تركتني الأرملة الحزينة وكلها أمل في غد مفعم بالحب والتلاقي .. وبعد أيام قليلة حادثتني عبر الهاتف قائلة .. :## كنت محقة يا عزيزتي …أطلقت سراحه فعاد .. و ما الحب إلا غفران فغفرت له الهروب .. وما من قلوب نعمت بالحب إلا بعدما اكتوت بنيرانه ## ثم أطلقت تنهيدة طويلة تنبيء عن حمل جديد فوق أكتافها فسألتها :## وماذا بعد الرجوع أو تستمرين في حصاره ؟ أو تنسين بعد أيام أنك أطلقت سراحه فعاد ..ثم تكبلينه بقيود جديدة ؟ ..كم نخطط مبصرين اسفل قدمينا وحينما يأتي التنفيذ لا نقترب إلا خطوات معدودة في الطريق الذي رسمناه ..صمتت السيدة ثم طلبت لقاء جديدا مشيرة إلي أنها ليست الوحيدة التي تعاني تلك الحالة ..فرحبت
و في الموعد المحدد جاءت تصطحب امرأة أخري معها .. عرفتني بها …إنها صديقتها الحميمة وقالت :## اليوم أطاح الهم بصديقتي فأشرت عليها بك ## ثم انصرفت وتركتني مع صديقتها .. إنها امرأة في الأربعين من العمر ..علي قدر عال من الجاذبية والجمال .. لكن مثل سائر مرتادي افتح قلبك يكسو الحزن جمالها ..
رفعت عينيها ونظرت إلي في تأمل ثم سألتني :## ماذا تفعلين إذا كان زوجك تعددي الطبع ؟ ## لن أنكر أنها باغتتني بسؤالها فصمت برهة ثم بلا تردد قلت لها في ابتسامة ..:## كم من الرجال يكتفي بامرأة دون سواها ؟ وكم من خائنين .. يبدو أنني فتحت جرحا بكلمة خائنين ثارت قائلة : منحته ما لم تمنحه امرأة لرجلها .. عشت أيام الفقر حتي اغتني .. وربيت أطفالنا دون أن أسبب له أدني عناء .. دبرت حالي وحاله حتي اعتاد عدم تحمل المسئولية .. وأفاق من دوامة العمل الشاق المتواصل وصار نجما في مهنته .. ثم ماذا فعل ؟ تركني وذهب خلف أخري .. لا بل آخريات ..
لفت نظري تحاملها واندفاعها في العرض فسألتها :## هل تيقنت مما ترميه به ؟ هل رأيتي رؤي العين ؟ هل سمعتي بأذنيك؟ أو ممسكة أنت بدليل علي ما تتشككين فيه ؟ في هزات رأس خفيفة قالت : للأسف لا
- وعلي أي أساس أصدرت حكمك إنه تركك وذهب خلف الأخريات ؟
*لم أصدر حكما إنه إحساسي…زوجي يتجاهلني دائما خارج المنزل كلما اتصلت علي هاتفه وجدته مشغولا .. كلما رد علي مكالماتي أشعر بعدم اهتمامه .. يأتيني كل مساء صامتا تماما .. يخطفه شروده مني وأظل أحدثه ولا يعرني التفاتا حتي إنني أتخذ قرارات في حياتنا يوافق عليها وهو شارد بعيدا عما أقول ثم يلومني بأني لم أشركه.. هل من الطبيعي أن يتحول الرجل الأب الزوج عمود المنزل إلي مجرد ## خزنة ## .. تحول زوجي إلي خزنة؟ أو فلنقل فانوسا سحريا بقليل من اللمس يخرج مارد التحقيق نعم يلبي طلباتنا…يفي باحتياجاتنا .. ولكن أو تصلح الخزائن ما أفسدته القلوب ؟ فهو شريد بقلبه وبأذنيه وبمشاعره ..
قلت لها :## لكنها حالة يمكن أن تنتاب الرجل لأسباب عديدة بخلاف الخيانة أو دخول آخريات في حياته سوي زوجته .. فلماذا قفز ذهنك مباشرة إلي تلك الفكرة الشريرة التي إذا ما سيطرت عليك لا يمكن أن تقتلعيها من نفسك وربما يكون الرجل بريء فتخسرين حياتك . فبالله عليك كيف كانت ردود أفعالك حينما بد أ الهروب أعتقد أنك فعلتي مثل صديقتك الأرملة الجميلة ..طاردته وأمطرتيه بالتهم .. ثم حولتي حياتكما إلي جحيم مشترك أليس كذلك .
قالت :## نعم هذا ما فعلت بعدما تملكتني الغيرة وأطاحت بعقلي .. كنت كلما رأيته أنعته بأنه خائن .. ثم أطلب منه أن يثبت براءته كما لو كنت قاضيا في ساحة المحكمة .. وظللت هكذا فترة طويلة .. اشتعلت فيها المشاجرات بيننا .. ثم دخل مرحلة صمت طويلة لا يرد علي ببنت شف…ففهمت أنه ألقاني في سلة مهملاته لم يعد لي مكانا في حياته ولا مكانة في قلبه .
_قلت :##ما زلتي تحكمين علي الأمور بنفس المنطق ولن تصلي إلي حل إلا إذا توقفتي عن إصدار الأحكام المتتالية واستنتاج ما يتفق مع شكوكك وليس مع واقع الأمور..
