جاء قرار مجلس الوزراء بتشكيل هيئة وطنية للنزاهة ومكافحة الفساد بمثابة القرار المحير للبعض والمرضي للبعض الآخر خاصة في ظل وجود هيئات وأجهزة عديدة لهذا الغرض والمثير أنه مع كثرة هذه الهيئات والجهات الرقابية التي تكافح الفساد إلا أن الفساد مستشري ومستفحل داخل المجتمع المصري…عن الهيئة المزمع إنشاؤها والآليات التي تستخدمها لإعمال وتفعيل القانون والمحاسبة, وأوجه التعارض أو التكامل مع الهيئات القائمة والخلل والسلبيات التي أدت إلي استشراء في المرحلة السابقة والجديد الذي ستقدمه الهيئة الجديدة لمجابهة الفساد كان لـوطني هذا التحقيق:
أجهزة مستقلة
من جانبه أكد د.أشرف عبد الوهاب وزير الدولة للتنمية الإدارية بالتفويض الكثير من الدول تعتمد علي منظومة التعددية في الأجهزة الرقابية فهو نمط موجود ولكن في مصر توجد عدة جهات رقابية ولكل جهة دور فالتعددية أمر طبيعي ولكن في مصر نحتاج نوعا من التنسيق لأنه توجد جهات لها تبعيات مختلفة كالجهاز المركزي للمحاسبات يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة والرقابة الإدارية تتبع وزارة العدل وهذه الجهات تابعة للسلطة التنفيذية وهذا النوع من التبعية يؤدي إلي القصور في أداء هذه الجهات ومعظم الدول اتجهت إلي تبعية هذه الجهات الرقابية لهيئة محايدة كالمجتمع المدني أو البرلماني ومكافحة الفساد سيتم بشكل فعال عندما تكون هناك شفافية من الجهات المختلفة في الإعلان عن قضايا الفساد.
إهدار للمال العام
من جهته قال المستشار عبدالله قنديل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية الأمر يقتضي تدعيم الأجهزة الرقابية القائمة, فلسنا بحاجة إلي إنشاء هيئة جديدة لمكافحة الفساد فهذا يعتبر إهدارا للمال العام الذي تتكلفه الهيئة في إعداد كوادرها وأفضل دعم هو استقلال الهيئات الرقابية القائمة حاليا ودعم اختصاصتها وأن تكون تابعة مباشرة للهيئات القضائية فلدينا العديد من الأجهزة الرقابية التي تختص بالبحث والتحري وضبط كافة الجرائم التي تتعلق بالمال العام مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية مباحث الأموال العامة.
استطرد قنديل: النيابة الإدارية أنشئت في1954 بقانون 480 لتحقيق هدف من أهداف ثورة1952 ألا وهو القضاء علي الفساد وبعد أن اشتد عود النيابة الإدارية بدأ النظام الحاكم في تقليص دورها والحد من اختصاصاتها التي أولها فصل الرقابة الإدارية عن النيابة الإدارية واقتصر دورها علي البلاغات من الجهات التي تقع فيها المخالفات.
لذا أطالب باستقلال الهيئات والأجهزة القائمة حاليا والتي تختص بمكافحة الفساد طبقا للقوانين المعمول بها وطبقا لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن مكافحة الفساد والتي أبرمت عام2003 ووقعت عليها مصر في 2005 وتنص مادتها رقم3 علي أنه يجب علي الدول الأعضاء منح الاستقلالية الكاملة للهيئات التي تعمل في مجال مكافحة الفساد حتي تكون بعيدة عن مظنة التأثير من جانب السلطة التنفيذية.
إرادة حقيقية
قال علاء عبد المنعم-نائب رئيس حزب الوفد: الخلل يكمن في الإدارة السياسية فلم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد لأن النظام السابق كان يقوم بحماية الفساد والمفسدين وبالتالي كانت توجد هيئات وجهات رقابية لمكافحة الفساد تقوم بجهود ولا توجد نتائج أما في حالة إرادة حقيقية لمكافحة الفساد ستنجح هذه الأجهزة بأقل جهد وأطالب بأن يكون علي رأس هذه الهيئة رجل سياسي مشهود له بالنزاهة ولديه حصانة بالإضافة إلي حصانة أعضاء الهيئة والتي تتيح لهم حق الضبطية الفضائية بحيث يتمكنوا من أداء واجبهم وتكون مستقلة عن السلطة التنفيذية مثل القضاء.
هيئته تنسيقية
قال د.سعيد اللاوندي الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: مجلس الوزراء يحاول محاولات جادة, لأن هناك إجماعا علي مسألة الفساد المستشري في العهد السابق فكان لابد من العمل علي ترشيد كل الهيئات والأجهزة التي تعمل في هذا الشأن ولابد من وجود هيئة تنسيقية خاصة لتفعيل دور هذه الهيئات.
بلاسقف للمحاسبة
أشار الدكتور أحمد صقر عاشور أستاذ الإدارة بجامعة الإسكندرية والخبير لدي الأمم المتحدة في مكافحة الفساد والحوكمة: الهيئة الجاري إعدادها يجب أن تكون مستقلة عن أجهزة الدول حتي لا يكون لها سقف أو حدود للمحاسبة كما يجب أن يكون لها دور خاص بالمكافحة يتضمن التحري وتلقي البلاغات وإعداد الملفات وإحالتها لجهات التحقيق المختصة علي حسب الحالة.
ويجب أيضا أن يتسع اختصاص الهيئة للكثير من جوانب الفساد مثل الفساد المالي والاقتصادي والإداري بجانب الفساد السياسي.
وأن تعمل هذه الهيئة مع العديد من القطاعات المجتمعية وعلي رأسها القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بل وكافة التنظيمات السياسية والاقتصادية.
تحديد قضايا الفساد
نوه الدكتور أحمد كمال أبو المجد أستاذ القانون الدستوري: مسألة تشكيل هيئة وطنية دائمة للنزاهة ومكافحة الفساد تنبع من فكرة مطروحة منذ فترة لكن الأهم هو إيجاد النص القانوني المحدد لقضايا الفساد دون أي لبس.
ولابد من وجود تشريع كامل يحدد أركان جريمة الفساد وبالتالي لايحدث تضارب بين الهيئة المزمع تشكيلها وبين جهات التحري والتحقيق الأخري مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وغيرهما.