لم تخل الحياة الجامعية من الاحتجاجات والمظاهرت التي تطالب بتحرير الجامعات من أنظمتها الحالية, ففي جامعة القاهرة اعتصم طلاب كلية الإعلام لإقالة عميد الكلية د. سامي عبدالعزيز كما تظاهر طلاب كلية الآثار لإقالة عميدة الكلية, ووضع الطلاب صورتها وعليها كلمة ارحلي, كما قام طلاب الفرقة الرابعة بإعداد شكاوي ضد دكتور مادة القراءات بسبب سوء النتائج, وفي جامعة عين شمس جاءت المظاهرات لتعبر عن احتياجات الطلاب ومن ضمنها ضرورة تقليل نسبة النجاح إلي 50% بدلا من 60%, ووجود فترات للراحة بين المحاضرات بكلية العلوم, وتخفيض المصاريف وثمن الكتب بكلية التجارة, كما قام طلاب كلية الطب بتنظيم مظاهرات من أجل إقالة العميد والوكيل.
وامتدت الاحتجاجات إلي جامعة حلوان, حيث قام طلاب كلية العلوم بالتظاهر من أجل تغيير اللائحة وإعادة تقييم الأساتذة من جانب الطلاب, وشهدت أيضا كلية الآداب قسم إعلام الفرقة الثانية اعتراض الطلاب علي جدول المحاضرات.
عن الاستجابة لهذه المطالب, فقد تنوعت ردود الفعل من فتح مجال المناقشة مع الطلبة مثلما فعل عميد كلية العلوم بجامعة عين شمس, إلي عدم الاهتمام, كما حدث من عميد كلية الطب بنفس الجامعة.
وهناك بعض المكتسبات حصل عليها الطلاب من أبرزها حل جميع مجالس اتحاد الطلاب السابقة وإعادة تشكيلها من جديد, وإقامة اجتماع بين وزير التعليم العالي والممثلين لأساتذة الجامعات بحضور شباب ثورة 25 يناير, نتج عنه إعلان منشور رسمي بالضمانات المطلوبة لتحقيق حيادية الانتخابات, وتم تعميمه علي جميع الكليات والجامعات, كما التقي الوزير مرة أخري الطلاب المعتصمين بجامعة القاهرة وأكد علي الاستجابة لمعظم الطلبات التي رفعوها خلال الاجتماع الأول وهي إلغاء لائحة الاتحادات الطلابية الصادرة عام 1979 والعودة إلي اللائحة الطلابية المطبقة قبلها وإلغاء كل العقوبات التعسفية ضد الطلاب وإعادة تسكين الطلاب بالمدن الجامعية, مع التنفيذ الكامل لأحكام القضاء ضد جميع القيادات الجامعية وحرية إقامة الأنشطة الطلابية بالإخطار ودون قيود والاهتمام بدعم الكتاب الجامعي.
أما بالنسبة للمطلب الخاص بتغيير القيادات الجامعية وتعيين هيئة مستقلة من أعضاء هيئة التدريس المشهود لهم بالثقة والنزاهة لدي الطلاب, أكد الوزير أنه لا يمكن أن يتم ذلك دون بديل, وأوضح أنه يتم حاليا دراسة طريقة جديدة لاختيار القيادات الجامعية بشكل يحقق الديموقراطية والموضوعية ومشاركة السادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة وممثلين للطلاب والعاملين, ومن المتوقع أن تنتهي اللجنة المكلفة بهذه المهمة من عملها خلال شهرين ثم تعرض ما توصلت إليه من رؤي علي المجتمع الجامعي, علي أن تطبق الآليات التي سوف تتوصل إليها علي الوظائف القيادية الجامعية الشاغرة خلال الفترة المقبلة بالجامعات.
…. والأساتذة ينضمون
أكد الدكتور عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة بكلية الإعلام جامعة القاهرة, تضامنه مع احتجاجات الطلاب, ولكن بشرط ألا تستمر طويلا, مع ضرورة وجود حلول حقيقية, حتي لا تتعطل العملية التعليمية, وأضاف: أنه حتي الآن لا يمكن القول أن الجامعات حققت كل مطالب الشباب, التي من أهمها تغيير قانون تنظيم الجامعات حتي نضمن وجود انتخابات حرة واستقلال مالي وإداري للجامعة, كما أن اختيار القيادات الجامعية لابد أن يكون عن طريق الانتخاب, بدءا من رئيس الجامعة حتي رئيس القسم, لكي يشعر الجميع بالثقة, نتيجة اختيارهم للقيادات الجامعية.
