اختتمت مؤخرا فعاليات مؤتمر الإصلاح العربي في دورته الخامسة والذي نظمه منتدي الحوار التابع لمكتبة الإسكندرية بشاركة:نجاد البرعي,الأمين العام الأسبق للمنظمة العربية لحقوق الإنسان من مصر,ومحيي الدين اللاذقني الشاعر والمفكر والكاتب الصحفي والمذيع التليفزيوني السوري.ووسوسن بابكر,أمينة دائرة الإعلام بجامعة الشباب بالسودان.
طرح المؤتمر عدة محاور منها:الفضائيات والإعلام الإلكتروني ,حرية الإعلام ,وثيقة البث الفضائي وغيرها.
وفي مستهل كلمته وصف نجاد البرعي قضية القنوات الفضائية بأنها موضوع الساعةوذلك بسبب وثيقة تنظيم البث الفضائي التي تم توقيعها من قبل وزراء الإعلام العرب,وكذا بسبب ظهور عدد من كاتبي المدونات الذين-علي حد تعبيره-تسببوا في صداع للدولة.وعن موضوع الجلسة وهو مدي مساهمة الفضائيات العربية في تحقيق أو إعاقة الإصلاح العربي, أبدي البرعي رفضه للصياغة وطرح سؤالين وهماإلي أي مدي هناك إصلاح؟وهل هو نابع من رغبة حقيقية؟ونفي وقوع أي إصلاح, كما نفي وجود أي رغبة حقيقية في الإصلاح بل أن السلطات السياسية العربية تسعي لتحقيق التمثيل بوجود إصلاح.
وعن الدور الإيجابي الذي تلعبه الفضائيات والإعلام الإلكتروني, ذكر البرعي أن كليهما كانا جديدين علي البيئة العربية الإعلامية التي اعتدنا أنها بيئة ذات طبيعة ورقية ويسهل السيطرة علي وجودها وعلي محتواها وقلل ظهور الأنواع الجديدة من الإعلام من القدرة الحقيقية للسلطات لتحديد أو منع تدفق المعلومات ,حيث كان ظهور الفضائيات والإعلام الالكتروني بمثابة الإشارة الأخيرة ضد السيطرة علي ما يصل للمواطنين من معلومات ودلل علي خطورة تلك البيئات الإعلامية بالنسبة للأنظمة بقضية حقوق الإنسان التي لم تصبح مجالا للمناقشة وملفا مفتوحا إلا بعد أن ظهرت علي إحدي المدونات, وكذا أحداث نادي القضاة في الفترة 2005و2006 التي قامت قناة الجزيرة الفضائية بتغطيتها.
وأضاف البرعي أن الفضائيات تساهم أيضا في عملية الإصلاح من خلال عرضها لأفكار متباينة ومناقشات إلي حد ما متخضرة حتي إذا كانت علي مستويصراع الديوك,مما يعطي المشاهد البسيط نماذج حية تنم عن إمكانية التعايش بين الآراء المتباينة, كما ساعدت الفضائيات علي ضبط سلوك الحكومات المستبدة التي لديها مظهر تحاول الحفاظ عليه.
أما عن التأثيرات السلبية للفضائيات والإعلام الإلكتروني أفاد البرعي أن كشف التصرفات المشينة للحكومات العربية أدي إلي اعتراف السلطات بتصرفاتها التي لاتتفق مع حقوق الإنسان وإصرارها علي المضي قدما في المعاملة اللا آدمية لمواطنيها, وإما إلي اللجوء إلي زيادة التعتيم علي تلك التصرفات.
أما سوسن بابكر فناقشت أيضا إيجابيات وسلبيات الإعلام الإلكتروني والفضائيات وذكرت أن الإعلام الإلكتروني قد سمح لنا بحرية الإرسال والاستقبال بصورة مفتوحة وأيضا سمح بالحصول علي المعلومات من مصادرها الأصلية وتجاوز القيود التقليدية وكذا بسرعة الاستجابة للأحداث السياسية سواء بالتأييد أو بالاحتجاج.
الاحتراف والتوجهات السياسية
أما المحور الخاص بالإعلام العربي بين الاحتراف والتوجهات السياسية فتناول موضوع الخبر والرأي, وأدارت النقاش الكاتبة الصحفية الكويتية سهام الفريح وتحدث فيها كل من الكاتب اللبناني الكبير جهاد الخازن والدكتور عبد السلام المسدي.
