في محاولة لإنهاء مسلسل الهجوم علي الأديان السماوية والذات الإلهية تقدم خالد محمد زردق عضو مجلس الشعب ووكيل اللجنة الدينية بالمجلس بمقترح مشروع قانون يجرم ازدراء الأديان السماوية والرسل بالحبس المشدد أو الغرامة المالية,ووافقت لجنة الاقتراحات والشكاوي علي المقترح وتم تحويله إلي اللجنة الدستورية والتشريعية كي تقوم بإعداد تقرير عن هذا المقترح قبل عرضه علي أعضاء مجلس الشعب.
وطنياطلعت علي الاقتراح وتعرفت علي وجهة نظر من قام بوضعه, وسألت بعض المتخصصين والذين انقسموا إلي فريقين الأول يري أهمية إقرار هذا القانون للحفاظ علي السلام الاجتماعي للمجتمع المصري وترسيخ مبدأ المواطنة فعليا بشرط تطبيقه بصورة جيدة,بينما يري الفريق الآخر أن مثل هذا القانون ضد حرية الرأي والتعبير,وأن المشكلة ليست في الإساءة للأديان والمقدسات بقدر انشغال المواطنين بقضايا فرعية بعيدا عن القضايا الأهم..
التجريم.. ضرورة!
في البداية قال خالد محمد زردق وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشعب ومقترح مشروع القانون هناك أهمية قصوي لوجود قانون يجرم ازدراء الأديان السماوية,ولذلك قمت بالبحث في قانون العقوبات والقوانين الأخري,حتي توصلت إلي هذه الصياغة والتي وافقت عليها لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب وتم تحويلها إلي اللجنة التشريعية والدستورية حتي تأخذ مجراها ,خاصة وأن الإساءة إلي الأديان مسلسل مستمر ولابد من التعامل معه بحزم,نظرا لأن الإساءة لم تعد من الخارج فقط بل من الداخل أيضا وطالما كان هناك قصور في معالجة هذا الأمر لذا لم يعد أمامنا سوي المطالبة بتجريم ازدراء الأديان بعقوبات مشددة.
جناية..
يعتمد مشروع القانون علي الباب الحادي عشر من قانون العقوبات وبعد أن كان اسمه بابالجنح المتعلقة بالأديانسوف يصبح بابالجنايات والجنح المتعلقة بالأديان كما تنص المادة 159 مكرر بهذا الباب علي: يعاقب بالسجن المشدد وغرامة 50 ألف جنيه أو إحداهما لكل من تعدي أو ازدري أو سخر من الذات الإلهية أو أحد الأديان السماوية أو رسلها أو أنبيائها أو زوجاتهم,ولكل من روج لذلك بأية وسيلة سمعية,بصرية,أو شبكة إلكترونية أو بالرسم أو بالتعبير,أو بالتصوير أو بالغناء.
ويعاقب بذات العقوبة من قام بالنشر,أو البث,أو النقل الإلكتروني,سواء كان شخصا طبيعيا أو شركة ما,وسواء كان ذلك داخل حدود الدولة أو خارجها.
أشار وكيل اللجنة الدينية إلي أن هذا التعديل تطلب تعديل المادة 3 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية,بحيث يقوم برفع الدعوي أحد أعضاء النيابة العامة,بدرجة وكيل نيابة علي الأقل,أو بطلب كتابي يقدم إلي النائب العام من أي رعايا الدولة أو أحد أتباع إحدي الديانات السماوية,كما تم النص علي عدم سقوط الجريمة حتي لو انتهت مدة التقاضي لأن القضية تتعلق بالأديان.
حرية التعبير..والإساءة!
وأوضح بقوله:ليست هناك علاقة بين حرية الرأي والتعبير وبين الإساءة للأديان أو الرسل, فالموضوع مختلف تماما ولابد من الحرص علي الأديان وعدم ترك كل صاحب رأي يشكك في معتقدات المواطنين ورسلهم, وبالتالي لابد من مساندة هذا القانون حتي يتم إقراره في أقرب وقت,خاصة وأن الاتجاه الغالب في هذا الموضوع هو تمرير القانون,ولكننا في انتظار تقرير اللجنة الدستورية والتشريعية عنه.
