عاني المتحف القبطي والكنيسة المعلقة بحي مصر القديمة العديد من المشاكل بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية أسفلهما كما أدي زلزال 1992 إلي تدهور حالتهما الإنشائية.
اهتمت وطني بمتابعة هذه القضية عن طريق تحقيقاتها الصحفية لمعرفة ما آلت إليه التقارير التي أعدت لترميمهما واهتمت أيضا بمتابعة حالة المتحف القبطي لأهميته حيث يعرض منجزات حقبة من أهم الحقب التاريخية في حياة الوطن.
تابعت وطني منذ عام 1966 عمليات إغلاق الجناح القديم بالمتحف القبطي لترميمه وإعادة افتتاحه عام 1984 ثم أعيد إغلاقه في عام 1992 لتأثره بالزلزال وتم إعادة ترميمه وتطوير مبني المتحف الجديد بشكل علمي وزود بكاميرات خارجية وكاميرات في جميع أجنحته وأصبحت فاترينات العرض تفتح إلكترونيا وبها أجهزة إنذار لمنع السرقة وتم تغيير وتطوير نظام الإضاءة والتأمين داخل المتحف وتزويده بكاميرات تليفزيونية للمراقبة وبوابات إلكترونية لتنظيم عملية الزيارة مع تطوير نظام العرض المتحفي لحوالي 20لف قطعة أثرية يضمها المتحف.
ويضم المتحف 17قاعة عرض تم ربطها بالجناح القديم للمتحف والمكون من 9قاعات من خلال كوبري داخلي أقيم خصيصا أثناء أعمال التطوير بهدف التيسير علي الزائرين وكذلك تم تعديل مسار الزيارة ليتوافق مع زوار المتحف,كما تم تزويد المتحف بقاعة عرض مفتوح بعد أن كانت تستخدم كمخزن.
وأكد د.زاهي حواس أن أعمال التطوير التي تكلفت حوالي 30مليون جنيه شملت أيضا تأمين المتحف إلكترونيا وإعادة الحدائق إلي رونقها وجمالها بعد تنسيقها وعمل برجولات بها مع تزويد المتحف بمركز للمعلومات يضم أحدث الأجهزة وقاعات المحاضرات ومعمل للترميم وكذلك تم تطوير مكتبة المتحف التي تضم مجموعة نادرة من المطبوعات والمخطوطات بالإضافة إلي تجديد الإنشاءات الخدمية مثل الحمامات وإضافة عيادة طبية لخدمة زوار المتحف.
وأشار د.حسين الشابوري استشاري المشروع إلي أن تجديد سيناريو العرض المتحفي ارتكز علي عدة محاور مهمة في مقدمتها تخصيص مجموعة من القاعات للعرض طبقا لمصادر القطع الأثرية سواء كانت من إهناسيا أو باويط أو سقارة وكذلك تخصيص قاعة لعرض الآثار المنقولة من الكنائس أو أديرة مصر القديمة وكذلك تخصيص قاعة لعرض الآثار طبقا للتسلسل التاريخي للقرنين الثالث عشر أو الرابع عشر الميلاديين وما بعدهما,ومجموعة من القاعات للعرض النوعي للآثار سواء للنسيج أو البرديات أو الأدوات الكتابية والأخشاب وأخيرا تخصيص قاعات للرموز القومية والدينية والأساطير والحياة اليومية من صيد ورعي وزراعة.
تاريخ المتحف القبطي
أنشأ المتحف القبطي مرقس باشا سميكة عام 1910 ليجمع فيه المواد الأثرية من الكنائس والأديرة القديمة بكافة أنحاء مصر,ويتكون مبني المتحف من طابقين الطابق الأول به صالة استقبال ثم قاعة روائع إهناسيا تلك البلد التي تقع بالقرب من بني سويف والتي تتميز بتاريخها الكبير لدي الفراعنة حتي فجر العصر القبطي,وقد عثر فيها علي عدة قطع أثرية قبطية ترجع إلي أوائل العصر القبطي ما بين القرنين الثالث والخامس الميلاديين, وتتصف القطع بطابع وثني خاص عندما تأثر الفنان القبطي بفنون وآثار العصر اليوناني الروماني الوثني حيث ظهر نحت الأساطير اليونانية.
