسها أن زوجها البخيل قد تغير وأنها نجحت في ترويضه وتغييره. وتعيش في أوهامها وسار أولادها علي خطاها إلي أن اكتشف الزوج كذب الزوجة وخداعها له. وكانت القطيعة بينهما لعدة سنوات. ورفض رفضا باتا أن يشاركها وأن يدفع نصف الثمن الذي ظلت سنوات تحدده له. وأصبح لزاما عليها إذا أرادت شيئا أو احتاج الأولاد إلي شيء أن تتكفل هي وحدها بدفع كامل الثمن. وأصبحت تشكو وتوجه اللوم إلي الزوج مع أنها هي الملومة والمخطئة وهي التي عاشت في وهم قدرتها علي تغيير سلوك وطباع شريك حياتها. وانتهت حياتها نهاية سيئة فيترك الزوج لها البيت ونفض يده من أي عطاء للزوجة والأولاد واستغل بحياته بعيدا عنهم.
تذكرت هذه الأحداث عندما قامت فتاة مخطوبة قريبة لي بسلوك تلك الصديقة فهي تعترف لنا أن خطيبها به عيوب واضحة وظاهرة ولكنها سوف تكمل ارتباطها به وهي كفيلة أن تغيره, وبهدوء وتعقل قصصت علي هذه القريبة ما حدث مع صديقتي وما عانته وما انتهت إليه حياتها الزوجية منبوذة من زوجها وحيدة مع أولادها.
إن تغيير طباع الزوج أو تغيير طباع زوجة وهم يتعلق به الزوج أو الزوجة علي أمل النجاح في أمر مصيره الفشل. وعلينا أن نتذكر أنه لا يوجد إنسان كامل بلا عيوب سواء كان رجل أو امرأة وأن القبول أو الرفض يتم إذا رأينا أن عيوب الطرف الآخر يمكن تحملها وتقبلها والتغاضي عنها. أما إذا كان العكس فالأفضل ألا يتم الارتباط والزواج.