المجد لله في الأعالي.. وعلي الأرض السلام.. وبالناس المسرة.. تلك الترنيمة النورانية التي صاحبت مولدك الشريف -سيدي المسيح- هي.. جوهر رسالتك.. وصميم دعوتك.. من أجلها جئت.. ومعها وبها ولها عشت.. تخلص الناس من أوجاعهم وآلامهم.. تأسو جراحهم وتزكي أرواحهم.. وتصلح لهم حياتهم وكل أحوالهم.. تأخذ بأيديهم لتهديهم.. وتضع علي درب الخير أقدامهم.. تدلهم علي سواء الطريق.. وتربط بينهم برباط الود الوثيق.. علمت حوارييك ومريديك ومن بعدهم.. كل محبيك.. وسائر تابعيك.. علمتهم كيف يصلون الأرض بالسماء.. كيف يؤمنون إيمان الأتقياء الأصفياء.. كيف يمجدون الله وحده جل في علاه.. ترنو أبصارهم, وتهفو قلوبهم إليه لا لأحد سواه.. يدركون أنه ناظر إليهم في حركاتهم وسكناتهم.. يراقبهم ويحاسبهم.. في سرهم وعلانياتهم.. وكما يرضون ربهم في عبادتهم.. يلتمسون رضاه في معاملاتهم.. وحينئذ يكونون قد آمنوا حق الإيمان.. بأن المجد لله في الأعالي.
ثم دعوتم -سيدي المسيح- إلي إفشاء السلام.. وعلمتهم أن السلام هو صمام الأمان.. وسبب الاطمئنان.. لكل الأنام.. وأن السلام هو سبيل المحبة..قرين الوئام.. فإذا ما غاب السلام.. حل العداء.. ساد الجفاء.. ودقت علي الأرض طبول الصدام.. فلا عجب -سيدي- إن كانت حفاوتك بدعاة السلام.. رفعت ذكرهم.. وأعليت قدرهم.. وجعلت مكانتهم في أعلي مقام.. لتعلو هاماتهم فوق كل هام.. نسبتهم إلي الملكوت الأعلي.. بشرتهم بأعظم بشارة.. ومنحتهم أشرف وسام.. ذلك قولك الحق: طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون.
ثم كانت للناس جميعا أمنيتك.. بل أعز أمانيك.. حولها تدور كل عظاتك.. من أجلها كانت نصائحك الغالية.. أوامرك ونواهيك.. تغرس بين الناس بذور المسرة.. والإخاء والإيثار.. والعفو والتسامح.. تتعهد شجرة المودة والتكامل والتلاقي والتناصح.. تأمر أتباعك أن ينزعوا الحقد والغل والبغض من صدورهم.. تأمرهم أن يحبوا غيرهم حتي ولو كانوا أعداءهم.. ذلك أمرك الصريح الباهر المبين: أحبوا أعداءكم, باركوا لاعنيكم, أحسنوا إلي مبغضيكم, وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.. فهل بقي هذا الأمر السامي الكريم من باب واحد من أبواب الخير للناس والمسرة.. وهل بقي منفذ من منافذ السوء ليسلكه أهل الشر والمضرة.. بعد أن فتحت -سيدي- للبشر كل أبواب السعادة والهناء.. وأغلقت أمامهم كل منافذ البؤس والشقاء.
ما أحوج عالم اليوم -سيدي المسيح عليك السلام- إلي أن يتعلم من جديد.. ما علمته من قبل حوارييك وأتباعك ومريديك من مختلف الأقوام.. وما بشرتهم به بقولك طوبي للرحماء, وطوبي لصانعي السلام.
ومن مصر أرض السلام.. نقرؤك السلام.. يا نداء المحبة.. وبشير السلام.
رئيس جمعية حراس النيل حماة البيئة وحقوق الإنسان
[email protected]