د.حمدي السيد يري القانون حلا للقضاء علي تجارة الأعضاء البشرية التي تحتل مصر المرتبة الرابعة فيها عالميا, ومعارضو القانون يعتبرونه محاولة لتقنين الاستيلاء علي أعضاء الفقراء وزرعها بأجساد الأغنياء, ولن يؤدي إلي تقليص سوق الإتجار بالأعضاء البشرية.
يتمحور الخلاف بين مؤيدي مشروع القانون ومعارضيه حول 4 نقاط رئيسية هي: تعريف الموت ومحدداته خاصة فيما يتعلق بحالات فشل جذع المخ, السماح بتبرع المصري لغير المصري, واعتبار كل متوفي موافقا علي التبرع إذا لم يوص مسبقا بعكس ذلك, بحسب نص القانون, وأخيرا مفهوم إجراء عملية زراعة الأعضاء في حالات الضرورة القصوي التي ذكرها المشروع دون أن يحدد ماهية هذه الضرورة.
قال الدكتور حمدي السيد في اجتماع لجنة الصحة إن وزارة الصحة نتيجة الشكاوي والمكالمات التي وصلتها من جهات دولية متعددة تنعي فيها الحالة التي وصلت إليها مصر من ناحية تجارة الأعضاء والتي أصبحت تحتل فيها المرتبة الرابعة عالميا سارعت إلي التفكير في إصدار مشروع قانون واطلعت علي الاقتراح المقدم من النواب ووافقت عليه.
وسألت وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب: هل يمكن أن تتبني الحكومة الاقتراح بمشروع القانون لسرعة إحالته لمجلس الشعب فأجاب بالإيجاب.
وأوضح أن تبني الحكومة لاقتراح نواب الشعب يعني سرعة إصداره.. مشيرا إلي أن الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس اطلع علي الاقتراح الذي وافقت عليه اللجنة ووافق عليه, كما اطلع المستشار القانوني لرئيس المجلس عليه وعاد إلي القوانين التي أقرت في هذا المجال في كل من إسبانيا وفرنسا والسعودية وأدخل تعديلات تري اللجنة أنها إضافة جيدة له.
يتضمن مشروع القانون منع نقل أعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة من جسم إنسان إلي آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم ويشترط عدم إمكانية النقل من ميت وعدم وجود وسيلة علاجية مناسبة وألا يترتب علي النقل تهديد خطير لحياة المنقول منه ويحظر نقل الأعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة مما يؤدي إلي اختلاط الأنساب ولا يجوز للمنقول منه أن يوافق علي استقطاع أحد أعضائه إلا إذا كان كامل الأهلية.. وإحاطته علما بطبيعة عملية الاستقطاع والزرع ومخاطرها وأن تكون الأولوية في نقل الأعضاء من المصريين إلي المصريين حتي الدرجة الرابعة.
ويعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل علي 20 ألف جنيه ولا تزيد علي 100 ألف كل من استقطع أو زرع أحد الاعضاء أو تاجر فيها بالمخالفة لمشروع القانون فإذا ترتب علي ذلك وفاة المنقول منه تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة, ويجوز للمحكمة فضلا عن العقوبات المقررة أن تحكم بالحرمان من مزاولة المهنة لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات ومصادرة الأدوات المستعملة في الجريمة وغلق المؤسسة أو المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة مدة لا تجاوز سنة.
بعد أن أقرت الهند وبنجلاديش قوانين لزراعة الاعضاء وأغلقت الصين عمليات نقل الاعضاء من إنسان إلي آخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم ويشترط عدم إمكانية النقل من ميت وعدم وجود وسيلة علاجية مناسبة وألا يترتب علي النقل تهديد خطير لحياة المنقول منه,ويحظر نقل الاعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة مما يؤدي إلي اختلاط الأنساب ولا يجوز للمنقول منه أن يوافق علي استقطاع أحد أعضائه إلا إذا كان كامل الأهلية, وإحاطته علما بطبيعة عملية الاستقطاع والزرع ومخاطرها وأن تكون الأولوية في نقل الأعضاء من المصريين إلي المصريين حتي الدرجة الرابعة.
نقل وزارعة الأعضاء جزء من الثورة العلمية…فنقل الأعضاء مثل القلب والكبد والبنكرياس عملية لابد أن تكون من شخص قريب من الشكل المناعي للمريض,ونحن تخلفنا في هذا المجال عن دول كثيرة ويمكن نقل الأعضاء من المتوفين في حوادث أو المحكوم عليهم بالإعدام بعد موافقتهم قبل الإعدام وفقا لحقوق الإنسان أو من الذين يتبرعون بهذه الأجزاء مثل الكبد والكلي والبنكرياس والقلب قبل وفاتهم أو بعد موافقة ورثتهم الشرعيين, وأضاف بالنسبة لمسألة الإتجار من قبل السماسرة وأحيانا الأطباء فلا بد للقانون من أن يحدد اشتراطات خاصة لعمليات نقل الأعضاء في المستشفيات منها أن يكون للمستشفي مجلس إدارة ومجلس أمناء ويخضع للرقابة والتفتيش عند إجراء مثل هذه الحالات.
أما الدكتور محمد غيم مدير مركز الكلي بالمنصورة قال: لابد من صدور تشريع قانوني لتسهيل وإتاحة وإباحة نقل الأعضاء في مصر, أما إذا كان المجتمع لا يريد ذلك لأسباب دينية, أو تاريخية, أو ثقافية, فلا يتم علاج هذه الحالات في الخارج علي نفقة الدولة, وإنما علي حساب المرضي الخاص, حتي نقطع الطريق علي السمسرة في هذه الأمور, وهناك نقطة أخري في حالة إصدار مثل هذا القانون, هي أن تقوم المستشفيات الحكومية فقط بنقل الأعضاء, وألا نسمح للمستشفيات الخاصة بهذا الأمر, لأن هذا هو الباب الأوسع لتجارة الكلي والكبد غير الشرعية, علي أن تقتصر عمليات نقل الأعضاء داخل المستشفيات الحكومية, وأن يقوم بها الأطباء المتفرغون فحسب.