استهلت الفريح الجلسة متحدثة عن القناعات العربية المبالغ فيها بأن الإعلام الغربي أكثر مصداقية وموضوعية من الإعلام العربي,رغم الشكوك التي تساورنا إزاء ما يقدمه لنا من معلومات. وأوضحت أن الإعلام الغربي يسلط الضوء علي الجوانب التي يرتضيها ويموه جوانب أخري.
وقال الدكتور عبد السلام المسدي إن الرأي ينشأ ويولد في رحم الخبر,وأشار إلي أنه ليس هناك إعلام سياسي واقتصادي وثقافي بل إنه ليس هناك أي ضرب من ضروب الإعلام غير منخرط في البعد السياسي حتي الإعلام الرياضي يتضمن وجه ما من التأويل السياسي. ورأي أن الخبر يحيلنا إلي حرية صياغة الخبر قبل حرية الرأي وهو بذرة الحرية الإعلامية وهو أحد وسائل التعبير عن شعار الحق في المعلومة التي يناضل في سبيلها.
وأكد أن حرية الخبر مطلب جماهيري ونخبوي داخليا, أما خارجيا فهي مطلب من المجتمع الدولي. وطرح نوعين من الحصار أولهما هو التحالف مع القوي الأجنبية أو التحالف مع القوي المتطرفة ورأي أن الحرية الإعلامية قابلة للتجريم لأنها تقابل باتهامات النيل من استقرار الدول وزعزعة الأمن.
كما عرض المسدي لإشكالية الرقابة الذاتية ومسألة كبت حرية الخبر والتي نتج عنها أن الأجهزة الإعلامية العربية وطنت نفسها علي أن تقلم أطافرها بنفسها.فقد أصبح المثقف العربي يزرع بداخله فكرة الرقيب الذاتي حتي يصبح متأقلما مع الرقابة التي تفرضها حكومته.
وقد نظر المسدي إلي وثيقة تنظيم البث الفضائي من منطق تفكيك علم الخطاب وقال إنها شديدة التركيب حيث إنها تتعامل مع قضايا الجمهور والأنظمة وقضية هوية المجتمعات العربية… وهذه التركيبة تكفل حقوق متعارضة بين أطراف متقابلة والنتيجة أن الأقوي من بينهم هو الذي سيفوز بما تتيحه هذه الوثيقة.
وعبر عن رأيه في الوثيقة قائلا: هي أقرب مثال إلي ما يسمي بالفوضي الخلاقة وهو مفهوم فلسفي يعبر عن وهم الحياد في صياغة الخبر,ووهم الموضوعية حيث ضاعت في الإعلام المعاصر خانة الصفرخانة الحيادوالمسكوت عنه. ولابد أن نعلم أن هناك سياجا جديدا هو منطق اللغة.
وتحدث الكاتب جهاد الخازن عن خبرته الصحفية في العالم وفي إنجلترا وتطرق إلي مسلمات كتابة الخبر وضرورة التفرقة بينه وبين الرأي وهو الأمر المهم جدا في الصحافة الغربية وقال إن هناك حرية في الغرب للنقد ولكن ليس التجريج والاتهامات الباطلة.
وجزم بأنه ليس هناك رأي صادق,لأن الرأي ذاتي وتتدخل فيه عوامل شخصية وهو يختلف من شخص لآخر, وذكر أنه في العالم العربي الخبر يتم نشره بدون ذكر المصادر أما في الصحف الغربية فإنهم يهتمون بالمصادر لدرجة كبيرة وحتي الآن في العالم العربي – رغم التقدم في أجهزة الإعلام – لايستطيعون الفصل بين الخبر والرأي.
بين الحرية والمسئولية
وخلال محور الإعلام بين الحرية والمسئولية تحدث عصام رفعت, رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي, عن العلاقة بين الديموقراطية وحرية الصحافة والمخاطر التي تواجه الصحفيين في مصر وجميع دول العالم وقال: الأخطر علي الصحفيين وحرية الصحافة الحروب والصراعات السياسية في أفريقيا وحتي في الغرب الديموقراطي لاتنجو لصحافة من المضايقات .
