في كل تجمع مصري هناك ثلاثة اسئلة مكررة
السؤال الأول: إلي أي من الاحزاب ننضم؟
السؤال الثاني: من ننتخب من المرشحين للرئاسة؟
السؤال الثالث: مصر رايحة فين؟
في هذه المقالة نبدأ الإجابة علي السؤال الأول, ولكن قبل أن ننخرط في تفاصيل حول الاحزاب نبدأ بتعريف الحزب وهو مجموعة من المواطنين يؤمنون بأهداف سياسية أو أيديولوجية مشتركة وينظمون أنفسهم بهدف الوصول إلي السلطة أو التأثير علي هذه السلطة من خلال تولي ممثليه المناصب العامة , سواء عن طريق العملية الانتخابية أو بدونها للسعي لتطبيق برنامجهم العام.
وعلي الذين يريدون الانخراط في العمل الحزبي أن يدركوا مجموعة من العوامل:
أولا: لا يوجد حزب مثالي يتطابق مع جميع أفكارك, ولهذا لا تنزعج من انضمامك إلي حزب وانت تختلف مع برنامجه في بعض الاشياء, المهم أن يكون هو الأقرب بين الاحزاب الكائنة إلي خياراتك وافكارك وتحقق ذاتك من خلاله.
ثانيا:في مصر تغيب المؤسسية الحزبية بشكل عام, وهناك ظهور طاغ لما يسمي بالعامل الشخصي, وهذا طبيعي في بلد لم تمارس فيه السياسة منذ عقود طويلة, فحتي حزب الوفد الأشهر القديم كان في جوهره حركة شعبية واسعة تسعي للاستقلال عن الانجليز ومن هذا المنطلق الوطني كانت شعبيته الجارفة.
ثالثا: الأحزاب الايديولوجية في مصر هي الاكثر وضوحا, فانا لا احتاج إلي قراءة برنامج حزب الاخوان لمعرفتي الواضحة بايدولوجيتهم علي مدي 80 عاما, وكذا السلفيين, وكذا الاتجاه الصوفي المسالم.. هذه أحزاب ايدولوجية واضحة جدا وتختلف عن الاحزاب الليبرالية, ولهذا لا يهمني من علي رأس الحزب الايدولوجي لأن الافكار فيها أكثر وضوحا من الاشخاص, عكس الاحزاب الأخري التي يظهر فيه الشخص علي حساب البرنامج.
رابعا:علي الأقباط والاقليات أن تختار الاحزاب التي يظهر فيها بوضوح الدفاع عن الدولة المدنية وعن المواطنة وعن المساواة وعن الحريات, ويتيح للأقباط أدوارا داخل الحزب, ويكون علي رأس الحزب مجموعة محترمة تؤمن بهذه المبادئ ولا تناور بها.
بعد ذلك نتحدث عن الاحزاب وفي هذا الجزء سوف اتحدث عن تقييمي الشخصي وهو قد يختلف من شخص لاخر, ولكن ربما يفتح المجال لاستعراض هذه الاحزاب.
الحزب الأول: حزب المصريين الاحرار
مؤسسه شخصية وطنية محترمة هو المهندس نجيب ساويرس ومعه مجموعة علي مستوي رفيع في الإدارة ومجموعة أخري من المثقفين, وهذا الحزب هو أسرع الاحزاب الليبرالية نموا وفاق معظم الاحزاب القديمة بكثير, ولهذا تعرض مؤسسه لمحاولة اغتيال سياسي بسبب نجاح الحزب, وهو طبعا حزب ليبرالي يدافع عن الدولة المدنية ويحاول أن يقف حائط صد في وجه الدولة الدينية. في الحزب مجموعة ضخمة من المسلمين وعدد كبير من الأقباط وقد أعلن مؤسسه بأنه لن يكون رئيس الحزب ولكن سيتيح الفرصة لمن لديه الوقت والرغبة ليرشح نفسه لرئاسة الحزب.يحاول مؤسسوه أن يجعلوا منه بوتقة حقيقية للوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط.
الحزب الثاني: الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي
ومؤسسه شخصية وطنية رفيعة المستوي وهو الدكتور محمد ابو الغار, الذي يتميز بنقاء وطني يعرفه كل من اقترب منه, ويشارك في الحزب كوكبة رفيعة من المثقفين والشخصيات العامة, وبالطبع هو حزب ليبرالي يدافع عن الحرية والمساواة والدولة المدنية, وهو حزب به عدد كبير من الأقباط ومنهم شخصيات قيادية في هيكل الحزب.
الحزب الثالث:حزب الجبهة الديموقراطي
قام بتأسيس الحزب مفكر ليبرالي مستنير ومحترم هو الدكتور أسامة الغزالي حرب, يقترب جدا في أهدافه ومبادئه من الحزبين السابقين, ولأنه حزب نشأ قبل الثورة فقد استقرت هياكله ولكنها توسعت وأخذت دفعة قوية بعد الثورة, وهو حزب يأمل أن يكون خليطا ممتزجا من المسلمين والأقباط يعبر عن روح مصر وواقعها, وهو عضو في الليبرالية الدولية.