كما يوجد بالمتحف قاعة سقارة التي تعرض آثار منطقة سقارة وخاصة بقايا دير الأنبا إرميا,وأبرز محتويات هذه القاعة رسم جداري ملون يبين القديس أبو نفر السائح والذي يتميز بلحية طويلة تصل إلي قدميه. ويوجد بنفس القاعة نبذة عن الرهبنة وأهم ما جاء فيها.
وتميزت بعض أديرة مصر العليا والفيوم بقاعة للنسخ عكف الرهبان فيها علي نسخ المخطوطات والأديرة,وتزخر بمكتبات هائلة منها مكتبة دير الأنبا مقار ومكتبة دير الأنبا شنودة بسوهاج وهذه المكتبات ثرية بالمخطوطات اليونانية والسريانية والنوبية القديمة والقبطية والعربية.
وهناك أيضا قاعة للرسوم الجدارية من مختلف الأديرة.وفي نهاية الدور الأول يجد الزائر نفسه أمام السلم الذي يقوده إلي الدور العلوي الذي يبدأ بقاعة بها مختارات من الحضارة القبطية,وأبرز محتويات هذه القاعة تمثال النسر الروماني وهو من البرونز,أما القاعة التالية فتعبر بالرسوم الجدارية عن القصص التي وردت في الإنجيل منها لوحة توضح إبراهيم أبو الآباء وهو يقدم ابنه ذبيحه,ومشهد لآدم وحواء قبل الخطيئة.
خبراء روس لترميم أيقونات الكنيسة المعلقة
رصدت وطني عام 2004 بدء أعمال الترميم الدقيق بالكنيسة والتي استغرقت ثمانية أشهر من نفس العام بتكلفة مليوني جنيه وتعتبر هذه الأعمال المرحلة الأخيرة في ترميم وتطوير الكنيسة وحصن بابليون لتصل تكلفة هذه الأعمال إلي 50مليون جنيه مع الاستعانة بنحو 11خبيرا روسيا في أعمال الترميم وصيانة الآثار والأعمال الجدارية وصيانة الأخشاب.
ويقول محمد بريقع مدير عام ترميم الآثار الإسلامية والقبطية ومدير المشروع إنه تم التغلب علي جميع المشاكل التي تعاني منها الكنيسة خاصة المياه الجوفية والشروخ التي تمت معالجتها مع تدعيم الأساسات وحقن الجدران واستكمال أعمال الإضاءة وكذلك أصبح حصن بابليون أسفل الكنيسة جاهزا للزيارة لأول مرة,وكذلك تم ترميم المتحف القبطي بالإضافة إلي تجهيز المنطقة كلها من قبل وزارة السياحة والآثار لجعل المنطقة قادرة علي الجذب السياحي.
وأوضح الدكتور شوقي نخلة المدير التنفيذي للمشروع أن مشروع الترميم يتضمن ثلاث مراحل مهمة وهي:
المرحلة الأولي: شملت ترميم هيكل يوحنا المعمدان,وكنيسة تكلا هيمانوت التي تقع إلي يمين الصحن الرئيسي من الكنيسة المعلقة وتشمل أعمال ترميم مقتنيات كنيسة تكلا هيمانوت ترميم الهيكل الشرقي الموجود به لوحتان جداريتان لم تكن معروفتي الموضوع بسبب طمس النقوش التي عليهما,ترميم الجدار الأوسط وما عليه من جدارية تمثل ميلاد السيد المسيح وجميعها ترجع إلي القرن 13 وهي تعاني من تدهور شديد للنقوش.
بالإضافة إلي الشرقية الكبري إلي اليسار من مذبح الكنيسة وتشمل جدارية تمثل 24قسيسا وهو رسم يرجع للقرن 13أيضا وأعلي هذا الجزء توجد جدارية أخري تمثل السيدة العذراء تحمل السيد المسيح وقد فقدت أجزاء كبيره من هذه الرسومات,كما يتم ترميم الأحجبة الخشبية النادرة التي تفصل بين صحن الكنيسة والهياكل.
