عندما يدفع الثوار الثمن غاليا لتحرير الوطن من أغلاله فهم ينظرون إلي الحاضر,وحينما يفكون الأغلال يهدأ الجميع للتفكير في المستقبل… هذا هو حال المصريين الآن بعد الثورة البيضاء التي قام بها الشعب المصري, فبعد تخليحسني مبارك عن السلطة وتفويضه إدارة البلاد للمجلس الأعلي للقوات المسلحة,ورغم الفرحة التي غمرت الكثيرين إلا أن هاجس الحكم العسكري ظل يرواد البعض, مستعيدا أزمة مارس 1954عندما أصر العسكر علي الاستمرار في السلطة وتخلوا عن وعدهم بالعودة إلي ثكناتهم وتسليم السلطة لأصحابها الطبيعيين المدنيين, وصار صراعا بين جناحين في الجيش أحدهما مؤيد للديموقراطية كان علي رأسه محمد نجيب أول رئيس للجمهورية المصرية,والثاني مؤيد للديكتاتورية العسكرية كان علي رأسه جمال عبد الناصر الذي انتصر آنذاك.
تستدعي الذاكرة الجمعية للمصريين تلك الأزمة وتتساءل حول احتمال تكرارها, وكان علينا البحث عن إيضاحات… لذلك كان لنا الحوار التالي مع اللواء عبد المنعم سعيد رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة سابقا.
0 لنبدأ أولا برأيك الشخصي في الثورة وتأثيرها علي مصر المستقبل؟
00 ما حدث كان عظيما جدا… ولصالح مصر لتتحول إلي دولة ديموقراطية, لكن ما يجري من اعتصامات حالية وإضرابات وبعض المسيرات الفئوية التي تعطل عجلة الإنتاج, ومن شأنه الإضرار بمصالح الشعب والتسبب في أضرار بالغة لأن المظاهرات المتعددة الفئوية تعطل مصالح المواطنين وتوقف سير الحياة الطبيعية… وبالتالي تعطل حركة الإصلاح التي وضعت الثورة أرجلنا علي أول طريقها… وإلي هؤلاء أقول: صبرا فلن نضغط علي مفتاح سحري لنجني ثمار الثورة الآن لكن علينا أن نعمل بجد خلال الفترة القادمة ليتسني لنا تعويض ما فات وما لحق بالاقتصاد المصري من خسائر خلال الثلاثة أسابيع الماضية, وسوف تتحقق كل المطالب خلال فترة وجيزة جدا.
0 يتوقع البعض أن يخرج الجيش عن ضبط النفس إذا مازادت تلك الاعتصامات ليتعامل مع المتظاهرين بعنف فما رأيك؟
00 مستحيل فالجيش منذ عام 1952 وحتي الآن لم يتعامل بعنف في أي مرة اقتضت الأمور تدخله, حتي في عام 1986 حينما سرت شائعة بين عساكر الأمن المركزي بمد الخدمة الإلزامية وثاروا وخرجوا من معسكرهم بنهاية شارع الهرم ليقوموا بأعمال تخريب في ممتلكات ومحال المواطنين, لم يستخدم الجيش معهم العنف حتي بعد أن سرت الشائعة وانتقل التمرد لمعسكرات أخري… كل ما فعله الجيش هو حصار المتمردين من عساكر الأمن المركزي ومطالبتهم بضبط النفس… فتاريخ القوات المسلحة مع المواطنين ناصع ومشرف وسيظل, فهو جيش الشعب .
0 في ظل بعد المؤسسة العسكرية عن الأضواء تساءل الكثيرون عن الدور الأساسي للقوات المسلحة بخلاف حماية الوطن من الأعداء؟
00 للقوات المسلحة مهمتان الأولي حماية الوطن والدفاع عنه من الأخطار الخارجية برا وبحرا وجوا, أما الثانية والتي لا يعرفها المواطن العادي فهي حماية الشرعية الدستورية للدولة.
0 وماذا تعني الشرعية الدستورية؟
00 الدستور هو الذي ينظم عمل وعلاقات المؤسسات والهيئات الرئيسية بالدولة والعلاقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وكذلك ينظم شكل الحكم وآلياته وهذه هي الشرعية التي يجب علي القوات المسلحة أن تحافظ عليها باعتبارها هي الضامنة لتحقيق الأمن القومي لذلك فهي تؤمن ما نص عليه الدستور.
وعندما تهتز هذه الشرعية أو يحدث بها خلل تتدخل القوات المسلحة كما حدث يوم 28 يناير الماضي جمعة الغضبويكون التدخل بسبب وجود حالة فوضي تفوق إمكانية الشرطة المدنية علي حماية المجتمع فتقوم القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة المدنية بتأمين المنشآت الحيوية مثل الإذاعة والتليفزيون ومحطات المياه والكهرباء ومحطات السكك الحديدية.