وهناك بعض الاحزاب الليبرالية الصغيرة الأخري مثل حزب مصر الحرية ومؤسسه الباحث المعروف الدكتور عمرو حمزاوي, وحزب الوعي ومؤسسه ناشط بارز هو الدكتور شادي الغزالي حرب.
وبالطبع لمن يميل إلي اليسار هناك مجموعة من الاحزاب اليسارية الليبرالية في مقدمتها حزب التجمع القديم ومؤسسه شخصية وطنية مرموقة وهو الاستاذ خالد محيي الدين ويرأسه حاليا المفكر المعروف الدكتور رفعت السعيد. وهناك أيضا حزب التحالف الشعبي ومؤسسه قطب اليسار البارز الدكتور ابراهيم العيسوي ومعه القطب اليساري المعروف الاستاذ عبد الغفار شكر وكلاهما كانوا عضوين بارزين في حزب التجمع. وهناك الحزب الاشتراكي المصري ووكيل مؤسسيه هو الناشط المعروف الأستاذ أحمد بهاء الدين شعبان ومعه نخبة من مثقفي اليسار المصري.. ومن يرغب في يسارية أكثر هناك الحزب الشيوعي المصري.
وقد اسعدني أن هذه الأحزاب جميعا تكتلت في مجموعة واحدة تسمي ## الكتلة المصرية## ,وستدخل في قوائم موحدة في الانتخابات القادمة لمواجهة التحالف بين الوفد والاخوان والسلفيين خاصة في ظل انضمام حزب التحرير الصوفي للكتلة المصرية وهو حزب إسلامي مسالم يمثل روح الإسلام المصري الشعائري المسالم الذي يأخذ من تراث مصر وروحها وتاريخها الفرعوني والقبطي, والحركة الصوفية هي حركة مصرية أصيلة تقف في مواجهة السلفية الوهابية العنيفة العابرة من صحراء نجد إلي مصر. كما أنضم إلي الكتلة المصرية هيئتان مرموقتان وهما الجمعية الوطنية للتغيير التي أسسها الدكتور محمد البرادعي, والمجلس الوطني الذي أسسه المناضل الدكتور ممدوح حمزة. وقد جاء في بيان تأسيس الكتلة المصرية ما يلي ##الكتلة المصرية هي مجموعة من الأحزاب و الهيئات الشعبية المصرية التي تؤمن بأن مصر دولة واعدة و أن مستقبلها يتوقف علي إقامة دولة عصرية حديثة يكون العلم فيها مكونا أساسيا.
الكتلة المصرية تؤمن بأن الشعب المصري يستحق مستقبلا ديمقراطيا يضم جميع قوي الشعب المصري من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار بدون إقصاء لأحد, و بدون تفرقة بين المصريين علي أساس الجنس أو العرق و الدين..
الكتلة المصرية معنية بالدرجة الأولي بالمساواه و محاولة إقامة عدالة إجتماعية حقيقية بين المصريين و لكن أساسها أن للفقراء المصريين حق أساسي و أصيل في حياة كريمة و تعليم جيد و تأمين صحي متميز و مسكن لائق.الكتلة المصرية تأسست لإقامة الدولة الحديثة##.
بقي شئ هام بالنسبة للأقباط, وهو أن انخراطهم في العمل السياسي مسألة حياة أو موت وتقاعسهم عن العمل السياسي معناه تسليم الدولة للإسلاميين. علي كل قبطي رجل أو أمراة أن ينخرط في العمل الحزبي الذي يناسبه وأن يذهب إلي صناديق الانتخابات وإلا فالعواقب ستكون وخيمة. أنني أشعر بالخجل والعار مما حدث من الأقباط في أنتخابات نقابة الصيادلة مؤخرا حيث نجح المرشح الإسلامي بأقل من 15% من عدد الاصوات المسجلة في حين تزيد عضوية الأقباط في هذه النقابة عن 30%. أين كنتم يا أقباط حتي حدث هذا؟ ولماذا فضلتم يوم عمل في صيدلية عن مستقبل بلدكم وابنائكم؟ ولماذا تصرخون من الإضطهاد وانتم بهذا الكسل والانانية؟. العمل السياسي مقدم علي الصلاة, وكما قال السيد المسيح دعوا الموتي يدفنون موتاهم وتعالي وأتبعني, عليكم أن تتركوا موتاكم وتخرجون للإدلاء باصواتكم فهذه مسائل لا تحتمل الكسل ولا الهزار.
أنني أكره أن اسمع من الأقباط أن الدولة رايحة للإسلاميين, نعم الدولة ستذهب إلي الإسلاميين إذا تقاعستم عن اداء دوركم. أنتم مع المسلمين المعتدلين كتلة ضخمة تستطيع أن تغير المعادلة, وكما ذهبت انتخابات نقابة الصيادلة للإسلامين بسبب تقصير المعتدلين – مسلمين وأقباط – ستقع مصر كلها في قبضة الإسلاميين إذا قصر أولئك.. مصر أمانة في أعناقكم فلا تفرطوا فيها.