أما بالنسبة لهيكل يوحنا المعمدان فيتم العمل به من خلال ثلاثة محاور هم حجاب الهيكل,حامل الأيقونات,القبة الشرقية التي تحتوي علي نقوش داخلية وخارجية غاية في الأهمية الفنية والتي تمثل السيد المسيح في الوسط محاطا بأربعة رؤساء الملائكة وترجع إلي القرن 13 الميلادي وجار العمل بها.
المرحلة الثانية: تتضمن أعمال ترميم هيكل مارجرجس الأيسر وصحن الكنيسة الأيسر بالإضافة إلي واجهة الكنيسة من الخارج وترميم النقوش الجدارية والرخامية والأخشاب والرخام بصحن الكنيسة.
المرحلة الثالثة: وتشمل ترميم الهيكل الرئيسي الأوسط للكنيسة المعلقة.
الانتهاء من 96% من مشروع ترميم المعلقة
رصدت وطني في بداية هذا العام إعلان فاروق حسني عن انتهاء 96% من مشروع ترميم الكنيسة المعلقة بمصر القديمة بتكلفة قدرها 55مليون جنيه,وشمل المشروع تخفيض وتثبيت منسوب المياه الجوفية بالحصن الروماني أسفل الكنيسة والمتحف القبطي,وكذلك أعمال الترميم المعماري والدقيق وأعمال الإنارة والكهرباء.
ومن جانبه أوضحد.زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلي للآثار أن مشروع ترميم الكنيسة المعلقة بدأ منذ عام 1999م وشملت أعمال الترميم تدعيم الأساسات والأسقف بالكامل وعلاج الشروخ التي ظهرت بجدران وأسقف الكنيسة نتيجة زلزال 1992م كما تم تبديل وتغيير الأرضيات التالفة للكنيسة وتغيير شبكة الكهرباء وترميم برج جرس الكنيسة بالكامل.
ومن جانبه أضاف اللواء علي هلال -رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار أنه جار الآن طرح مشروع متكامل يشمل إعادة تنسيق وترميم المدرجات الخلفية وأسوار الكنيسة,وإضافة أجهزة تكييف وتأمين من مخاطر الحريق للكنيسة,كما أن هناك مجموعة من الخبراء الروس سيقومون باستكمال أعمال الترميم الدقيق للكنيسة المعلقة والتي تشمل الرسوم الجدارية والفرسكو.
ومن جانبه أضاف فاروق شرف مدير عام ترميم الآثار بقطاع المشروعات ومدير مشروع ترميم الكنيسة المعلقة أن أعمال الترميم الدقيق للكنيسة تشمل الأعمال الخشبية من أبواب مطعمة بمدخل الكنيسة,معالجة الأحجبة الخشبية الحاملة للأيقونات,تنظيف وتقوية وترميم المقاصير الخشبية المطعمة بالعاج والمزخرفة بزخارف نباتية وكتابات,ترميم أخشاب المنجليات وتثبيت وتقوية الكتابات القبطية علي الأخشاب,كما تم أيضا ترميم الأعمال الرخامية من استعدال للميول ومراعاة الاتزان وترميم وصيانة وعلاج تشكيلات الرخام المرصع بداخل الجدار الشرقي بهيكل يوحنا المعمدان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكنيسة المعلقة أقدم كنائس مصر
من جانبه أضاف د.فهمي عبد العليم رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية السابق أن الكنيسة المعلقة شيدت علي اسم السيدة العذراء مريم وعرفت بالمعلقة لأنها بنيت عل برجين من الأبراج القديمة لحصن بابليون الروماني ويرجع تاريخ إنشائها إلي القرن الخامس الميلادي,وذلك يتضح من القطع الخشبية النادرة التي تمثل دخول السيد المسيح إلي أورشليم وعليها تاريخ باللغة اليونانية يرجع إلي القرن الخامس الميلادي,حيث تعد المعلقة أقدم كنائس مصر وكانت في الأصل معبدا فرعونيا ثم أنشأ الإمبراطور الروماني تراجان الحسن سنة 80ميلادية علي أجزاء من المعبد الفرعوني وتم استخدامه في العبادة الوثنية,وعندما انتشرت المسيحية وتحول الرومان للمسيحية تحول المعبد الروماني الوثني إلي أقدم كنيسة في مصر.