واشنطن العاصمة
الوزيرة كلينتون: أسعدتم مساء. يسرني أن أنضم إليكم اليوم بمناسبة نشر التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول الحرية الدينية في العالم. تعد وزارة الخارجية كل سنة مراجعة شاملة لوضع الحرية الدينية في البلدان والأراضي حول العالم. إننا نفعل ذلك لأننا نعتقد أن الحرية الدينية هي في نفس الوقت حق إنساني أساسي وعنصر أساسي لأي مجتمع ينعم بالاستقرار والسلام والازدهار.
ليست هذه وجهة نظر أميركية وحسب, إنما هي أيضا وجهة نظر الدول والشعوب حول العالم. إنها متضمنة كحق مقدس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وهي محمية في الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية, كما تضمنها القوانين والدساتير في العديد من الدول, بما في ذلك دولتنا, حيث الحرية الدينية هي أولي الحريات المدرجة في قانون الحقوق.
ولأننا نؤمن بالحرية الدينية ولأننا ملتزمون بحق جميع الناس في كل مكان في العيش وفقا لمعتقداتهم دونما تدخل حكومي وإنما أيضا مع حماية حكومية, فإننا نشعر بالقلق إزاء ما نراه يحدث في العديد من الأماكن. الحرية الدينية مهددة من قبل الأنظمة الاستبدادية التي تسيء معاملة مواطنيها. إنها مهددة من قبل المجموعات المتطرفة العنيفة التي تستغل وتشعل التوترات المذهبية. إنها مهددة من الأضرار الساكنة ولكن المستمرة التي يسببها عدم التسامح وانعدام الثقة التي تترك الأقليات الدينية معرضة للأخطار ومهمشة.
خلال السنة الماضية, أطلقت القاعدة دعوات إلي مزيد من العنف ضد الأقليات الدينية في الشرق الأوسط. وقد تعرضت المواقع المقدسة الصوفية والشيعية والأحمدية في باكستان إلي هجمات. وهكذا كان الأمر بالنسبة لكنيسة السريان الكاثوليك في بغداد قبل أسابيع قليلة. لقد وصلتنا تقارير من الصين حول مضايقة الحكومة للبوذيين التبتيين, والمسيحيين الصينيين, الويغور المسلمين, كما أن العديد من البلدان الأوروبية قد وضعت قيودا علي حرية التعبير الديني.
هذه الانتهاكات للحرية الدينية تؤدي إلي توتر الروابط التي تجعل المجتمعات الديموقراطية مستدامة. إننا نأمل, بهذا التقرير, أن نزود الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمواطنين حول العالم بمعلومات قيمة حول أوضاع الحرية الدينية, وتوجيه دعوة إلينا جميعا للعمل معا بطريقة أكثر فعالية لحمايتها.
عمل مكتبنا للحرية الدينية في العالم, وسفاراتنا وقنصلياتنا حول العالم طيلة أشهر لجمع تقارير هذه البلدان, البالغ عددها 1998 بلدا. وساعدته في ذلك المنظمات غير الحكومية, ومؤسسات الأبحاث والدراسات, والمؤسسات الإخبارية, والمجموعات الدينية, وحكومات أخري. وأريد أن أشكر كل من قدم معلومات وتحاليل, وخاصة الناشطين الشجعان الذين تبادلوا رواياتهم معنا, وأحيانا واجهوا مخاطر شخصية جمة.
والآن, البلد الذي لم يشمله هذا التقرير هو الولايات المتحدة, وذلك لأن وزارة العدل ترصد التهديدات التي تواجه الحرية الدينية في الولايات المتحدة وتصدر تقارير خلال السنة. فكما يعلم البعض منكم, قلت عندما أصبحت وزيرة للخارجية, إننا سوف نبدأ بإصدار تقارير عن أنفسنا, ونحن متمسكون بهذا الموقف. هذه التقارير عن الولايات المتحدة متوفرة لعامة الناس ولأي شخص يريد مراجعتها.
من الواضح, أننا, مثلنا مثل أي بلد آخر, علينا أن نكون يقظين في حماية حقوق الأقليات الدينية وبناء مجتمع يستطيع المؤمنون بكافة الأديان, ومن لا يؤمنون بأي دين, العيش فيه معا علنا وبسلام.
