[email protected]
منذ قديم الزمان والإنسان المصري يكن كرامة واحتراما للموتي وخاصة الأولياء والطيبين منهم ويشهد علي ذلك حضارة عظيمة عمرها خمسة آلاف عام امتدت من أقصي الجنوب إلي أقصي الشمال في وادي النيل…
فها هي الأهرامات والمقابر الفرعونية تشهد علي مدي احترام المصري القديم للموتي, وها هي الكنائس القديمة والحديثة تحتوي علي صناديق بها الكثير من رفات القديسين والشهداء المنتقلين من هذا العالم, وها هي المساجد بما بها من أضرحة ومقابر لأولياء الله الصالحين الذين عاشوا حياتهم بزهد وتقشف ثم ألهموا بموتهم الكثير من البشر وهناك من هذه الأضرحة ما يقدسه المصريون باختلاف أفكارهم ومعتقداتهم مثل ضريح سيدنا الحسين بالقاهرة الأثرية… هذا المكان المبارك عندما يذهب إليه المرء يشعر بشعور روحاني ينقل الشخص من الأرض إلي السماءففي هذا المكان الطاهر يرقد الإمام الحسين- رضي الله عنه- وهو شخص استشهد في سبيل الحق وألهم كثيرا من البشر علي مر العصور وعندما تدخل إلي هذا المكان الهادئ تشعر بالرهبة والخشوع وعندما تري مر يدي الإمام والخير الذي يقدمونه سواء بالقول أو بخدمة الآخرين التي يقدمونها بحب ولا يفرقون في تقديمها بين شخص وآخر فمنذ بداية دخولك المسجد تجد من يحمل لك الحذاء بل يتسابق الكثير من الناس لفعل ذلك وتجد من يرشدك إلي ضريح الإمام وتجدمن يعرض عليك الطعام ويصر علي أن تتناول شيئا… كل هذه الأشياء الجميلة تجعلك تشعر أن الدنيا مازالت بخير وأن هؤلاء الأشخاص لا يخدمونك إلي حبا في الله واحتراما للإمام وضريحه…
وتجد بعد كل هذا بعض الأشخاص المتشردين الذين أعمالهم الجهل والتعصب لأفكارهم يهدمون الأضرحة ويوصون بهدمها ويستغلون في ذلك جهل بعض الأشخاص وضيق أفقهم, فمنذ فترة ليست بالقصيرة ونحن نسمع بأن السلفيين يوصون بهدم الأضرحة بل قاموا بالفعل بهدم الكثير منها ولا أعلم لماذا ولا أعلم علم يستندون في ذلك فهذا أمر لم يحرمه أي دين بل إني أري أن وجود الأضرحة في أماكن العبادة يذكرنا دائما بما سوف نؤول إليه وبالتالي نعد أنفسنا للموت بالجهاد ضد مغريات وملذات هذا العالم, ونتقي الله في الناس وفي أنفسنا.
أيها الإخوة السلفيون ألا تريدوا لهذا الوطن السلام والأمان… ارحمونا يرحكم الله.. إن وجود الأضرحة لا يشكل أي خطر علي الدين وأن الدين يسر وليس عسر ولم يرد به تحريم بناء الأضرحة أو وجودها, وأن السلف الصالح الذي تتبعونه كانوا منفتحي الأفق ويملكون رؤية تقدمية للحياة ولا يكفرون أحدا فياليتكم تكونوا مثلهم….
رفقا بمصر لا نريد تشتيت هدفنا كالعظيم وهو الحلم بدولة مدنية تدعم التعددية وتقبل كل الآراء.