كلنا حاسين بالفرق.. لم نشعر هناك بمشاكل – الواحد في الكويت كان عايش حياته ذهبت الكويت من 37سنة ولم يكن لي أي طموح إني أعمل مشروع في مصر.. ولما كنت برجع إجازات في مصر كنت بشعر أن الأوضاع كلها أسوأ وأصدقائي وضعهم المالي والأدبي سئ وأنا في وسطهم مميز – هناك الأغاني حرام والتمثيل حرام.. لكن مش مهم.
عبارات قيلت في الفيلم التسجيلي حكايات عادية للمخرجة الشابة نهي المعداوي, الذي تناول ذكريات ست عائلات مصرية في الخليج أثناء حقبة السبعينيات والثمانينيات التي شهدت هجرة عدد كبير من المصريين للعمل بمنطقة الخليج. وبالأخص العائلات التي عاشت بدولتي الكويت والسعودية, ويظهر جليا من خلال حديث الأسر مدي التباين الثقافي والاختلافات بين الثقافة المصرية والثقافة الخليجية العربية. حتي أن إحدي الفتيات في الفيلم أشارت إلي أنها لم تكن تعرف أن هناك ديانات أخري غير الإسلام لأن كل المحيطين بها مسلمين ومسلمات في مدينة جدة واعتقدت أن كل العرب مسلمين حتي جاءت إلي مصر, فوجدت أن الديانة المسيحية متواجدة وتمكنت من تكوين صداقات مع الفتيات المسيحيات… !!
بالفعل هذا الفيلم يقدم شيئا مختلفا ولأن الفيلم اعتمد علي تحدث الناس عن تجاربهم الحقيقية فكان له مصداقية كبيرة, ولقد حصل الفيلم علي جائزة سعد نديم للعمل الأول في المهرجان القومي للسينما, للتعرف علي المزيد وعن أسباب اختيار المخرجة لهذا الموضوع لطرحه كان لـوطني هذا الحوار مع مخرجة الفيلم نهي المعداوي:
* ……………………؟
** بدأت تصوير الفيلم منذ عام 2006 وانتهيت منه في 2008 في وقت لم يكن أحدا يشعر بجثامة المشكلات التي تحدث بسبب الحياة في الخليج وترك الوطن للعمل هناك, ولكني كنت طوال الوقت أري أنه موضوع مسكوت عنه, فلم يتم تناول هذا الموضوع أو التعرض له في أي فيلم تسجيلي من قبل.
* ……………………؟
** لدي تجربة علي المستوي الشخصي في هذا الأمر, فلقد عشت بالكويت 12عاما متواصلا, وهذه الفترة أثرت في حياتي بشكل كبير, فلقد شعرت بالغربة وعدم التأقلم مع الناس ومع المعيشة هناك. فما بالنا بمن يعيش 20 أو 30سنة من عمره للعمل فقط بالخليج ثم يعود مرة أخري لبلده ليبدأ من جديد فيجد كل شئ قد اختلف في بلده ويصعب عليه الحياة والتأقلم مع الظروف الجديدة في بلده, ويصبح غير راض.
* ……………………؟
** نحن شعب متدين بطبيعتنا لكن بعد سفر الكثيرين لدول الخليج أصبح هناك حالة من الهوس في التدين, وأصبح التدين الشكلي هو السائد. فلقد انتقل الفكر الوهابي وثقافة الخليج إلينا في مصر, وأصبح لدينا طوال الوقت شعورا بالذنب, فالصلاة والصوم طوال الوقت نتممها بسبب الترهيب والخوف من الحساب, واكتسبنا ثقافة الخليج بدلا من ثقافتنا وهويتنا المصرية سواء فيما يتعلق بارتداء بعض الملابس التي لا علاقة لها بمجتمعنا المصري كارتداء العباءات الخليجية أو في بعض السلوكيات التي تعبر عن التدين الشكلي ورفض الآخر المختلف معي.. وهذا الأمر أيضا بعيد كل البعد عن المصريين.
* ……………………؟
** ليس لدي مشكلة في التعامل مع ثقافة الخليج واحترم ثقافة أفكار الآخرين ولكن المشكلة من وجهة نظري هي تخلي المصريين بسهولة عن هويتهم وعدم احتفاظهم بشخصيتهم المصرية, التي استبدلوها بالفكر والثقافة الخليجية, وفي رأيي أن ذلك يرجع إلي شعور المصريين حينما يذهبون إلي الخليج بنوع من الدونية طوال الوقت بسبب تعامل بعض العرب في هذه البلاد بأنهم هم مصدر الثروة بالنسبة للمصريين.
* ……………………؟
** تجربة السفر للخليج والحياة هناك من وجهة نظري هي حياة مؤجلة.. وضياع للعمر, فكل شخص يؤجل حياته وعمره حتي يدخر ليعود مرة أخري في المستقبل إلي وطنه ليحقق آماله التي أغلب الظن لن يستطيع أن يحققها, فهو يجد صعوبة في التأقلم مع وطنه مرة أخري بعد مضي سنوات العمر طويلة بعيدا عن وطنه.
* ……………………؟
** أعتقد أن الفيلم نجح في تقديم رسالته فلقد استمتع به الكثيرون ممن لهم تجارب مماثلة في السفر للخليج. الفيلم نجح في أن يظهر مدي المعاناة والصراع النفسي الذي يمكن أن يشعر به من سافر للخليج وعاش هناك لسنوات.