تحديد مفهوم الإساءة
قال أحمد عبد الحفيظ عضو المكتب السياسي للحزب الناصري إنه في ظل الظروف الحالية واحتقان المجتمع من الناحية الطائفية يصبح إقرار قانون خاص لمنع الإساءة للأديان السماوية أمرا في غاية الأهمية, رغم أنني من أنصار حرية الرأي والتعبير ورفض المساس بهذا الحق ,إلا أنه في ظل الثقافة السائدة والتعدي علي الأديان السماوية سواء بالقول أو بالنشر لابد من مقاومته بشكل جدي.
أوضح عبد الحفيظ أن المهم هنا تحديد مفهوم الإساءة والنص في القانون علي تحديد هذا المفهوم, والحالات التي يتم تجريمها,وأنواع العقوبة, وشرح كل التفاصيل حتي لاتتشابك الأمور وتغيب الحقيقة,أو يتم تصفية حسابات بين طرف وآخر, فعلي سبيل المثال لابد من التفرقة بين رأ ي ينتقد فيه الدين لسبب أو بآخر,وبين مناقشة عقائدية أو فلسفية حول دين ما, كذلك لابد من تجريم الرأي الذي يسيء للرموز الدينية وخاصة الرسل والأنبياء ورجال الدين,كذلك تجريم الرسوم التي تسيء للأديان,وأيضا التطرق إلي مقاومة العنصرية ,وكل من يستخدم الدين كوسيلة للهجوم علي الآخر.
قانون رقابي
أشار عبد الحفيظ إلي أن الشخص الذي يري أن دينه هو الأفضل لا يعتبر مجرما لأن كل متدين يري أن دينه هو الأفضل بين الأديان ,ويجب عدم التطرق إليها لأنها ستخلق مشكلات كثيرة,وستفتح أبوابا مختلفة يصعب إغلاقها فيما بعد,لأنها أمور متعلقة بعقيدة وليست برأي فردي.
أكد عبد الحفيظ أن إثارة إصدار قانون كهذا أمر في غاية الأهمية لأنه متعلق بالأمن القومي وسيدور حوله جدل إيجابي ولكنه مطلوب, وسيعمل علي تحييد قطاعات كبيرة كانت تساهم في تأجيج الصراعات والنبرات الطائفية, وسيجعل هناك رقابة علي الصحف حتي لايدخل الكاتب والجريدة التي نشرت له في قضية, كذلك الوزارات والمؤسسات الرسمية ستأخذ حذرها في هذا الأمر,وكل من له دار نشر أو حق إصدار النشرات أو الكتب حتي لايطوله القانون فلن يقوم بنشر أي شئ قبل التأكد من عدم وجود أي انتقادات للأديان أو الرسل والأنبياء.
أمن قومي!
كشف عبد الحفيظ عن أسباب ظهور النعرات الطائفية والتي تعود إلي فقدان الروابط القومية والاجتماعية, ومن ثم لم يعد المواطنون يتعاملون مع بعضهم البعض بنوع من التسامح كما كان يحدث في الماضي, فربما مناقشة بسيطة في أحد الأمور الدينية تؤدي إلي مشكلات عديدة,ويدخل قطاع كبير من المواطنين في سجال لاينتهي ..يساعد علي ذلك أن الحالة العامة للمجتمع صعبة, وهناك ارتفاع في الأسعار ومشكلات اقتصادية عديدة,وعدم وجود هدف للمواطنين, فلكل فرد رؤية شخصية, ولم يعد المواطنون يتحدون للوصول إلي هدف مشترك وهو مايساهم في زيادة المشكلات, ولذلك ربما يساهم هذا القانون في تهدئة الأوضاع لفترة ما حتي تعود إلي مجراها الطبيعي كما كانت موجودة من قبل,خاصة وأن هناك ترحيبا رسميا بهذا القانون بعد أن علمت الحكومة أهمية الحفاظ علي الأمن القومي المصري,وضرورة الاهتمام بقضية الوحدة الوطنية وترسيخ مبدأ المواطنة والتأكيد علي مساواة كل المصريين أمام القانون.
