عاد من جديد مرض إنفلونزا الطيور ليكشر عن أنيابه القبيحة,وفي ظل انعدام الوعي والثقافة توطن هذا المرض في مصر لتصبح ثاني دولة عالميا من حيث انتشار المرض وعدد الوفيات بعد إندونيسيا.
ومع بداية كل شتاء منذ طهور المرض في فبراير عام2006 يعود الفيروس القاتل من جديد ليغزو مدن وقري مصر حيث بلغ عدد الإصابات حتي الآن وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية39حالة توفي منهم19متأثرين بالفيروس.
السؤال الآن هو أين دور الحكومة في الوقاية من هذا المرض خاصة مع توقع العلماء تحور الفيروس لينتقل من شخص لآخر؟!
مصدر رزق
قال الدكتور فتحي سعد محافظ الجيزة وأستاذ أمراض الدواجن إن المشكلة في مصر خطيرة خاصة في القري البسيطة والفقيرة التي تعتمد علي تربية الطيور كمصدر للطعام والدخل بالإضافة إلي تباطؤ التطعيمات ورغم ذلك فمحافظة الجيزة مستمرة في تنظيم حملات لتطعيم كافة الطيور التي تنتشر في محافظة الجيزة بالمزارع وبالتربية المنزلية لكن غالبية الناس تخفي هذه الطيور إذا جاءت حملة خوفا من الغرامات لذلك تسعي محافظة الجيزة إلي طمأنة الناس وتدعيم ثقتهم في أن الحكومة معهم وتحافظ علي مصادر رزقهم.
أضاف أن المحافظة تعمل علي توعية الإناث بطرق الوقاية لأنهمن الفئة الأكثر تعاملا مع الطيور إلي جانب تطعيم الطيور.
لا أحد يسمع!
أوضح الدكتور جورج سمير مسئول بمنظمة الصحة العالمية أن في مصر العديد من التناقضات أدت إلي تفاقم أزمة إنفلونزا الطيور أولها عدم تطبيق قرار السلطات بحظر تريبة الدواجن فوق أسطح المنازال حيث لا تزال طيور الدجاج والبط والأوز موجودة في كثير من العشش المنزلية لذا تتعرض مصر وإندونيسيا إلي احتمالية تحول الفيروس إلي نوع بشري قاتل بسبب الاختلاط الدائم بين السكان والطيور والمشكلة الأكبر في مصر أن الكثير من الأشخاص يخفون أعراض الفيروس عندما تظهر عليهم خوفا من فقدان مصدر الدخل أو نبذهم من المجتمع لذلك فإن المصابين بإنفلونزا الطيور غالبا ما يتأخرون في العلاج والنقل للمستشفيات,وبالرغم من ذلك يمكن القضاء علي الفيروس إذا تمت مكافحته في مصر بطريقة جدية من خلال التنسيق بين الجهات المعنية وتشديد الرقابة علي المزارع وأماكن بيع الدواجن والأمل في اللقاح الجديد المصري الذي يتم إنتاجه لأول مرة بالمعمل المركزي للرقابة علي المستحضرات البيطرية والذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية لمعرفة كفاءته وقدرته في السيطرة علي المرض حيث سيبدأ استخدامه خلال الفترة القادمة بعد ثبوت فاعليته خلال التجارب والاختبارات عليه مما وفر لمصر2مليار جرعة لتحصين الطيور حيث يحتاج القطاع التجاري إلي مليار و200ألف جرعة والريفي إلي800 ألف جرعة سنويا.
كثافة السكاني
من جهة أخري أكد أ.د/صلاح عبد الكريم أستاذ الطب البيطري ومدير الجمعية الطبية البيطرية المصرية أن انتشار إنفلونزا الطيور وعدم السيطرة عليه يعود إلي عدة عوامل أهمها الكثافة السكانية خاصة في الأماكن العشوائية وتقلص المراعي,وعدم تعاون الأطباء البيطرين مما أدي إلي تعدد وتكرار حدوث العدوي.
أضاف د.عبد الكريم:أن مرض إنفلونزا الطيور اجتاح جميع دول العالم الحارة والباردة وذلك بسبب خصائص الفيروس المسببة لإنفلونزا الطيور حيث يعيش الفيروس في أجواء باردة جدا في الجو لمدة ثلاثة أشهر أما في الماء فيستطيع الفيروس العيش لمدة أربعة أيام تحت درجة حرارة22درجة مئوية وإذا انخفضت الحراة أكثر يستطيع العيش لأكثر من30يوما ولكنه يموت في الأجواء الحارة جدا التي تصل درجة الحرارة فيها من40-60درجة وأثبتت الدراسات أن جراما واحدا من السماد الملوث بالعدوي كاف لإصابة مليون طائرا كما أن هناك أكثر من 15نوعا لهذا الفيروس يتسبب خمسة منهم افقط في العدوي.
عدم تدريب العمالة!
أوضحت الدكتورة أماني رفعت طبيبة بيطرية ورئيسة قسم التأمين والتسجيل بمديرية الطب البيطري بمحافظة القاهرة أن ظهور بؤر إصابة جديدة في مثل هذا التوقيت من السنة شئ عادي لأن الفيروس ينشط مع انخفاض درجة الحرارة ولكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل مع اللقاحات والأمصال بأساليب علمية صحيحة حتي لا تفسد مما يؤدي إلي عدم استجابة الطيور للقاح بجانب عدم تدريب العمالة القائمة بالتطعيم.
