لجأ معظم الشباب في العصر الحديث إلي الهروب من واقعهم المرير من خلال شبكة الإنترنت وهذا عبر ما يسمي بالمجتمعات الافتراضية والمواقع المجتمعية والتي كثر انتشارها بشدة بين الشباب المصري في الآونة الأخيرة ومن أشهر برامج العوالم الافتراضية برنامج سكندلايف وهو من أشهر وأكبر برامج العوالم الافتراضية,وقد تم إطلاق هذا الموقع في عام2003علي يد شركة ليندن لاب في سان فرانسيسكو,وهذا البرنامج عبارة عن موقع رقمي علي الإنترنت علي هيئة حياة افتراضية موازية للعالم الحقيقي وهذه الحياة الافتراضية علي هيئة برنامج ثلاثي الأبعاد يقوم الفرد بالاشتراك فيه ويختار اسم له وشكل يميزه عن الأفراد الآخرين في هذه الحياة الثانية ويعيش الأفراد في هذا المجتمع وكأنهم سكان في مدينة فيحيون في جنباتها ويمارسون أعمالا ونشاطات تحاكي الحياة الطبيعية فيمكن للفرد أن يبني منزلا ويعمل في إحدي الشركات لكسب العيش.
ويتميز هذا البرنامج بتنوع النشاطات التي تمارس فيه فهو ليس مجرد موقع لدردشة عن طريق الكتابة,بل موقع تعايش كامل حيث يكون لك شكل ويكون لمن يقطنون معك هذا العالم الافتراضي أشكال وتعيشون في مجتمع مرن حيث التفاعل بين سكان هذه المدينة يكون قوي…
وتميز برنامج الحياة الثانية أو السكندلايف عن بقية العوالم الافتراضية بقوة اقتصادها الداخلي حيث بلغ الناتج القومي لسكند لايف في عام2006 حوالي64مليون دولار أمريكي كما بلغ عدد سكانها حوالي1.3مليون نسمة ويزورها سنويا حوالي7ملايين سائح.
أما من أشهر المواقع المجتمعية التي لاقت رواجا كبيرا بين الشباب وخاصة الشباب المصري موقع الفيس بووك وقد تم إطلاقه في فبراير عام2004 علي يد مارك جوكربيرج وهو طالب بجامعة هارفارد الأمريكية وهو عبارة عن شبكة من العلاقات الاجتماعية التي تربط الأفراد بعضهم ببعض فمن خلال هذا الموقع تستطيع أن تتصل بأصدقاء الجامعة أو العمل فهو مجتمع مفتوح يساعدك علي التقرب من الآخرين,وتتيح لهم مشاركة زملائهم وأصدقائهم وأخبارهم,ونشاطاتهم,وتبقيهم علي اتصال.
وكل فرد يستطيع أن يشترك علي الفيس بووك من خلال البريد الإلكتروني فكل ما تحتاج إليه للاشتراك في الفيس بووك هو بريد إلكتروني صحيح وبعض المعلومات الشخصية التي تملئها في استمارة الاشتراك عبر الإنترنت وكل فرد يقوم بالاشتراك علي الفيس بووك يحصل علي ملف خاص به يتضمن صورته وأي شئ خاص به كاهتماماته وصوره كما أنه يمكنك إضافة برامج للملف الخاص بك وأهم ما يميز هذا الموقع استخداماته العديدة حيث تستطيع أن تتبادل الصور والأفكار مع أصدقائك كما أنك تستطيع أن تشارك أصحابك في الألعاب وفي اختبارات معرفة الذات كما أنك تمتلك مساحة للرسم والشخبطة للتعبير عن ذاتك وغيرها من البرامج التي يتم تحديثها يوميا علي الموقع…
وأيضا أهم ما يميز هذا الموقع عن غيره من المواقع المجتمعية كما يقول منتجوه-إنه يوفر درجة عالية من الخصوصية,ويتيح للمشترك أن يتحكم بعرض ما يريد عن نفسه للآخرين,أو حجبه,بحيث لا يراه إلا هو فقط أو هو وأصدقاؤه,أو هو والشبكات المشارك فيها.
