تصاعدت أزمة موبكو إلي حد الاعتصامات من قبل المواطنين من الشعب الدمياطي مما أدي إلي إغلاق المصنع رغم استيفائه كافة المعايير البيئية… فلماذا تم الغلق؟ الوقوف علي الأسباب التي أدت إلي غلق المصنع والخسائر الناتجة عنه بخلاف الخسائر الفادحة التي ستلحق بالاقتصاد المصري من جراء ذلك , ناهيلك عن الخوف من هروب الاستثمار الأجنبي والتأثير علي سمعة مصر بالخارج بالسلب . وطني ذهبت إلي المهندس مدحت يوسف رئيس مجلس إدارة شركة موبكو والعضو المنتدب بها لتحاوره حول ملابسات هذه الأزمة وموقف الشركة من الإغلاق وصحة موقفها السيء وكيف ستحل المشكلة في ظل إصرار الرأي العام الدمياطي علي عدم الحل … فكان هذا الحوار .
* المصنع يعمل منذ عام 2008 وحتي الآن لم نسمع عن الأضرار البيئية التي تسببت في الغلق فلماذا الآن انفجرت أنباء هذه الأضرار؟
** الشركة لم تقع عليها أية مخالفة منذ عام 2008 وحتي الآن لا توجد أضرار بيئية مسجلة عليها من أي جهة ولم تتلق مخالفة بيئية واحدة من الأجهزة المعنية سواء وزارة البيئة أو غيرها . حتي قرار اللجنة العلمية الأخيرة التي تشكلت من أجل بحث هذه المشكلة بقرار وزير الدولة للبيئة لم يرد فيه ذكر مخالفة واحدة إنما ما جاء فيه فقط هو بعض المطالبات الإضافية التي تفوق التشريعات البيئية المنصوص عليها بقانون البيئة.
* تم الإعلان عن تشكيل لجنة أجنبية دولية لتقصي الحقائق حول المخالفات المنسوبة للشركة ونحن في انتظار تقرير هذه اللجنة لكن لا يزال الرأي العام في دمياط علي إصراره بضرورة إغلاق المصنع فما الحل؟
** لو جاء تقرير اللجنة الأجنبية يفيد بعدم وجود إضرار للبيئة من جانب المصنع فذلك يكون بمثابة حكم بالبراءة ورد الاعتبار للشركة ونتطلع حينئذ لأن تقوم السلطات المسئولة بالسماح باستئناف نشاط المصنع الذي يدر المليارات من الأرباح لصالح إنعاش الاقتصاد المصري الذي يمر بأزمة حقيقية في الوقت الحالي.
* مارأيك في اعتراضات الناس علي أن المصنع يستهلك غاز مصر؟
** جميع الأسمدة في مصر المنتجة لسماد اليوريا تستخدم الغاز المصري وشركتنا موبكو شركة مصرية 100% ونسبة مساهمة المال العام في هذه الشركة 71% ومن حقنا أن نستخدم غاز مصر الذي نشتريه بسعر خمسة دولارات للمليون وحدة حرارية وهذا السعر أعلي من السعر التي تبيع به مصر الغاز لأي منشأة صناعية أخري.
* لماذا لم تتخذ الدولة موقفا حاسما لصالح مصنع لا توجد عليه مخالفات ويجذب الاستثمارات الأجنبية ويحقق إيرادات بالمليارات؟
** شركة موبكو استثماراتها 2 مليار جنيه مصري والمشروع تكلفته 2 مليار دولار والشركة حصلت علي قروض من البنوك المصرية قيمتها مليار و50 مليون دولار أما باقي التكلفة فيتحملها المساهمون فمن من مصلحته تعريض كل ذلك للخطر؟ وما موقف الاقتصاد المصري عندما يفقد تلك الأموال والاستثمارات؟ وماذا سيكون مصير القروض وفوائدها التي تستحق للبنوك المصرية في حالة توقف المشروع؟ فالمشكلة ليست مخالفة بيئية بل هي الانفلات الأمني وعدم القدرة علي السيطرة علي الأمور وعدم الانضباط السائد حاليا فبدلا من أن ننمي اقتصادنا ونجذب الاستثمارات نقوم بتهريب تلك الاستثمارات … لماذا نفعل ذلك ؟ هذا سؤال لابد من إجابة الشعب عليه.