أضافت أن الهيئة البيطرية قامت بعمل حملات يومية في32منطقة وذلك بالتعاون مع شرطة المسطحات وأقسام الشرطة ووزارة الصحة وإدارة الأحياء ولكن للأسف تعمل هذه الحملات بطريقة عشوائية في التفتيش والخوف الآن من اندماج فيروس إنفلونزا الطيور مع فيروس إنفلونزا البشر لأن هذا سيؤدي إلي انتقاله من البشر للبشر وهو ما يهدد بتفشي المرضي بشكل وبائي خطير كما أن هناك معلومات تفيد بأن الفيروس تحور في دول شرق آسيا ليصيب البشر بعضهم البعض وهذا ما لم يؤكده العلماء إلي الآن!
أشار د.عاطف فهمي استشاري الطب العلاجي بالهيئة العامة للخدمات البيطرية سابقا إلي أنه من المهم الآن التأكد من فاعلية المصل قبل استيراده وذلك من خلال فحصه قبل الاستلام وأخذ عينات عشوائية منه ومعرفة نسبة مناعته ومدي صلاحيته وتدريب العمالة علي حفظه في صندوق ثلجي أثناء الحملات وسحب المصل بطريقة سليمة.
طالب د.فهمي بأن تكون عمليات تسليم وتسلم التحصينات من خلال الأطباء وليس أمناء المخازن أو تحت إشراف طبي كامل ووضع لوائح صارمة في عمليات التوزيع والتسليم فضلا عن ضبط التحكم في عربات نقل الدواجن من حيث تحركاتها واستيفائها لجميع الأوراق المطلوبة بدقة عالية.
إعلان حالة الطوارئ!
قال أحمد السيد حسين مسئول بمنظمة الأغذية والزراعة(الفاو) إنه لابد من متابعة تطور إنفلونزا الطيور إعلاميا باستمرار حتي لا ينسي الناس خطورة المرض والخسائر البشرية والمادية ولابد من متابعة تطعيم الدواجن بالمزارع التي تقوم بها هيئة الطب البيطري وتشرف عليها وزارة الصحة وتراقبها المنظمةبجانب مراقبة الأمصال من خارج للتأكد من جودتها.
أضاف عمر قنديل مدير إدارة الأمراض المعدية بوزارة الصحة أنه منذ عودة الفيروس مؤخرا أعلنت محافظة القاهرة حالة الطوارئ وقامت بمحاصرة حالات الإصابة بالطيور المنزلية بالتعاون مع وزارة الصحة كذلك قامت بإغلاق جميع محلات الطيور الحية التابعة للمحافظة وعمل أكمنة ثابتة علي مداخل ومخارج الجيزة بجانب الأكمنة المتحركة في الشوارع الرئيسية بمحافظة القاهرة لمنع دخول وخروج سيارات نقل الطيور كما تم تشكيل عدة فرق لشن حملات علي محلات الطيور خاصة في أسواق المناطق العشوائية إضافة لحظر تربية الدواجن في المنازل وإعدام مخلفات المزارع مع إغلاق المزارع المخالفة وغير الملتزمة لمدة6أشهر.
جهود…ولكن!!
قال أ.د.حامد سماحة-رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية-نتابع حالة المزارع والتربية المنزلية يوميا علي مستوي الجمهورية وذلك من خلال الحملة القومية الثانية للتحصين ضد مرض إنفلونزا الطيور والتي بدأت يوم2007/2/15وتستمر لمدة 3شهور بجميع محافظات الجمهورية وتم تجهيز عدد3000طبيب بيطري ومعاونين وسائقين حيث تم تجهيز عدد72مليون جرعة لقاح إنفلونزا الطيور للاستخدام في التحصين بالإضافة إلي2مليون جرعة لقاح منحة من المنظمة العالمية للصحة الحيوانية بهدف مساعدة مصر في السيطرة علي المرض وخاصة المفرخات ذات عمر يوم واحد,هذا بالإضافة إلي رصيد اللقاح بالهيئة وقدره 11مليون جرعة وتم توزيعها حاليا لجميع المحافظات فيما عدا محافظة القاهرة لأنها خالية من التربية المنزلية ولعل السبب في عدم تحصين القاهرة هو عدم إبلاغ الأحياء والوحدات البيطرية عن حالات التربية المنزلية المخالفة والتستر عليها دون سبب واضح غير الإهمال.
أضاف د.سماحة أن اللقاحات التي تستوردها شركة فاكسيدا من الصين والمكسيك وإيطاليا وإفريقيا يتعامل معها للأسف عمالة غير مدربة فضلا عن نقلها بطريقة غير سليمة وآمنة تؤدي في النهاية للفساد وعدم استجابة الطيور لها ونحن في أشد الحاجة لها خاصة بعد ظهور21بؤرة علي مستوي الجمهورية.
طالب د.سماحة بضرورة تعويض المتضررين بجانب تغير النمط الاستهلاكي للدواجن في مصر من الدواجن الحية إلي المذبوحة المجمدة مثلما فعل العديد من الدول العربية والأجنبية للقضاء علي هذا المرض وتغريم المخالفين غرامة مالية فورية مع سرعة زيادة أعداد المجاوز وسعتها.
من جهة أخري امتنع معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية التابع لوزارة الزراعة بالعباسية عن الحديث في هذا الموضوع تماما ولا نعرف السبب!!