لعل أهمية الانتخابات القادمة لا تنبع من كونها أول انتخابات يفترض أن تكون نزيهة, بعد أكثر من ستين عاما من تزوير الانتخابات وتزييف الحياة السياسية, ولا لكونها أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير, ولا لأن المجلس القادم سيصيغ العديد من القوانين الهامة ويختار لجنة الدستور, ولكن الأهمية الكبري تنبع من أن الصراع الدائر حاليا والسؤال الأبرز المطروح والمنافسة الإنتخابية ذاتها تدور حول دولة دينية أم دولة مدنية؟. والمجتمع المصري هذه الأيام يشهد إنقساما واضحا وحادا بين دعاة الدولة الدينية ودعاة الدولة المدنية, فهناك قطاع كبير من المصريين متخوف جدا من تصاعد المد الديني والخطاب الديني والمظاهر الدينية في الحياة العامة والسياسية ويرغبون في وضع مبادئ تضمن مدنية الدولة, وهناك تيار ديني يصر ويعمل ويهدد ويعلن بوضوح أنه يريد تحويل مصر إلي دولة إسلامية.
من هنا تنبع أهمية اللحظة وضرورة التواجد الفعال وخاصة للأقباط في الأنتخابات القادمة, ولعل رسالة قداسة البابا شنودة للشعب القبطي ودعوته لهم للمشاركة السياسية هي الأقوي منذ تنصيبه بطريركا منذ أربعين عاما,فقد طالب الأقباط أن يذهبوا جميعا إلي المشاركة في الانتخابات, حتي أنه شبه من لا يذهب بالجثة المهملة سياسيا والتي لا يحترمها أحد, ولعله من النقاط المهمة التي ذكرها قداسته أنه علي الأقباط أن ينتخبوا الأصلح سواء كان مسلما أم قبطيا, بل وركز علي أنتخاب المسلم الوطني الذي يدعم حقوقهم ويدعم مدنية الدولة, وركز قداسة البابا علي أن تصويت الأقباط في الأنتخابات بكثافة سيدعم جانب الأعتدال وتيار الاعتدال في الدولة, وأسهب قداسته في توضيح أن الذهاب للإنتخابات هو واجب وطني وواجب روحي أيضا… واعتقد أنه لا يوجد كلام أقوي من هذا يقال بعد أن قال قداسته كل ما يجب أن يقال في هذا الشأن.
من الآن علينا أن نركز علي رسالة إيجابية فيما يتعلق بالانتخابات القادمة:
فهذه أهم انتخابات منذ عام 1952
هذه الانتخابات ستترتب عليها نتائج خطيرة بالنسبة لمستقبل مصر.
علينا أن نذهب لصناديق الانتخابات بنسبة 100%
لا تستمع نهائيا إلي الدعاوي المدمرة بمقاطعة الإنتخابات,فأصحاب هذه الدعاوي لهم اغراض خاصة, وهم بهذا سوف يتركون البلد للقوي الفاشية والظلامية.
لا تخف ولا تستمع إلي نصائح المغرضين والخائفين بعدم الذهاب إلي الإنتخابات خوفا من العنف المتوقع, فالكثير من الشعوب سقطت في قبضة الفاشية الدينية نتيجة الخوف من ممارسة حقوقهم الطبيعية,أو الخوف من تهديدات هذه القوي أو اليأس من العمل السياسي عموما أو التقليل من أهمية الصوت أوالتراخي والكسل وعدم أداء الواجب.
لا تخف من شكل اللجان إذا رأيت بلطجية أو اصحاب اللحي والجلاليب يتصدرون المشهد, فهولاء مهمتهم تطفيش الأغلبية الصامتة حتي يتسني لهم السيطرة علي البرلمان عن طريق الأقلية المنظمة.
لا تستمع إلي وعظ ديني من أحد امام اللجان أو أمام الصناديق,فهؤلاء تجار دين ومخادعون ويزعمون الحديث باسم الله وهم يتاجرون بأسم الله وما هم إلا وكلاء سياسيون لجماعات فاشية اختطفت الحديث باسم السماء.
عند الصندوق تأكد أنك أدليت بصوتك بطريقة صحيحة ووضعت صوتك في الصندوق بطريقة صحيحة ولا تستمع إلي من يتواجد أمام الصندوق لأن منهم مغرضين كثرا, بكل ثبات ادلي بصوتك لمن تراه جدير بهذا الصوت وسيحافظ علي الدولة المدنية وعلي الحقوق والحريات.
أدلي بصوتك لصالح الكتلة التي تدافع بوضوح وبدون تلون عن الدولة المدنية والحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والأقليات,أما علي المستوي الفردي فاختار الشخص الذي تعرفه جيدا وتعرف أنه من المؤمنين بحقوقك وبمدنية مصر وبالعدالة والمساواة.
في الاستفتاء علي الدستور شارك حوالي 18 مليون شخص بنسبة 36% من القوي التصويتية, ومن المتوقع في هذه الانتخابات مشاركة ما بين 30 إلي 35 مليون بنسبة 60%-70% من القوي التصويتية, وتقدر اصوات الأقباط ما بين 5 إلي 7 ملايين صوت وإذا ذهبوا إلي صناديق الأنتخابات بنسبة عالية عن المتوسط العام سوف يرجحون بشدة كفة الاعتدال ويحمون مصر من الانزلاق إلي منحدر الدولة الدينية.
قوم يا مصري مصر دايما بتناديك