شعور بالحزن و الألم ينتابنا جميعا و بالأكثر الأشخاص الذين شاركوا في مسيرة شبرا و ذهبوا إلي ماسبيرو يوم الأحد الدامي أو بالأحري يوم مذبحة الأقباط, فهم من رأوا بأعينهم كل ما حدث من قتل و ترويع للمواطنين و دهس بالمدرعات و إطلاق الرصاص الحي و الرصاص المطاطي و القنابل المسيلة للدموع, تقابلنا مع بعض الأشخاص شهود العيان و المصابين أيضا داخل المستشفي القبطي و تحدثنا إليهم حول أحداث ماسبيرو , و ما شاهدوه و كيف تمت إصابة كل شخص منهم .
الأخ المفقود
لكن قبل أن أتحدث إلي المصابين وجدت سيدة في الثلاثينيات من عمرها تدعي – صباح منير – في حالة من الذهول و تجلس علي الأرض بمدخل المستشفي و حينما اقتربت منها لأعرف هل هي من أسر الشهداء أم المصابين , فقالت لي : لقد ذهب شقيقي الأصغر – إبراهيم منير 27 عاما -مع زملائه من شبرا في المسيرة إلي ماسبيرو, و لكني لا أعرف أين هو الآن و أنا منتظرة هنا مع شقيقي الأكبر الذي دخل في غيبوبة سكر وسقط علي الأرض إننا لم نجد أخي الأصغر إبراهيم حتي الآن , و هو دلوقتي في المستشفي هنا بيتعالج , و إخواتي الآخرين بيدورا علي إبراهيم في كل مكان ممكن يلاقوه فيه , إحنا دورنا عليه من يوم الأحد في المستشفيات هنا في القبطي و معهد ناصر و دار الهلال و لم نجده و حتي المستشفي العسكري رحنا ندور عليه فيها قالوالنا إنهم لا يستقبلو إلا العسكريين و المجندين .
وعن ما حدث مع شقيقها قالت صباح : خرج شقيقي أمس مع الشباب من شبرا و في الساعة السادسة و النصف مساء الأحد اتصل بنا أحد أصحابه علي التليفون و قال لنا إن شقيقي اتصل في ماسبيرو و أنه موجود عند بوابة 5 في ماسبيرو, و بعد ذلك لم نجده هناك و لا يرد علي التليفون و لا نعرف عنه شيء منذ السادسة و النصفا مساء الأحد , لا عارفينه عايش ولا ميت, قالوا لنا في متوفين مجهولين لكني لم أستطع النظر إليهم في المشرحة فوجدههم مهشمة ومشوهة كثير من أصحاب إبراهيم أكدوا لنا أنه أصيب ماسبيرو أثناء تعرض المتظاهرين لهجمات لكننا لا نعرف أين هو الآن ؟ ##.
دهست مدرعة الجيش قدميه
ثم صعدت إلي الدور الأول بالمستشفي حيث يوجد عدد من المصابين جراء الأحد الدامي بماسبيرو و تقابلت في البداية مع أحد المصابين و هو مدحت عزيز 39 عاما , و هو مدرس من سكان شبرا مصر غير متزوج , و بسبب إصابته.
لم يستطع التحدث معه إلا بكلمات قليلة عن عمره و عمله و ما هي إصابته , و قال : ## كنت مشاركا في المسيرة و أصبت إصابات بالغة في القدمين حيث دهست مدرعة الجيش القدمين معا و تم عمل جراحة مبدئية لي لمدة نصف ساعة تقريبا و قاموا بربط القدمين ولسه محتاج علاج و عمليات كتير لسه مش عارف ##, كانت القدمان ملفوفتين بأربطة كثيرة لا تظهر معالم القدم منها بل و أثار الدماء عليها واضحة بشكل كبير .
دهستنا مما فعله الجيش.. زاد إصاباتنا
و قبل الدخول إلي الحجرة المجاورة له وجدت إحدي السيدات تجلس و هي في حالة إحباط و تتحدث في التليفون و بتقول: ##مش عارفين هنعمل إيه## فاقتربت منها و علمت أن ابنها رزيقي سمير أديب 23 سنة لديه إصابة في قدمه و كسور مضاعفة بالقدم اليسري, وذهبت معها إلي حيث يجلس ابنها رزيقي .