* من أسباب انزعاج أهل دمياط أنكم تستهلكون مياه النيل في هذا المشروع؟
** المشروع لا يستهلك مياه النيل لكن يستهلك مياه الشرب التي نشتريها بسعر 250 قرشا للمتر المكعب وندفع تكلفة 175 قرشا لمعالجة مياه الصرف قبل أن تلقي علي المجاري المائية , أي بإجمالي 425 قرشا مايتم سداده للمتر المكعب من المياه ونحن لدينا ترخيص لسحب مياه النيل بكمية 1200 متر مكعب في الساعة مدته 10 سنوات صادر عن وزارة الموارد المائية والري بتاريخ 27/1/2011 وينتهي في عام 2021 والأهم من كل ذلك أن الشركة تحظي بقبول واعتراف من محافظ دمياط ومن المجتمع المدني بدمياط حتي أنهم طالبوا الشركة بمساهمات مجتمعية لإنشاء ثلاثة مشروعات لتدوير القمامة وتغطية المصرف ورصف خط البر الغربي بتكلفة قدرها 47 مليون جنيه.
وقد قدم رئيس مجلس الإدارة صور المستندات الدالة علي ذلك للمحررة التي أجرت الحوار.
ماذا عن الهجوم علي المصنع واتهامه بإلقاء الصرف الخاص به في النيل بما يلوث المياه ويضر بالثروة السمكية؟
** طبقا للترخيص الصادر للشركة من جهاز البيئة مصرح لنا بالصرف المعالج علي المجاري المائية طبقا للقانون رقم 44 لعام 2000 ولم نتلف مخالفات بيئية ولم تثبت وزارة البيئة أي مخالفة ولدينا قرار اللجنة العلمية التي كلفت بالتحقيق في هذا الأمر والتي أثبتت أن الشركة غير مخالفة.. لصالح من مايحدث؟
* نسبة مساهمة المال العام في رأسمال الشركة 71% و 26% للشريك الكندي فهل يلجأ له للتحكيم الدولي للدفاع عن مصالحه بإزاء الأضرار التي تحققت به؟
** يحق للشريك الأجنبي اللجوء للتحكم الدولي ومصر ستكون في موقف ضعيف جدا في هذه القضية فالمجلس الأعلي للطاقة في مصر سبق أن وافق علي نقل الشركة من مكانها في جزيرة رأس البر إلي المنطقة الصناعية بدمياط لحل المشكلة بدلا من أن تلجأ الشركة الكندية إلي التحكيم, ومجلس الوزراء وقتها أصدر ضمانا للشركة الكندية من الحكومة المصرية بكافة الموافقات من أجل تسهيل الأمور وبدء الإنتاج, فالسؤال المحير: كيف تعطي المؤسسات الرسمية في الدولة ضمانات موثقة للمشروع ثم تقوم بإيقافه تحت ضغوط شعبية غير مبررة؟.
* ماذا عن رد فعل الجانب الكندي تجاه ما يحدث؟
** مازال الجانب الكندي يتعامل بحسن الظن بالحكومة المصرية فما لديه من مستندات تسمح له باللجوء للتحكيم الدولي لكن حتي يومنا هذا لم يصدر قرار رسمي بإيقاف عمل الشركة أو سحب ترخيصها وطبقا للقانون نحن نقوم بالاعتراض علي ماتتعرض له الشركة أمام القضاء المصري العادل وموقفنا واضح .
* وماذا ستفعلون لسداد مستحقات البنوك في ظل الخسائر الجسيمة الناتجة عن غلق المصنع؟
* * الذي يشفع لنا في هذه الكارثة هو أننا مقترضون من البنوك المصرية ولم نلجأ لمؤسسات خارجية والبنوك المصرية متفهمة ما نعانيه وتراقب الوضع بما لا يسمح بانهيار الشركة ومايتبعه من الإضرار باقتصاد مصر .
* بماذا تفسر الاشتراطات التي طلبتها اللجنة العلمية لحل المشكلة خاصة طلبها بأن تتولي الشركة إنشاء محطة لتحلية مياه البحر؟
** خبراء البيئة وأعضاء اللجنة اعترضوا علي هذه النقطة وكان المتمسك بها المجتمع المدني ممثلا في بعض التيارات السياسية وأن اللجنة العلمية أثبتت في التقرير أن المصنع غير مخالف ولا يصح غلقه. فكيف تلزمني بإنشاء محطة تحلية لمياه البحر وأنا معي موافقة من الدولة بترخيص الحصول علي مياه من مأخذ محدد مدته 10 سنوات؟
* بصفتك كميائيا متخصصا وليس رئيس مجلس إدارة شركة موبكو… مارأيك في هذه المشكلة؟
** بصفتي كيميائيا متخصصا أقول إن مايحدث غير صحيح بالنسبة للقانون المصري وقوانين البيئة المصرية وفي حال إثبات أية مخالفات بيئية لا يقتضي الأمر إيقاف المصنع بل لابد أن تقوم الجهات المختصة بإنذار الشركة لتوفيق أوضاعها وتعطي لها مهلة لإتمام ذلك دون إيقاف الأعمال وهو مالم يحدث معنا علي الرغم من أن هناك شركات أخري بها متخالفات بيئية ولم يتم إغلاقها أو إيقاف نشاطها حتي الآن.