0 لكن الجيش قام منفردا بهذه الحماية بعد الانسحاب الكامل للشرطة المدنية…
00 نعم فبعد انسحاب الشرطة المدنية أضاف ذلك عبئا جديدا علي القوات المسلحة للقيام بدور الشرطة وتغطية الفراغ الأمني وحماية المجتمع.
0 لكن الشرطة العسكرية لايمكن أن تحل محل الشرطة المدنية حتي خلال الستة أشهر القادمة… فما الحل؟
00 أفراد الشرطة المدنية أخدوا درسا من الموقف ده واستفادوا منه وعلينا نديهم الفرصة الفترة اللي جاية لأنهم أولادنا وأنا علي يقين أن المناخ الذي سيسود هو الاحترام المتبادل .
الأحكام العرفية
0 ترددت كثيرا عبارة الأحكام العرفية علي ألسنة الناس فماذا تعني الأحكام العرفية؟وهل وارد أن تسري خلال الستة أشهر القادمة أو لحين انتقال السلطة؟
00 هذا خطأ شائع بين المواطنين فقانون الأحكام العرفية بدأ فرضه في عام 1954 واستمر العمل به لمدة أربع سنوات فقط وحتي عام 1958 ولايوجد لدينا حاليا مايسمي بقانون الأحكام العرفية بينما يوجد قانون الطواريء.
0 يرواد البعض هاجس العودة للحكم العسكري الذي كان في خمسينيات القرن الماضي ولكن كثيرين لايعلمون ماذا يعني الحكم العسكري وهل ما نحن الآن بصدده هو حكم عسكري أم انتقالي؟
0 الحكم العسكري هو أن يتولي كل أمور إدارة البلاد قادة عسكريون ووزراء من المؤسسة العسكرية وهو ما لم يحدث علي المستوي الحالي, حيث إن الحكومة الحالية تسيير الأعمالليست من الجيش, فعندما تنحي الرئيس عن منصبه فوض السلطات في إدارة شئون البلاد إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة وليس لفرد,وهي المؤسسة الأكثر تنظيما وأكثر حرصا علي سلامة الوطن وأكثر سرعة في الإنجاز وكافة البيانات التي صدرت حتي الآن تؤكد نزاهة المؤسسة العسكرية في تعهداتها.
0 البعض يخشي أن تستمر فترة حكم المجلس الأعلي لأجل غير مسمي فللسلطة بريقها؟
00 لايمكن… فهذا مستحيل أبناء الجيش صادقوا العهد وحددوا المدة بستة أشهر أو لحين انتخابات مجلسي الشعب والشوري, فمن غير الوارد أن يطمع الجيش في السلطة وعلينا بالثقة فيه لأنه يمثل كل الشعب والأمر يختلف تماما عن عام 1952 حيث كانت الثورة ثورة الضباط الأحرار لكن الآن الجيش يحمي ثورة الشعب وهناك فارق كبير.
0 إذا ماذا يعني الحكم العسكري؟
00 الحكم العسكري هو حكم البلاد بأحكام القانون العسكري التي يسري تطبيقها علي الضباط والجنود,وهذا لايمكن حدوثه أبدا… وما نحن بصدده الأن ليس حكما عسكريا علي الإطلاق وإنما حالة تنظيمية يتولاها المجلس الأعلي للقوات المسلحة وتعمل كل المحاكم بالقانون المدني ولينزل الناس إلي المحاكم ليروا بأعينهم .
0 وماذا يعني إذا تعطيل الدستور إذا لم يكن القانون المدني معطلا؟
00 تعطيل الدستور هو عدم صدور أية قوانين جديدة أو قرارات في ظل هذا الدستور حتي القيام بتعديله, والذي سيتم الاستفتاء عليه شعبيا للموافقة من عدمها.
من هو اللواء عبد المنعم سعيد؟
0 لواء أ.ح عبد المنعم محمد سعيد يوسف
0 ولد في 16 مايو 1933-المنصورة
0 حصل علي بكالوريوس العلوم العسكرية في عام1955 ثم درجة الماجستير من الاتحاد السوفييتي ثم زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية.
0 تولي عدة مناصب أهمها رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة, محافظا للسويس عام 1990, محافظا لجنوب سيناء عام 1991,محافظا للبحر الأحمر عام1993,محافظا لمطروح عام.1996
0 عمل ضابط تخطيط بهيئة العمليات بالقوات المسلحة بمركز القيادة الرئيسي أثناء حرب أكتوبر.