و قال رزيقي : كنا في المظاهرة في منطقة ماسبيرو و حينما جاءت المسيرة من منطقة شبرا تم غلق الطريق بدأ الجيش يضرب فينا, و كانت المدرعات تأتي من خلفنا و لم نكن نتوقع تحركها بهذا الشكل الجنوني مما تسبب في إصابات كثيرة و وفيات أيضا و في أحد تحركات المدرعات تمت إصابتي في قدمي اليسري ووقعت علي الأرض و بعدها بدأ إطلاق رصاص حي في الهواء و كذلك في المتظاهرين و قنابل مسيلة للدموع و خرطوش .و لقد حاولت الاختباء في مدخل أحد العمارات المجاورة فقابلني و أحد زملائي بلطجية قاموا بسرقة نقودنا , و أصبحنا ما بين البلطجية من جهة و الجيش و قوات الأمن من جهة أخري##.
و أضاف رزيقي : لقد جاء إلي وكيل النيابة لأخذ أقوالي يوم الاثنين 10 أكتوبر, و لكنني أشعر بظلم كبير جدا يقع علي الأقباط فأي جرم ارتكبناه حتي يتعاملوا معنا بهذه الطريقة الوحشية ## .
المدرعات دهستنا
أما روماني فرج حنا – 27 سنة – يعمل بشركة أوراسكوم – من منطقة شبرا فكانت إصابته بسبب إطلاق الرصاص الحي حيث أصيب روماني برصاصة في كتفه الشمال و تم نقله للمستشفي القبطي, و قال الأطباء أنه يحتاج إلي تركيب شريحة و مسامير .
و تحدث إلينا أحد أصدقائه ممن كانوا معه بالمستشفي قائلا : لقد تعرض روماني للإصابة داخل ماسبيرو ,وذلك عندما حاول إنقاذ شخص تم ضربة بالرصاص الحي ليحمله إلي سيارة الأسعاف فكانت النتيجة إنه أثناء حمله للشخص المصاب و هو في طريقه لسيارة الأسعاف أصيب بطلقة نارية في كتفه .
و أضاف روماني : ## أول ما الناس اللي كانوا في مسيرة شبرا وصلوا إلي منطقة ماسبيرو بدأت أري مدرعتين للجيش تتحرك بسرعة و في اتجاهات مختلفة و هم يطاردون المتظاهرين و يدهسون أي شخص يأتي في طريقهم ##.
أما رامي عاطف – أحد المصابين بكسر في القدم اليسري و الذي خرج من مستشفي القبطي فقال : ## كنا في مسيرة سلمية عادية و كنا نرنم في الطريق حصل أن البعض من فوق الكوبري قاموا برشقنا بالحجارة لكننا بعد ذلك الأمور كانت هادئة لكن بمجرد دخول المسيرة من شبرا بدأ ضرب نار في الهواء ثم رصاص مطاطي و حي أيضا و كان الضرب يأتي من اتجاه المدرعات علينا , و أصيبت بكسر في القدم اليسري و ذهبت إلي مستشفي القبطي .##
كان يجلس علي القهوة ليس له علم بشيء وفجأة رأي التليفزيون المصري يستغيث بالمواطنين لمساعدة الجيش الذي يقوم الأقباط بضربه أمام ماسبيرو!!
معتز مجدي- 21 عاما- اتجه إلي ماسبيرو ليري بنفسه لماذا قام الأقباط بذلك ووصل إلي ماسبيرو حوالي الساعة الثامنة والنصف مساء فقال: شاهدت الجيش هو إللي بيضرب , ووجدت قنابل مسيلة للدموع وأيضا الجثث الموجودة بيرموها في النيل, فحاولت أساعد المصابين ولكن جاءت قنبلة مسيلة للدموع عند قدمي ففتحها ثم توجهت إلي مستشفي القبطي وكان الجيش وراؤنا أيضا ولم يوافق غالبيتنا علي الذهاب إلي المستشفي في سيارات الإسعاف لأنهم كانوا بيسلمونا للجيش.