* هل صدر قرار بوقف المشروع فعليا؟
** نعم صدر قرار بوقف المشروع.
* ما الآثار السلبية الناتجة عن هذا التوقف؟
** إيقاف المشروع يلحق بالشركة خسائر يومية تقدر بخمسة ملايين جنيه بالإضافة إلي خسائر نتيجة توقف الإنتاج تصل إلي أربعة ملايين جنيه يوميا أي أن إجمالي الخسائر 9 ملايين جنيه بالإضافة إلي تشريد 808 عمال وأسرهم يمثلون القوي العاملة بالمصنع والشركة هذا بالإضافة إلي الخسائر التي تلحق بميناء دمياط نتيجة توقف الشحن والغرامات الواجبة للسفن, كل ذلك تبلغ فاتورته نحو 35 مليون جنيه.
* ما تعليقك علي لجنة إبداء الرأي؟
** هي عبارة عن خليط من بعض العلماء المتخصصين وغير المتخصصين متمثلا في الإخوان والسلفيين وبعض الأحزاب, ولا تمثل شرائح المجتمع الدمياطي وأبدينا تحفظنا علي تكوين اللجنة في حينه وأبلغنا المحافظ فكيف تتكون لجنة علمية من طبيب باطنة وإمام مسجد وعضو نقابة مهندسين وصحفي ومحام؟ هل هذه لجنة علمية تبت في الأمر؟ .. رغم احترامي لكافة الأشخاص أعضاء اللجنة نحتاج في مثل هذه الكارثة إلي العلماء المتخصصين في هذا الشأن , والجدير بالذكر أن العلماء من أعضاء اللجنة اعترضوا علي تشكيل اللجنة هذا .
* هل الشعب الدمياطي معكم أم ضدكم؟
** كل العمال في المصنع من أهالي دمياط الشباب المؤهلين للتوظيف فكيف يكون المجتمع الدمياطي غير راض عن الشركة والعاملين بها من أبناء دمياط؟! هل شعب دمياط بفكره ووعيه يرمي أولاده في التهلكة؟ فلدينا 3600 عامل دمياطي وكلهم الآن مستاؤون مما حدث للمصنع.
* الناس فاهمة أنك صاحب موبكو.. هل من توضيح لعملك؟
** أنا موظف في الدولة منتدب للعمل لإدارة هذه الشركة مال مصر بها يمثل 71% وبهذا يكون صاحب موبكو هو الشعب المصري وهو من يديرها ولا أملك سهما واحدا فيها وسأحال علي المعاش وسوف يأتي مكاني غيري ولكن دفاعي كمصري ممثل 71% من الملاك المصريين.
* ما رؤيتك لتصريح وزير البترول تجاه الشركة؟
** هو مؤيد للمشروع ويعلم توافقه البيئي كما يعلم جيدا أن عمال المصنع يتمتعون بصحة جيدة ولم يصابوا بأمراض كما يشاع, ليس لديهم أمراض وصحة إنجابية.
* هل هناك مبادرة من الشركة للقاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة لحل الأزمة؟
** نحن علي اتصال بكل الجهات المعنية بدون استثناء لحل هذه المشكلة ولا نترك بابا إلا ونقرعه ومع ذلك لم نتلق ردا حتي الآن.
* من هو المهندس مدحت يوسف؟
** أنا خريج كلية العلوم جامعة عين شمس قسم الكيمياء حاصل علي ماجستير صناعة التكرير والبتروكيماويات من معهد البترول والغاز برومانيا وحاصل علي دبلوم إدارة الأعمال من كلية التجارة جامعة عين شمس ولي العديد من الدراسات البيئية ومسئول عن إزالة الرصاص من البنزين وتطبيقاته, شغلت منصب نائب رئيس هيئة العمليات لمدة عشر سنوات ثم رئيس مجلس إدارة شركة ميدور الشرق الأوسط لتكرير البترول وهي أكبر شركة تكرير في مصر وأختتم حياتي العملية كرئيس لمجلس إدارة شركة موبكو والعضو المنتدب بها.