وأضاف الدكتور أيمن محروس أستاذ مساعد بكلية العلوم جامعة حلوان أن المظاهرات والاعتصامات حق مشروع للجميع, ولكن يجب أن تسبقه عدة خطوات, مثل تقديم المطالب وتحديد فترة زمنية لتنفيذها, وإن لم تتحقق فيمكن اللجوء إلي الاعتصامات, والمظاهرات داخل الجامعات ويجب ألا تكون أثناء وقت المحاضرات حتي لا تتعطل العملية التعليمية.
وأكد علي اقتناعه بمطالب الطلاب الحقيقية لأن الجامعة مثل أي مؤسسة بها بعض التجاوزات, فلابد من القضاء عليها ولكن بشكل حضاري, ويجب أن ينصب الجهد علي تغيير الأشخاص فقط, وإنما تغيير النظام داخل الجامعات, وتنفيذ المطالب بغض النظر عمن سيقوم بتنفيذها, ويجب أن يكون تعيين رؤساء الجامعات بالانتخاب مثل الجامعة الأمريكية.
أوضح أ. د. فوزي عبدالغني عميد كلية الإعلام جامعة فاروس بالإسكندرية, أن لديه رؤية من زاويتين في مطالب الشباب, الأولي: هي وجود بعض الشروط التي ينبغي التمسك بها مثل اتحاد الطلاب الممثل لهم بلائحة ديموقراطية حقيقية تحقق حرية التفكير, والاهتمام بالشأن العام حتي نستطيع أن نؤهل كوادر يخرجون إلي العالم, والثانية أن الطلاب أحيانا يثورون علي الأوضاع والقيادات العلمية رغم أن هناك قوانين تحكمه, فيجب علي الطلاب أن يتثقفوا ويتعلموا منهم ويلتزموا بالقوانين الجامعية.
وطالب فوزي بضرورة ضبط الاحتجاجات والاعتصامات, فالطالب يجب أن يهتم فقط بالدراسة والمطالبة بالأنشطة المختلفة, وليس من حقه المطالبة بعزل العمداء أو الرؤساء لأن الإصرار علي رحيلهم سيحدث إشكاليات كبيرة, فهؤلاء أساتذة جامعيون لهم مكانتهم العلمية المرتبطة بالعمل الإداري ومن المفروض عليهم أن يباشروا وظائفهم مع الطلاب, وقد أكد فوزي أنه يلتزم بقرار الجامعة وينفذه بحضور أحد الطلاب لاجتماع مجلس الكلية ليتعلم مناقشة قضايا الجامعة, وبعد الانتهاء من انتخابات اتحاد الطلاب أيضا سيدخل ممثل للطلاب في الحوار ويعبر بحرية عن آرائهم.
أما الدكتور محمد أبوالغار الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة وعضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعة فقد رفض فكرة انتخاب رؤساء الجامعات في مصر, مؤكدا أنه لا يوجد بين الجامعات الكبري في العالم من يتم انتخابه لرئاسة الجامعة, إلا في دول قليلة مثل اليونان فقط, ولذلك فلا ينطبق علي رئاسة الجامعة ما ينطبق علي عمداء الكليات في مثل هذه الانتخابات, مشيرا إلي أنه من الممكن أن يتم تفادي ذلك عن طريق انتخاب أحد أعضاء مجلس الجامعة للرئاسة, مفضلا ألا يكون منتخبا.
وكشف أبوالغار عن تفاصيل لقاء وفد الجامعات المصرية مع وزير التعليم العالي, التي تمثلت في إتمام قيادات الجامعة فترة انتقالية في مناصبهم حتي نهاية الفصل الدراسي الحالي, وذلك لعدم إحداث فراغ داخل أجهزة القيادة الجامعية خلال الفترة المقبلة, ثم تقديم هذه القيادات استقالتهم الجماعية مع نهاية الفصل الدراسي حتي يتم تعيين قيادات جديدة عن طريق الاقتراع الودي بين الأساتذة في كل كلية علي حدة لأن ذلك غير مسموح به قانونا, بعد أن ألغي مجلس الشعب قانون انتخاب عمداء الكليات, ولفت النظر إلي أن المشكلة الأكبر هي المعاملة السيئة التي كان يتلقاها الطلاب من بعض العمداء ورؤساء الجامعات.