في إطار اهتمامه بقضية الحريات ونشاطه في مجال حقوق الإنسان دعا, من واشنطن الأستاذ ##مجدي خليل##, المدير التنفيذي لمنتدي الشرق الأوسط للحريات, إلي تشكيل ##لجنة دولية##, يتبناها مجلس الأمن,للتحقيق في عمليات التطهير العرقي والديني التي تعرض ويتعرض لها المسيحيون في العراق, لتحديد المسئولين عن هذه الجرائم,وهي جرائم ضد الإنسانية وفقا لنظام روما, ومن ثم إحالة مرتكبيها, سواء كانوا أفراد أو جماعات, إلي ##المحكمة الجنائية الدولية##, كما حدث في جرائم دولية أخري.وقد أوضح مجدي بأن مبادرته تأتي بعد تقاعس الحكومة العراقية في حماية مواطنيها المسيحيين, وكذلك بسبب صمت حكومات دول العالم وتقاعسها في القيام بواجبها الأخلاقي والإنساني في تقديم المساعدة والحماية للمسيحيين العراقيين في أصعب محنة وأخطر مرحلة يمرون بها. لهذا أطلق مبادرته مناشدا منظمات وهيئات حقوق الإنسان والمجتمع المدني,الإقليمية والدولية, لتحريك ##العدالة الدولية##-وهي تمثل ##ضمير العالم المتحضر##- لإنقاذ مسيحيي العراق.
لا شك,أن خطوة الأستاذ مجدي خليل لها ما يبررها علي المستوي القانون الدولي وعلي مستوي أخلاق المجتمع الإنساني.ففضلا عن ما أورده من أسباب ودوافع لمبادرته الإنسانية,فهي تأتي في ظروف وأوضاع سياسية وأمنية غير طبيعية تمر بها دولة العراق بسبب الاحتلال الذي تفجرت في ظله كل الصراعات والتناقضات السياسية والمذهبية والعرقية والطائفية بين المكونات العراقية,وبرزت الميليشيات المسلحة وانتشرت المجموعات الإرهابية,المحلية والمستوردة, بشكل كبير ومخيف.هذه الأوضاع تركت المسيحيين العراقيين مكشوفين ومن غير حصانة وطنية وضحية صراعات ومصالح سياسية,بين قوي محلية عراقية وأخري إقليمية ودولية,طبعا من غير أن يكونوا##المسيحيون##طرفا فيها.في هذا الإطار, قال رئيس أساقفة كركوك, المطران لويس ساكو, لوكالة (آكي) الإيطالية:##هناك خطة مبرمجة وغامضة وراء تهجير وقتل المسيحيين العراقيين, لأن القضية شديدة التعقيد والتشابك ولكل دول الجوار يد وتأثير في الواقع العراقي##. وحذر ساكو من حملات ##التصفية## التي يتعرض لها المسيحيون في العراق ##وفق مخططات إقليمية وداخلية لأهداف سياسية هي جزء من مشروع الفوضي الذي يراد للعراق##. وأضاف ##هناك خطة لإفراغ الشرق من المسيحيين, بدأت في العراق حيث لا من جيش وشرطة ولا حكومة تضمن الأمن وتوفر الحماية لكل المواطنين##. كما أجمع رؤساء الطوائف المسيحية, علي أن الشعب المسيحي في العراق يتعرض إلي حملة ##إبادة جماعية##.
إن خطوة الأستاذ مجدي خليل تأتي في مناخ دولي يشجع علي مثل هذه المبادرات.وفي عالم متحضر تقدم فيه مستوي الشعور الإنساني الكوني,فضلا عن أن العولمة حطمت الكثير من الحدود والحواجز السياسية وغير السياسية بين دوله وأممه. فلم تعد قضايا الشعوب وحقوق الانسان شأنا داخليا,كما كان ينظر إليها في السابق,وإنما أمست قضايا عالمية بأبعادها الإنسانية والأخلاقية, خاصة إذا كانت المسألة تتعلق بشعب مهدد بوجوده واقتلاعه من أرضه التاريخية,كما هو حال الشعب الكلدوآشوري والمسيحي في العراق.إذا كانت جريمة اغتيال شخص##رفيق الحريري## أو ##سقوط طائرة في لوكربي## تطلب تشكيل ##لجنة تحقيق دولية##,ألا يستحق شعب تعرض,ومازال, لعمليات إبادة ولجرائم إنسانية مثل هذه اللجنة وتوفير رادع دولي أو ##ملاذ آمن##لحمايته وإنقاذ ما تبقي من هذا الشعب العريق الذي قدم للحضارة البشرية الكثير؟!.خاصة تكفل المجتمع الدولي ممثلا بـ##الأمم المتحدة## بحماية ##الشعوب## من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي, إذا فشلت حكومات,هذه الشعوب, في تحمل هذه المسئولية.وقد أثبتت الأحداث المأساوية والوقائع في العراق عجز وإخفاق الحكومة العرقية الحالية في توفير الحماية والأمن لمواطنيها المسيحيين.وربما هي غير جادة أو غير راغبة أصلا في توفير الحماية لهم. فرغم إرسال المزيد من قوات الجيش والشرطة العراقية إلي محافظة نينوي,بعد حملات القتل والتهجير التي تعرض لها المسيحيون في الشهر الماضي, ورغم كل تطمينات ووعود الحكومة والرئاسة والقيادات السياسية والأمنية في العراق,لا يبدو أن هناك نهاية لمسلسل العنف المنظم ضد مسيحيي العراق. فبعد أيام قليلة علي عودة بعض العائلات المهجرة الي منازلها في نينوي أقدمت مجموعة إرهابية يوم 12 الشهر الحالي علي قتل عائلة مسيحية (شقيقتين ووالدتهما) وتفجير منزلهما بعبوة ناسفة.
قطعا,لنجاح ##الحملة الدولية## التي أطلقها الأستاذ مجدي خليل لأجل نصرة قضية مسيحيي العراق وتوفير رادع دولي لحمايتهم, تتطلب تحرك أهل القضية وأصحابها, وأعني بهم ##المسيحيين العراقيين##,علي اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم القومية, ومعهم أيضا مسيحيي المشرق عموما. لأن أي تقدم أو إنجاز علي صعيد قضية مسيحيي العراق هو بالنتيجة نصر لقضية مسيحيي المشرق عموما, وكذلك نصر لقضايا جميع الشعوب المضطهدة في المنطقة والعالم.فمن دون شك,أن هذه المبادرة ستحظي بمزيد من التأييد والدعم الدولي إذا ما ساندتها ووقفت إلي جانبها المرجعيات الدينية والمدنية والسياسية والفعاليات الثقافية المسيحية العراقية والمشرقية.لهذا المطلوب والمنتظر من كل هذه المرجعيات والقيادات أن تقف وقفة تاريخية واحدة وحازمة مع ##المبادرة الإنسانية## التي أطلقها الأستاذ مجدي خليل والتحرك السريع علي كل المستويات والساحات,المحلية والإقليمية والدولية, للاستفادة من هذه الفرصة التاريخية لحث الأسرة الدولية ودفعها باتجاه تشكيل ##لجنة دولية## برعاية ##الأمم المتحدة## تحقق في الجرائم التي تعرض لها مسيحيي العراق وإحالة مرتكبيها إلي ##العدالة الدولية##.
كاتب آشوري سوري مهتم بقضايا الأقليات