وأكد أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر من أكثر المناطق انتهاكا لحرية الرأي والتعبير بل ومن المناطق الخطرة علي حرية وحياة الصحفيين بدليل الحالات التي سجلت انتهاكا لحرية الصحافة في معظم الدول العربية ولايمكن حصرها.
وقال الكاتب أسامة أنور عكاشة إن الحرية مقابل المصلحة السياسية للأنظمة الحاكمة في المجتمع العربي هي إشكالية نصادفها كل يوم, فمثلا تتحكم الرقابة في الصحافة والدراما والسينما ومن هنا نكتشف أن الحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة وأكد أن التنازل عن جزء من حرية الفرد من أجل استقامة الجماعة يحرم الآخرين من الحرية, فلا يجب أن تمارس الحرية التي تحددها السلطة الحاكمة لأن الحرية حق للجميع ولهذا فنحن لانحتاج إلي إصلاح ولكن نحتاج إلي إعادة بناء قواعد الحرية.
من ناحية أخري نظمت مؤسسة أناليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات اجتماعا إقليميا في مكتبة الإسكندرية وعلي مدار ثلاثة أيام حضرة ممثلون عن عدة دول منها: مصر والأردن ولبنان وفلسطين وسورية لبحث سبل تطوير أدب الطفل.
أتت بدايات أدب الطفل في العالم العربي متأخرة زمنيا عن الأدب الإنجليزي علي سبيل المثال, إذ يتفق غالبية مؤرخي الأدب علي أن بداية أدب الطفل في بريطانيا كانت في منتصف القرن الثامن عشر عندما أصدر جون نيوبري أول كتاب ألف خصيصا للأطفال عام 1744 أما بداية الأدب الحديث الذي يعطي مساحة أكبر للخيال فقد أتت بعد منتصف القرن التاسع عشر مع صدور روائع هذا الأدب وهي:أليس في بلاد العجائب,أطفال الماء,علي صهوة ريح الشمال,وإن كان فريق آخر يرجع تلك البداية لصدور النسخة المترجمة للإنجليزية من قصص عجيبة للأطفال عام 1846 للكاتب الدانمركي هانز كريستيان آندرسون.
وبالمقارنة فإ ن أول كتاب قدم للطفل العربي جاء علي يد رفاعة الطهطاوي الذي ترجم قصةعقلة الإصبععن الإنجليزية ليقدم لأطفال العرب كتابا مخصصا لهم يستمعون بقراءته وقد كتب أدباء في مصر وسورية والعراق للطفل منذ بداية القرن العشرين, مما خلق مناخا مناسبا لنهوض أدب طفل اتضحت معالمه في الستينيات من القرن العشرين.
وتقول الدكتورة صباح العيسوي الأستاذة بكلية الآداب في الدمام:لاشك أن تأخر أدب الطفل عندنا يرجع في الأساس إلي تأخر اهتمامنا بالطفل, بالإضافة إلي النظرة الدونية للكتابة للطفل التي كانت سائدة في عالمنا, مما أدي إلي عزوف أدبائنا الرواد والناشئين عن خوض غمار تجربة الكتابة للطفل أو عدم الاستمرار فيها,فقد كانت الكتابة للطفل تعد أمرا سهلا لايقبل عليه من تنقصهم القدرة الأدبية العالية ولايتمكنون من الكتابة للكبار بسبب قصور إمكاناتهم, وأضافت أن أحد العوامل الرئيسية في عدم مجاراتننا لنهضة أدب الطفل الغربي هو إصرارنا علي أن نبدأ من البداية أي أن كثيرا من كتابنا يقبل علي الكتابة للطفل دون أن يطلع علي أسس الكتابة للطفل وعلي النماذج الجيدة التي حققت رواجا بين الأطفال في محيطنا العربي وعلي الصعيد العالمي. ورأت أن أهم أسباب تأخر أدب الطفل العربي عموما هو عدم وجود مؤسسات تقوم علي هذا الأدب وإن وجدت فهي لاتؤدي دورها كما يجب فهي بحاجة إلي تنظيم ودعم وتشجيع ورعاية لكي تنهض وتتقدم. والتعاون بين دول العالم العربي مطلوب لدعم أدب طفل عربي له كتابه ومتلقوه من الخليج إلي المحيط.