ازدواجية معايير!
في هذا الإطار أكد الدكتور عماد جاد أمين عام المنظمة العربية لمناهضة التمييز المشكلة الحقيقية في التطبيق وليست في النصوص, فهناك قطاع كبير ينظر لمثل هذه الإساءات بشكل أحادي, يغضب ضد أية إساءة موجهة للإسلام,بينما يرفض الاعتراف بوجود إساءات للأديان الأخري,ومن ثم تظل الأمور علي ماهي عليه,فهناك حالات عديدة ظهرت فيها الإساءة للمسيحية واليهودية ولم يتحرك أحد,وبالتالي لابد من تجريم الإساءة لكل الأديان دون استثاء إذا كنا جادين في حل هذه الإشكالية.
كيف التطبيق
أوضح جاد علي ضرورة احترام كل الأديان, فلكل دين أو معتقد احترامه,واحترام الأديان لابد أن يكون كما يراه أتباع هذه الأديان وليس حسب نظرة البعض لها,حتي لاتحدث ازدواجية في المعايير,ودون وضوح النص وتحديد أنواع الجريمة ومن قام بها والخطوات التي يمكن من خلالها محاسبة المخطيء الحقيقي لن يتغير شيء!
وشدد علي ضرورة التعامل مع القانون بجدية,وعدم التفرقة بين أي دين, فهناك من يصف اليهود بالقردة والخنازير في وسائل الإعلام, وحينما يتم مواجهة الشخص بما قاله يعتمد علي أن ذلك الوصف جاء في القرآن الكريم,وهناك من استمر في الهجوم علي العقيدة المسيحية علي شاشة التليفزيون الرسمي المصري ولم يمنعه أحد,كذلك اعتاد بعض الكتاب علي السخرية من الكتاب المقدس ولم يمنعهم أحد,وبعد كل هذه الحالات كيف سيتم تطبيق القانون؟!
هامش حرية الرأي
من جانبه قال أبو العز الحريري عضو مجلس الشعب السابق:مثل هذا القانون لن يري النور,لأنه خرج من أجل امتصاص الغضب الناجم عن الإساءة للإسلام في الدانمرك, ولكننا من الناحية العملية لانحتاج هذا القانون لأن كل شخص له قناعات واعتقادات معينة, فهناك مسيحي يري أن الإسلام ديانة رائعة فيتحول إلي الإسلام والعكس,ولانعتبر أن ذلك يدخل في إطار إساءة الأديان بل في إطار حرية الرأي والتعبير كذلك لدي كل فرد قناعة بأن دينه هو الأفضل فهل يدخل ذلك في إ طار ازدراء الأديان؟بالطبع لا ومن ثم الموضوع يتعلق بهامش حرية الرأي والتعبير وليس إلا.
أشار الحريري إلي أن الدول الأوربية تتعامل مع مثل هذه الأمور بشكل مختلف, مؤخرا ظهر فيلم سينمائي عن السيد المسيح في صورة شاذة, وخرجت بعض التظاهرات التي ترفض هذا العرض ,وهناك عدد من المواطنين شاهد هذا الفيلم ولم يتركوا المسيحية,ومن ثم كان مجرد عملا فنيا لاتحتاج معه قوانين أو قرارات بقدر تقبل مايحدث في إطار حرية الرأي والتعبير,نفس الأمر يتعلق بالإسلام ,فأي عمل فني مهما كان حجمه لن يؤثر علي الإسلام,ولن يغير في المسلمين لأن العقائد ثابتة ولاتتأثر بمثل هذه الأمور علي الإطلاق.