د. خليفة رضوان عضو مجلس الشعب أكد أن الخلاف حول قانون زرع الأعضاء بدأ منذ عام 1997 وكان يدور حول تعريف الموت وهل يتحقق بموت جذع المخ أو توقف جميع الأعضاء عن النبض وعدم قدرتها عن إدارة أي شيء دون مساعدة الأجهزة الطبية. مشيرا إلي أنه يقف إلي جانب الرأي القائل بتحقق الوفاة بموت جذع المخ, وأن صحة هذا الرأي لها استشهادها بأنه علي مدار السنوات الماضية وبالتجربة علي آلاف من حالات المرضي الذين ماتت أجذاع أمخاخهم لم يحدث في حالة واحدة أن عاد أحدهم للحياة من جديد.
أشار إلي أننا في حاجة ملحة لاستصدار قانون زرع الأعضاء بشرط أن يكون في حدود الأخلاقيات والضوابط المطلوبة, لاسيما أنه لدينا من مرضي الكبد فقط 15% علي الأقل يحتاجون زرع كبد ومئات الآلاف من المصريين في أمراض أخري يحتاجون بصورة عاجلة إلي زرع أعضاء لهم كحل أخير لبقائهم علي قيد الحياة, وطالب بضرورة أن يحكم القانون وتنفيذه بالأخلاقيات التي تضمن ألا يكون مبررا ليحكم علي المواطنين, خاصة الفقراء منهم بالإعدام ويكون قتلا بالقانون.
أضاف أن هناك تخوفات من تحول القانون لأداة لقتل الفقراء والحكم علي كل من يدخل في غيبوبة بأنه مات, ولذلك فإن السيطرة علي هذا الأمر تحتاج أطباء أكفاء وعلي أعلي مستوي, كما أن البرلمان المصري تبني هذا المشروع من أجل المرضي الفقراء, الذين يظلون في أماكن علاجية لسنوات طويلة حتي يموتوا, لأن القرار الطبي النهائي لحالاتهم هو ضرورة زرع عضو لهم ودون ذلك لن يشفي وفي هذه الحالة بالطبع فإن فقراء مصر لا يكون أمامهم إلا انتظار الموت لأنهم لا يستطيعون زرع الأعضاء خارج البلاد بسبب التكلفة,والدولة لا تستطيع تحملها عنه,فالدولة تدفع لمريض الكبد الذي يحتاج عملية زرع 50 ألف جنيه في حين أن العملية تتكلف ما بين 300 و700 ألف جنيه.
من جانبه قال أحمد نصر الباحث بالمعهد الديموقراطي المصري إنه من الضروري السعي لتطبيق جميع المواد, كما جاء نصها في مشرع القانون دون أدني تحايل لضمان الجدية, خاصة أن لدينا قوانين كثيرة وضعت ولا تستخدم في الغرض الذي وضعت من أجله, فالقانون يقضي بعدم نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوي وللحفاظ علي حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم, ويشترط ألا يترتب علي النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته, ولو كان التبرع بإرادته فطبقا للنصوص الواردة في المشروع لا يجوز أن يتم نقل الأعضاء, إلا إذا كان المتبرع كامل الأهلية وبرضاء كامل منه.
أشار إلي أنه يجوز للمتبرع العدول عن موافقته في أي وقت حتي وإن كان هذا العدول قبل البدء في إجراء عملية النقل ولو بوقت بسيط, كما يشترط المشروع أن تكون الموافقة كتابية ويحظر التعامل مع أي عضو علي أساس البيع والشراء, موضحا أنه يحظر علي أي طبيب إجراء جراحة لنقل العضو لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له, ولا يجوز إجراء عملية النقل في غير المستشفيات والمراكز الحكومية وإنشاء وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة, وتكون لها الشخصية الاعتبارية, وهي من تتولي عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة وفي كل الأحوال لا يجوز نقل الأعضاء إلا من مصريين إلي مصريين أو إلي أجانب في حالة واحدة هي أن يكون المنقول له قريبا للمتبرع المصري حتي الدرجة الثانية علي الأكثر.
أوضح أنه حان الوقت لإنهاء حالة الجدل حول المشروع ويكفي تأخر صدوره لسنوات طويلة ظل خلالها المشروع حبيس الأدراج, خوفا من شائعات عن أنه تشريع يبيح تجارة الأعضاء البشرية وتحريم البعض للمشروع بحجة مخالفته للدين, وهي سنوات دفع ثمنها المصريون من أرواحهم, كما أنه لا يمكن أن يمر المشروع دون أن نتأكد من توافر كل الضمانات الأخلاقية, التي تحمي الأرواح وتمنع الإتجار بالبشر, لكن كل هذا لا يعني أن نستسلم لاعتراضات وادعاءات يعرف الجميع أنها غير منطقية وكشف ذلك كبار رجال الدين.
كما أن تأخر صدور القانون يعني أن هناك تقصيرا من المشرع في حماية المرضي المصريين فلا يعقل أن أكثر من 85 دولة في العالم تسمح بنقل الأعضاء ليس من بينها مصر, بينما دول مثل السعودية وتونس وإيران أنهت الأمر وسمحت بنقل الأعضاء.