أحنت رأسها في حرج ثم بكت بحرقة قلب لا تشعر بها سوي امرأة مثلها ..تعلم كم هي قاسية الغيرة و كم هو مدمر الشك في من نحيا معه عمرا طويلا بين جدران أربعة ضمت تاريخا مشتركا .. طلبت منها أن تهدأ بعدما تيقنت أنه لا دليل لديها علي خيانته .. وأن كل ما تعانيه ما هو إلا شكوك مستمرة جعلتها تدفع بزوجها إلي الانطواء والابتعاد عنها أملا في راحة ذهنه ونفسه .
سيدتي أنت نموذج جديد للحماقة التي تحتمي في عرش الحب والعطاء .. فلا يعني حبك لزوجك امتلاكك إياه .. ولا يعني عطاؤك طوال سنوات زيجتكما تعييرك له بذلك .. فما فعلتي سوي واجبك كزوجة وأم وشريكة عمر .. افرطتي في الغيرة حتي فقد الأمل في عودتك إلي صوابك فلاذ بالصمت بديلا عاقلا عن العراك ..لم يتركك بل منحك فرصة العمر أن تعودي إلي صوابك .. لم يتركك بل ترك تلك المرأة الغيورة المندفعة المتهورة التي بداخلك .. لم يتركك بل اتقي شر الشك الضارب في أعماقك يهدد شركتكما .. ما تفعلينه يمكن أن يدفع بأي رجل لارتكاب ما تخشينه .. نحن بشر يا سيدتي ولسنا بملائكة ولكل منا طاقته .. فمن يحتمل أن يكون موضعا للاتهام طيلة الوقت ؟ لا أحد ومن يقبل بعد فترة يجد نفسه متهما بريئا فيندفع بكل قوة نحو ذنب لم يرتكبه بعد ما دام الأمر سواء .
كم من امرأة واهمة تتصور أنها بمحاصرتها لزوجها وملاحقتها له وإيهامه أنها تعلم ما يبطنه من خفايا .. إنها بذلك تسترده .. إنها في حقيقة الأمر تفقده بلا رجعة .. يا عزيزتي الحب والأسرة جزء من حياة الرجل بينما هما كل حياة المرأة .. طبيعة الأنثي أن تهتم بالتفاصيل وتسعي خلفها بينما ينظر الرجل نظرة شمولية للأمور ولا يلق بالا للتفاصيل .. عليك فهم نفسية الرجال حتي تتمكني من استيعاب سلوك زوجك .. كل علاقات الحب الفاشلة .. كل قصص الغرام الملتهبة والمعذبة .. كل الزيجات المهددة .. جميعها بينها قاسم مشترك هو الغيرة العنيفة التي أساسها ليس الحب وإنما الامتلاك .. ليس حماية الكيان الأسري من الهلاك .. وإنما حماية شكل الكيان أمام المجتمع ..إنها الحماقة التي حدثت صديقتك عنها سالفا .. تلك الحماقة التي تعصف باي سعادة .
أنت نموذج لشريحة كبيرة من السيدات وزوجك نموذج لشريحة كبيرة من الرجال .. فأنت أخطأتي علاج العرض الذي هو أبداه.. إذ أبدي تجاهلا بك واهتم بعمله .. أبدي وضعا طبيعيا – من وجهة نظر البعض لزوجين مرت علي زواجهما سنوات طويلة.. لم يتفق الوضع مع ما تنتظرينه من اهتمام .. فقدمتي من وجهة نظرك علاجا كان في حقيقته سما يقضي علي ما تبقي من اهتمامه بك أو احترامه لك .. كلاكما أخطأ التقدير .. وكلاكما أخطأ الدواء خاصة بعدما لاذ بالصمت وتركك تحترقين بشكوكك .. فما أنت بملاك ولا هو بشيطان لكنكما بالفعل فعلتما مثلما يقول الكتاب المقدس : ## أعمي يقود أعمي كلاهما يسقطان في حفرة ## .. لكنكما لم تسقطا فما زال الأمل موجودا في استعادة الحياة الطبيعية بينكما إذا تحليتي بالحكمة .. والتزمتي الصمت بعض الوقت .. كوني حنونة .. الحنان مفتاح الرجل .. أما الشك والتسلط هما شهادة وفاة لمكانتك في قلبه .. وإذا ظللتي هكذا علي ما أنت عليه من تهور ورعونة .. سوف يكون المسمار الأخير في نعش علاقتكما الزوجية لأنه لن يحتمل أكثر من ذلك اتهامات ..
قصتك تلك تفاصيلها تشتبك مع تفاصيل معاناة مئات الأسر وربما آلاف لذلك فأنا أطلق دعوة لكل امرأة أن تتخلي عن نزعتها الامتلاكية لرجلها .. حتي وإن زارها الشك فلتطرده موقنة أنه ما من مجرم إلا إذا ثبتت إدانته بالأدلة القاطعة .. وأن الافصاح المبكر عن الشكوك إنما يغرس في القلوب جراحا و يزرع في النفوس ضغينة قد لا يمحوها الزمان .. وكما ناشدت المرأة فأنا أناشد الرجل الاقلاع عن الصمت .. إنه آفة المتزوجين .. ومهيج سخط النساء … ومفقدهم الحكمة اشتروا السعادة بقليل من الكلام .. فكثير من الأسر ضاعت وعديد من العلاقات انهارت ليس بسبب كلام قلناه وإنما بسبب كلام كان لابد أن نقوله في وقت ما ولم نقله ..كلمات انتظرها الطرف الآخر ولم يسمعها ففقد بعدها الإنصات لصوت العقل.
==============
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
1200 جنيه فاعل خير
500 جنيه من يدك وأعطيناك