وقد بلغ عدد المشتركين الحاليين علي الفيس بووك خمسون مليون مستخدم وعدد المستخدمين يتزايد يوميا حيث ينضم لهذا الموقع الآلاف في كل يوم-كما ذكر الموقع.
ونظرا لهذا التزايد المستطرد والانتشار الواسع كان لزاما علينا أن نعرف آراء الشباب في كل من الموقعين حيث قال عمرو نجيب 21سنة:
اشتركت في الفيس بووك علي سبيل التجربة ولأن كل أصدقائي اشتركوا فيه أما عن رأيه في الفيس بووك فقال:رأيي أنه تافه لكن التفاهة مطلوبة أحيانا وأضاف أن بعض الشباب بيستخدموه كواجهة تسويق اجتماعي عشان تكسب أصدقاء أكبر,غير إللي بيستخدموه عشان يتسلوا علي البنات وفي رأيه. أن معظم استخدامات الشباب للفيس بووك هي استخدامات غير جادة أما عن عدد الساعات التي يقضيها أمام الفيس بووك فذكر أنها حوالي عشر ساعات في الأسبوع.
وأتفق مع عمرو نجيب أحمد مجدي20 سنة حيث يري أن الفيس بووك لا يوجد به أية متعة فهو مجرد نوع جديد من أنواع الاتصال بالأصدقاء كما قال إنه اشترك علي الفيس بووك بسبب أصدقائه حيث إن كل أصدقائه أصبحوا عليه,وأضاف أن الفيس من المستحيل أن يحل محل المجتمع الواقعي فالأصدقاء هم الأصدقاء الموجودين في الحياة الواقعية وليس علي الفيس بووك أما عن الوقت الذي يقضيه أمام الفيس بووك فقال إن تقريبا يقضي ساعتين يوميا.
أما ندي حلمي 22سنة فكان رأيها مخالفا للرأي السابق فهي تري أن الفيس بووك موقع لذيذ جدا كما أنه أصبح يشكل أهمية كبيرة في حياتها صحيح هو لم يحل محل العالم الواقعي ولكنه أصبح يشكل نسبة كبيرة من علاقتها الاجتماعية,وعن رأيها في استخدام الشباب المصري للفيس بووك قالت:الشباب مش دايما بيستغلوا كل حاجة صح فمعظم الشباب بيستخدموه لتضييع الوقت فالفيس بووك يسرق الوقت بشكل كبير جدا.
وتري ميري مجدي23سنة أن الفيس بووك بيساعدها علي التقرب من أصدقائها وأن تكون علي اتصال دائم بهم ولكنه في نفس الوقت فيه اقتحام للخصوصية حيث أن أي شخص يستطيع أن يعرف أي شئ يريده عن أي شخص آخر وهي تري أن الشباب المصري مقبل في الآونة الأخيرة علي الفيس بووك لأنه مجرد موضة وفي رأيها الفيس بووك لا يسرق الوقت لأن كل إنسان يستطيع أن يتحكم في وقته بالطريق التي تناسبه.
أما عن السكندلايف فتقول م.ن.من خلال تجربتها مع الفيس بووك والسكندلايف أن كليهما يتفق في كونه هروب من الواقع ومحاولة التعرف علي أشخاص جدد لكن السكند لايف أخطر بكثير من الفيس بووك حيث إن التفاعل في السكند لايف فيه تفاعل عال جدا أكثر من الفيس بووك بكثير فكل شئ فيالسكند لايفمجسم فهو يثير الخيال بشكل كبير وكأنك في هذا المكان بالفعل وتتحدث مباشرة مع الشخص الذي أمامك بالفعل كما أنها تري أنه من المستحيل أن يحل الفيس بووك محل الحياة الواقعية لكن السكند لايف يحل محل الحياة الحقيقية لدي بعض الأفراد فهي حياة كاملة لها توقيت خاص بها ولها عمله خاصة بها كما أن بها كل مظاهر الحياة الحقيقية من منازل ومحلات وبنوك وبورصة ودور عبادة وسفارات لبعض الدول,وتلك الحياة تساعد علي تلبية احتياجات نفسية لدي الأفراد فإذا كنت غير قادرة علي الذهاب لدولة معينة استطيع زيارتها والاستمتاع بها من خلال السكند لايف.
