موافقة الحكومة العراقية علي الاتفاقية الأمنية مع أمريكا, وتصويت البرلمان عليها بالقبول.. من الواضح أنها ليست قرارا عراقيا داخليا خالصا, فلولا الضوء الأخضر الإيراني الممنوح إلي عدد من أعضاء البرلمان لما كتب لهذه المعاهدة المرور, فمثل هكذا قرارات استراتيجية مهمة لايعقل أبدا أن يتصرف البعض بمعزل عن إيران وموافقتها, وحتي معارضة من عارضها جاء بتحريض إيراني كورقة أخري تلعبها وهذا ليس اتهاما وإنما هو بديهية سياسية تعبر عن الواقع العراقي المأساوي.
والسؤال الآن هو : هل سيقبل الرئيس الأمريكي أوباما هذه الهدية الإيرانية التي تحاول إرسال رسالة ودية له؟
من منظور الحزب الديموقراطي والرئيس أوباما.. أن البقاء في العراق عملية خاسرة وليست فيها فوائد للمصالح الأمريكي من الناحية السياسية والعسكرية ومحاربة الإرهاب, وبعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة تراجعت أهمية العراق أكثر واستعداد أمريكا لإنفاق المزيد من الأموال علي جيشها, فمن زاوية المصالح الأمريكية في المنطقة فإن أمريكا لديها قواعد عسكرية في دول الخليج وتركيا, ومن ناحية تأمين إمدادات النفط فإنها تحصل عليه من دول الخليج وغيرها, وعليه فالعراق ليست له أية أهمية وفائدة, بل هو مصدر صداع وخسائر مستمرة.
وعلي ضوء هذه المعطيات, فإن هذه الاتفاقية لاتعني شيئا للرئيس أوباما من زاوية خدمة مصالح أمريكا, وهي عبء سياسي وعسكري واقتصادي عليه هو في غني عنه وغير ملزم به, خصوصا أنه يمثل الجبهة المعارضة لجورج بوش, وفي حال تنصله عن هذه الاتفاقية لايعد الأمر هزيمة له, أو تخلي عن تعهدات قطعها للعراقيين.
وبالنسبة إلي إيران فإن مساهمتها في تمرير هذه الاتفاقية تعطي مؤشرات تشير إلي نيتها التخلي عن برنامجها النووي, واستثمار ورقة حزب الله مقابل حصولها علي مكاسب سياسية كإعادة علاقتها بأمريكا وتسهيلات اقتصادية من الأسواق العالمية.
الخلاصة.. إن الخطر يقترب من العراق أكثر من أي وقت مضي, ففي حال رفض أوباما لهذه الاتفاقية وانسحابه السريع,وفي ظل وجود أزمة خلو العراق من النخب السياسية الوطنية القادرة علي قيادة بلدها, فإن اندلاع الحرب الأهلية والتمزق الطائفي والقومي, وتفكك الدولة والخراب الشامل سيكون هو قدر العراق الآتي.
* نقلا عن إيلاف