إننا لا ننوي, في هذا التقرير, التصرف كقضاة بالنسبة للبلدان الأخري, أو اعتبار أنفسنا كنموذج مثالي, لكن الولايات المتحدة تهتم بالحرية الدينية. لقد عملنا بقوة لفرض تطبيق الحرية الدينية. نرغب في رؤية الحرية الدينية متوفرة عالميا. ونريد الدفاع عن الرجال والنساء الشجعان حول العالم الذين يواصلون ممارسة معتقداتهم بوجه العداء والعنف.
يعكس هذا التقرير فهما واسعا للحرية الدينية, فهما يبدأ بالمعتقدات الخاصة والتعبير الديني المميز للطوائف المختلفة, ولكنه لا ينتهي هناك. تشمل الحرية الدينية أيضا حرية تربية الأطفال وفق عقيدة ما, ومشاطرة هذه العقيدة مع الآخرين بسلام, ونشر المواد الدينية دون رقابة, وتغيير دين المرء _ حسب خياره, ليس بالإكراه, أو عدم ممارسة أو اتباع أي دين علي الإطلاق. وتشمل حقوق المجتمعات الدينية التجمع للعمل معا في ميدان الخدمة العامة والانخراط العام في المجتمع الأوسع.
لقد شاهدنا المساهمات القيمة التي قدمتها المجتمعات الدينية في الكفاحات العالمية ضد الفقر والمرض والظلم. لقد لعب رجال الدين والمتدينون, هنا, في بلدنا, دورا أساسيا في العديد من أهم حركاتنا الإصلاحية, من إلغاء العبودية إلي حملات اليوم المعاصرة ضد الاتجار بالبشر والعمل الإجباري. عندما يجري التضييق علي عمل هذه المجتمعات أو يتم تعطيله, تلحق الخسارة بنا جميعا بصرف النظر عن معتقداتنا الخاصة.
والآن, يقترح بعض الناس أن علينا, لأجل حماية الحرية الدينية, حظر الخطاب الذي ينتقد أو يهاجم الدين. نحن لا نوافق علي ذلك. قرار تشويه سمعة الأديان الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مرة أخري هذه السنة, والذي ينتظر الآن موافقة الجمعية العامة, يعكس وجهة النظر الأخري. وتنضم الولايات المتحدة إلي جميع الدول لاستنكار خطاب الكراهية, لكننا لا نؤيد حظر هذا الخطاب. بالطبع, حرية الخطاب والحرية الدينية تنبعان من الاعتقاد الأساسي وهو أن تنوع الأفكار يغني ويعزز المجتمعات الأهلية والأفراد, وأن محاولة كبتها أو دفعها للعمل في الخفاء, حتي عندما يكون ذلك باسم المجتمع وبنية حمايته, يكون لها أثرها العكسي. فالمجتمعات التي تزدهر فيها الحرية الدينية وحرية التعبير, هي أكثر صمودا, وأكثر استقرارا, وأكثر سلاما, وأكثر إنتاجية. لقد شاهدنا ذلك عبر التاريخ. وكما يعكس هذا التقرير ذلك, فإننا نري ذلك في العالم اليوم.
إذا, سوف تواصل الولايات المتحدة العمل باستخدام هذا التقرير كمرشد, والعمل علي تقدم الحرية الدينية حول العالم كعنصر جوهري في الدبلوماسية الأميركية. لقد أشار خطاب الرئيس أوباما في القاهرة, في يونيو من السنة الماضية, إلي زيادة مهمة في انخراطنا مع البلدان ذات الأغلبية المسلمة ومع المجتمعات الدينية الأخري حول العالم. عند مقارنة هذا التقرير بالسنوات الماضية, تقدم فصول عديدة في تقرير هذه السنة تفاصيل أكثر بكثير حول ما تفعله حكومة الولايات المتحدة لأجل إشراك المجموعات القائمة علي الأديان, ولمعالجة القضايا التي تؤثر عليها. وسوف تواصل سفاراتنا في دعم الحوار بين الأديان والعمل مع المجموعات الدينية حول طائفة كاملة من القضايا. وسوف نواصل التكلم علنا ضد تقييد الحرية الدينية كلما, وحيثما وجدت.
أود الآن أن أرحب بمايكل بوزنر, مساعد وزيرة الخارجية في مكتب الديموقراطية وحقوق الإنسان والعمل, لتقديم معلومات أكثر توسعا حول هذا التقرير والإجابة عن الأسئلة. مايكل.