وتري نيرمين نبيل 19سنة السكند لايف برنامج ممتع جدا ومثير جدا فمن خلاله تستطيع أن تحيا حياتك بشكل حقيقي فكل ما تعجز عن إنجازه في الواقع تستطيع إنجازه في السكند لايف وهي تري أنه علي الرغم من مميزاتها إلا أن من الممكن أن يتحول إلي مخدر يلهي الشباب عن حياتهم الواقعية وهي تري أن الشباب سواء كان في السكند لايف أو في الفيس بووك يحاول الهروب من واقعه المرير.
ويري المهندس علي أنيس مدير عام التفاعل المجتمعي في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن خطورة هذه المواقع تكمن في أنها تجعل الشباب يدمنها عليها فإدمان الإنترنت من أشهر الأمراض التي يعاني منها الشباب في العصر الحديث ومن أعراض هذا الإدمان – الانطواء-العزلة-النسيان-السهر-فقدان التركيز-زغللة النظر-السرحان-فقدان الشهية-والتأخر الدراسي.
ويؤكد أن هذا المرض يصيب الشباب من الجنسين ويري أن سبب لجوء الشباب إلي الإنترنت يرجع إلي الفراغ العاطفي الذي يعاني منه الشباب وضعف القيم والوازع الديني.
والوصفة المثالية لتجنب إدمان الإنترنت هو الرجوع إلي القيم والأخلاق الحميدة واستخدام شبكة الإنترنت فيما هو مفيد وليس للهروب من الواقع أو لتضييع الوقت.
وحول أسباب لجوء الشباب إلي مثل هذه المجتمعات الافتراضية أوضح د.صلاح الفوال أستاذ علم الاجتماع أن الإنسان بطبيعته كائن متغير ويبذل قصاري جهده للحصول علي ما يريده وعندما يعجز مجتمعه الحقيقي عن إشباع حاجته يلجأ إلي مجتمع خيالي افتراضي,فالشباب الآن يحتاج إلي حرية في التعايش وهذا ما يدفعهم إلي تقمص شخصية غير حقيقية للقيام بأفعال لا يقبلها مجتمعهم في الحقيقة وأهم ما يميز هذه المجتمعات الافتراضية ارتكازها علي مبدأ الصدق في التعبير وحرية القول ولكن هل هذه المجتمعات تعوض الشباب عما يفتقده في مجتمعه الحقيقي؟بالطبع فهي تعتمد علي الحرية الكاملة في القول والفعل حيث لا يوجد رقيب فيها كما هو موجود بالمجتمعات الحقيقية التي يحيا فيها الشباب.
بدأت د.عزة عبد اللطيف استشاري الطب النفسي بمقولة لعالم الاجتماع مانيول كاستييس إنالتكنولوجيا ليست حسنة ولا سيئة إنها محايدةوأضافت أن مظاهر هذه التكنولوجيا -المتمثلة في المجتمع المعلوماتي والمجتمع الشبكي-حققت للشباب استكشاف ما هو جديد وهي سمة أصيلة لدي الشباب لسعيهم الدائم نحو البحث والاستفادة بجانب اعتبارها وسيلة تحقق لهم السيطرة والاستقلال وهما غايتان أساسيتان في مرحلة الشباب ولكن استخدام الإنترنت بإسراف يسبب مشكلة كبيرة تسميإدمان الإنترنتحيث يصاحبها مشاكل في الشخصية كاضطراب السلوك وعدم القدرة علي مواكبة الواقع باعتباره نوعا من الهروب من ذلك الواقع المحبط.ورأت أن حل المشكلة يتم من خلال الحوار مع الشباب ومشاركتهم في أحلامهم ومشاكلهم مع ضرورة استثمار طاقة الشباب كعنصر مؤثر في السلطة مع أهمية نشر الوعي بقيمة الوقت وقيمة الإنجاز وقيمة المشاركة عند الشباب.