د. كمال مغيث: المدرسة للعلم فقط ولإرساء قيمة المواطنة
د. هدي زكريا: المهم ألا يتضمن محتوي المادة تكفيرا للآخر
د. أمين أبو بكر: أرفض إلغاء الدين.. والأخلاق موجودة بالمناهج الأخري
من الطبيعي أن يؤمن كل فرد بصحة معتقداته الدينية, ويري أن الديانة التي ينتمي إليها هي فقط الصحيحة.. لكن هل من المنطقي أن يقال ذلك علانية في حصص الدين بالمدارس؟! وهل سيجلس الطلاب بمختلف دياناتهم بعد انتهاء حصة الدين دون أن يكون في نفس كل منهم غضاضة تجاه الآخر؟! هل سيقبل كل منهم الآخر؟! وهل سيشعرون بالمساواة بين بعضهم البعض؟!..
لتفادي تلك المشاعر جاء اقتراح إلغاء تدريس مادة الدين من المدارس والذي تقدم به الدكتور كمال مغيث الباحث بمركز البحوث التربوية, فهو يري أن المدرسة يجب أن تكون للعلم فقط ولإرساء قيمة المواطنة بلاأي تمييز علي أساس الدين أو النوع أو الثقافة. وأيضا لأن مادة الدين أصبحت مبررا لكثير من المظاهر الطائفية البغيضة مثل فصل التلاميذ المسيحيين عن المسلمين. ومبررا أيضا لوجود العديد من الأفكار المتطرفة التي تدعو للتمييز علي أساس الدين.
رجع الصدي
قال د. مغيث: رجع صدي هذا الاقتراح جاء متنوعا, فوزارة التربية والتعليم تجاهلته تماما بالرغم من إني قدمته منذ أكثر من عشر سنوات!. والتنويريون أيدوا الاقتراح الذي يستهدف إرساء المواطنة وقبول الآخر, في حين رأي المتشددون أنه خروج علي ثوابت الأمة, وبالنسبة لعامة الشعب فسيكون أمرا عاديا إذا رفضوا هذه الفكرة التي تعد سمة أساسية في كل دعاوي الإصلاح.
أضاف د. كمال: سنظل نواصل النضال من أجل عودة المدرسة لدورها في غرس قيمة المواطنة. ونحتاج لتحقيق ذلك إلي تنظيم الجهود المؤيدة لهذه الدعوة وتبني الجمعيات الأهلية لهذه الأفكار.
الأساسيات المشتركة
اختلفت قليلا مع الرأي السابق الدكتورة هدي زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس وقالت: المشكلة ليست في إلغاء حصة الدين أو الإبقاء عليها, لكن المهم هو التدخل في محتوي المادة بحيث لا تتضمن تكفيرا للآخر, بل تتناول الأساسيات المشتركة بين الأديان. وإذا أردنا الإبقاء علي مادة الدين كل علي حدة فيمكن توجيه المتخصصين من أتباع الدينين ليقدموا رؤي مستنيرة جميلة, مع المحافظة علي الخصوصية الدينية فيها, بحيث يقدم كل طرف شيئا إيجابيا للآخر وليس التعصب والتحيز. فالحب والكراهية بين الناس لا يقومان علي أسس دينية.
أما بالنسبة لرفض فئة من المجتمع لتوجيه المحتوي الديني, فهو نتيجة لتفشي التشدد الديني, فبعض المسلمين تشبعوا بثقافة دول الخليج, وتزمت بعض المسيحيين رد فعل طبيعي لتشدد الطرف الآخر, ونحن كمصريين من المفترض أن يكون لدينا إيمان شديد بالوحدة المصرية وليس الدينية, فأقوي فترات الشعب المصري تلك التي كانت فيها وحدة ثقافية, وهي التي أنقذته من التعددية الدينية.
وللعودة لتلك الوحدة المفقودة لابد من الابتعاد عن الاستثارة في الخطاب الديني ومعاداة الآخر والتمركز حول الذات, مع التركيز علي الأساسيات المشتركة بين الأديان بدلا من بث روح الفرقة والانقسام والعداء فهذا من شأنه أن يجنبنا مشاكل اجتماعية كبيرة.
تنقية أم استبدال؟!
لكن.. ماذا عن رأي وزارة التربية والتعليم؟ هل يمكن تغيير مادة الدين بأخري حول الأخلاق أم سيتم تنقية مادة الدين مما هو ضد الآخر؟.. لإزالة علامات الاستفهام تحدثنا إلي الدكتور أمين أبو بكر مدير الإدارة المركزية للتعليم الأساسي بالوزارة فقال: أرفض وبشدة مجرد وجود اقتراح بإلغاء تدريس الدين فذلك ضد التدين والوطنية. لن نغير الدين بمادة أخري حول القيم والأخلاق ولن يجري عليها أي تعديل في المحتوي. كما أن المناهج الأخري تتضمن مواد للقيم والأخلاق فنحن لسنا في حاجة لمثل هذه المواد.
أرفض الإلغاء
ويتفق مع الرأي السابق المهندس عادل محمدي -ولي أمر- قائلا: أعترض علي إلغاء تدريس مادة الدين متسائلا: من أين سيتعلم النشئ أصول دينه ومبادئه, خاصة إن كان ولي الأمر متوفيا أو جاهلا, وغير مكترث بتعليم أبنائه لأصول الدين, ولا يحثهم علي الذهاب لدار العبادة فمن أين سيتلقي هؤلاء الأطفال مبادئ دينهم.
أما بالنسبة للمدرسين الذين يسببون تشويشا في ذهن الأطفال خلال حصص الدين ويجعلونهم يرفضون الآخر, فيتوجب عليهم تعليم التلاميذ الأصول التربوية للدين دون التطرق لتحليل أي دين آخر أو تناول محتوياته بالإساءة.
التقينا مع الدكتورة لبني عبدالرحيم رئيسة قسم المتابعة والتجريب بمركز تطوير المناهج التي قالت: لا يمكن إلغاء مادة الدين. فعندما أعددنا مادة القيم والأخلاق لتدريسها اعترض الجميع, حيث اعتقدوا أنها بديلة للدين, فتدريس الدين جزء من دور المدرسة التي من المفترض أنها تربي عقل ووجدان التلميذ, والمواد الأخري تنمي العقل والدين ينمي ويهذب الوجدان.
كذلك يعتبر تدريس هذه المادة خطوة تمهيدية لدور المسجد والكنيسة. لكن المشكلة الحقيقية في فصل الطلبة المسيحيين عن المسلمين كي يتلقي كل منهم تعاليم دينه. ويمكن حل هذه المشكلة من خلال جعل حصة الدين في بداية اليوم الدراسي أو حتي تسمي فقرة الصلاة, ثم يذهب جميع الطلبة لفصولهم وليستكلموا معا كافة الحصص الدراسية.
أما بالنسبة للتشويش الذي يحدثه المدرس المتعصب دينيا في ذهن الطلبة, فهنا يبرز دور المؤسسة الدينية, حيث يتحتم عليها تصحيح كافة المفاهيم المغلوطة التي تبث من خلال القنوات الفضائية أو تصدر من بعض رجال الدين والتي تؤثر بالسلب علي تفكير البعض, وقد ينقل المدرس المتعصب ذلك الفكر المسموم للطالب. فتصحيح المفاهيم سيقينا من جهل البعض.