ورد في تقرير صادر عن الأمم المتحدة مؤخرا أن ظاهرة الاحتباس الحراري, وما يتبعها من ارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدي إلي ذوبان الأراضي دائمة التجمد, وتحطم جليد الأنهار والبحيرات في وقت قريب, سيحدث هذا تغييرا في تيارات المحيطات, وزيادة العواصف والفيضانات في مناطق عديدة من العالم, وارتفاع منسوب البحار واختفاء مناطق بأكملها من خريطة العالم.
كما أكد التقرير أن أكثر الدول تضررا من تغير المناخ هي دول شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وموريتانيا وجوانا وتونس والإمارات وجزر البهاما وبنجلاديش وسيريلانكا وفيتنام ومصر, حيث تعد هذه الدول ضمن 84 دولة ستعاني ضررا كبيرا عند حدوث فيضانات تتسبب في تهجير علي الأقل 1.5% من السكان في هذه المناطق.
الغرق أم التوازن
كما أوضح تقرير آخر صادر عن البنك الدولي أن زيادة حرارة الأرض, والذي سيؤدي إلي ارتفاع مستوي المياه في البحار والمحيطات سيضر بالعديد من الدول ومن بينها مصر, بما يهدد بغرق مساحات شاسعة من المناطق الساحلية, منها الإسكندرية والساحل الشمالي, ومن ثم هجرة ملايين المصريين من المناطق الساحلية, وستتأثر المناطق الزراعية في هذه الأماكن.
وفي تقرير آخر نشرته صحيفة (يو.إس.توداي) ذكر أن مصر تواجه سيناريوهات كارثية لها علاقة بالاحتباس الحراري, حيث إن الوضع يبدو خطيرا حاليا, ويتطلب اهتماما عاجلا, فمياه البحر الأبيض المتوسط ارتفعت بمعدل 0.8 بوصة سنويا خلال العقد الماضي, وبحلول عام 2050 فإن ارتفاع منسوب البحر سيدمر كل الشواطئ الرملية في كل السواحل المصرية, كما سيعرض الآثار الغارقة أمام شواطئ الإسكندرية للخطر الفعلي.
وفي نفس السياق كانت صحيفة الجارديان قد أشارت إلي أن تقريرا صدر عن اللجنة الحكومية للتغير المناخي التي يرأسها نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور, وضعت دلتا مصر بين أكثر ثلاث مناطق في العالم معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة ذوبان الجليد من القطبين.
وعلي نقيض ذلك ما جاء في حلقة نقاش نظمتها مؤسسة المربع الذكي بالولايات المتحدة الأمريكية أجريت في مارس 2007, جاء رأي الدكتور ميشيل كرشتون أستاذ الأرصاد الجوية في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا, وهو أكبر معهد تكنولوجيا في العالم, ودعمه بالرأي الدكتور فيليب ستوت أستاذ الجغرافيا الحيوية بجامعة لندن مؤكدا أن كثيرا من التحذيرات الحالية قائمة علي تجاهل ما هو عادي للطقس والمناخ, وعملية التوازن الطبيعي التي تقوم بها الطبيعة مرة أخري.
تقرير مصري
وفي مصر أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تقريرا عن تغيرات المناخ في مصر خلال العشرين عاما الماضية, أوضح أن درجات الحرارة العظمي والصغري ارتفعت في جميع المناطق في مصر خلال فصلي الشتاء والصيف, وستواصل الارتفاع بمعدل 1.5 درجة عام 2050, وسيصل الارتفاع إلي 2.4 درجة عام .2100 وأوضح التقرير الوضع المصري الحالي من حيث تكدس السكان في شريط ضيق حول نهر النيل يمثل 5.5%, من مساحة مصر بالإضافة إلي انخفاض معدلات تدفق المياه بنهر النيل حتي عام 2040, وستتأثر البيئة البحرية والتنوع البيولوجي, حيث سيتم فقد كثير من الشعاب المرجانية, وستتأثر الثروة السمكية وذلك لاختراق المياه المالحة لبحيرات شمال الدلتا وتحويلها إلي خلجان.
كما أشارت دراسة قامت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية, جاء فيها أنه في حالة ارتفاع مستوي سطح البحر في الإسكندرية وبورسعيد بحوالي 50 سنتيمترا بحلول عام 2025, فمن المتوقع أن تفقد مدينة الإسكندرية 31 كيلو مترا من مساحتها ويتم تهجير 1.5 مليون شخص بالإضافة لفقدان الأشخاص لحوالي 195ألف وظيفة, أما بورسعيد فستخسر حوالي 21 كيلو مترا من مساحتها و6آلاف وظيفة.
مدن في خطر
كما أوضح علماء الجيولوجيا أن قناة السويس لن يلحقها أدني تأثير من ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الجو, لأن القناة تم حفرها بطريقة تجعل الأتربة علي جانبيها مما يعني استيعاب أية زيادة في منسوب المياه, ويتفق المهندسون مع علماء الجيولوجيا في هذا الرأي, ولكن في حالة ارتفاع منسوب المياه فإن أكثر المناطق المعرضة للغرق هي رمانة وبورفؤاد والقنطرة والمنزلة ودمياط وفارسكور وبلطيم والحامول وسيدي سالم وأدفينا.
ولكن بعض المسئولين في وزارة الري المصرية أكدوا أن قضية غرق الدلتا مثارة منذ التسعينيات, ولكن الأبحاث والدراسات زادت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة, وارتفاع منسوب المياه بالبحر سوف يمتد إلي جميع الشواطئ المصرية.
حلول
اقترح أحد علماء البيئة حلا لهذه الظاهرة يتمثل في إنشاء قنطرة عند مدخل جبل طارق, يتم بواسطتها التحكم في كمية المياه الداخلة إلي البحر المتوسط تحول دون غرق المناطق الساحلية.
ويري أحد العلماء أنه للتصدي لهذه الظاهرة يمكن تنفيذ أحد حلين, أحدهما جماعي والآخر حل خاص بمصر.
الجماعي يتمثل في اشتراك الدول المطلة علي البحر المتوسط وقيامها بإنشاء بوابة صناعية علي مضيق جبل طارق تتحكم في منسوب المياه الداخلة إلي البحر المتوسط. أما الحل الخاص بمصر يتمثل في إنشاء شاطئ جديد علي الدلتا باستخدام رمال قاع البحر المغمورة والتربة.
وتقوم حاليا مجموعة من العلماء بإعداد خرائط مستقبلية لمعرفة ماذا يحدث في حالة غرق الدلتا؟
عن:B.B.C – موقع مجلس الوزراء – محيط