أصبحت الأراضي الزراعية المصرية في خطر حقيقي كما أكد تقرير مركز بحوث البناء الذي ذكر أن مصر فقدت مليون و200 ألف فدان من أخصب الأراضي خلال الـ25 عاما الماضية بسبب بناء المساكن عليها واتسعت الكارثة أكثر وأكثر في ظل عدم وجود تشريع يحرم البناء علي الأراضي الزراعية!
حول تعرض مصر لمشاكل غذائية خلال الفترة القادمة بسبب التعدي علي أراضيها الزراعية وكيفية وقف الزحف علي الأراضي تدقوطنيناقوس الخطر في هذا التحقيق.
التخطيط العمراني
نفي الدكتور محمد حازم رئيس هيئة التخطيط العمراني بوزارة الإسكان مسئولية الهيئة عن التعديات علي الأراضي الزراعية حيث إنه لاتوجد أية سلطات فعلية لوقف التعديات التي أصابت الأراضي خلال الـ25 عاما الماضية حيث تقع جميع السلطات في أيدي المحافظين وقال: إننا كهيئة لانستطيع القيام بالتخطيط العمراني لأية قرية أو مدينة إلا رذا طلبت منا المحافظة وإذا لم تطلب لانستطيع التدخل ومن المؤسف أيضا أن قانون الإدارة المحلية وقانون الزراعة وراء عدم وجود أية سلطات للهيئة وعدم قدرتها علي الحفاظ علي الأراضي الزراعية ونحن الآن في حاجة ملحة وسريعة تفرض تعديل قانون التخطيط العمراني.
أضاف د. حازم أن هناك العديد من المشاكل التي تواجه الحفاظ علي الأراضي الزراعية خاصة في ظل الزيادة السكانية التي ستصل عام 2020 إلي 96 مليون نسمة كما أن الريف أصبح طاردا للسكان وتحول إلي مجموعة من العشوائيات نتيجة عدم إجراء تخطيط عمراني له ولايوجد أمامنا سوي أن نشجع المواطنين علي الهجرة إلي المناطق الصحراوية.
قوانين رادعة
اتفق كل من المهندس محمد سعيد عمر.وكيل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والمهندس رضا إسماعيل وكيل أول وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي علي أن استمرار التعديات علي الأراضي الزراعية يرجع إلي تخبط القرارات الوزارية التي أعطت الحق للمزارع في أن يبني علي جزء من الحيازة فتحولت تلك القرارات إلي عامل مساعد في وجود الكتل السكانية بهذه الصورة الخطيرة التي تمثل جريمة في حق الأجيال القادمة.
وشددا علي ضرورة إعادة النظر في القوانين الحاكمة لهذه القضية خاصة أن التشريعات الحالية دائما تحسم الأمر للمعتدي إما بالغرامة أو بالبراءة فوزارة الزراعة إلي الآن رفعت مليون قضية علي المعتدين علي الأراضي الزراعية حصل 99% منهم علي أحكام بالبراءة يحدث هذا في الوقت نفسه الذي أصبحت مصر فيه من أكبر دول العالم في استيراد لقمة العيش من الخارج.
هذا وسيتم خلال الفترة المقبلة تعديل الحيز العمراني للقري والمدن في جميع أنحاء الجمهورية من خلال تصوير جوي علي نحو يراعي فيه الوضع العمراني الحالي بالإضافة إلي الاحتياجات المستقبلية المتوقعة كما تم إعداد مخططات سكنية جديدة في الظهير الصحراوي للمدن والقري والمساحات المتقطعة من الأراضي الزراعية في حالة عدم وجود فراغات صحراوية وتم أيضا إصدار تشريع جديد لتقنين أوضاع ساكني العشوائيات الزراعية علي أن ينظر إلي هذه المناطق علي أنها ذات طبيعة خاصة علي نحو يتيح تنميتها مستقبلا وهنام عدة حلول باستخدام المتخللات التي لم يتم البناء عليها بتوفير الخدمات المطلوبة للبناء علي تلك المناطق.
زحمة قاتلة
قال المهندس أحمد عبد العزيز مدير حماية الأراضي الزراعية بمحافظة القاهرة إن مشكلة الأراضي الزراعية في غاية الصعوبة نظرا للتعدي المستمر علي الأراضي والتحايل علي القانون بما يتسبب في تدوير آلاف القطع الخصبة بجانب انتشار الرشوة والفساد في كثير من القطاعات الحكومية مما يؤدي إلي عدم تحرير محاضر للتعدي وعدم تحويلها للشرطة أو الوحدات المحلية لعمل اللازم والمفترض أن يتم إعداد حملات لإزالة أية مخالفات وهذا لايتم إلا نادرا بالإضافة لعدم وجود تشريع رادع لذلك فمديرية حماية الأراضي تتعرض الضغوط الإدارية كثيرا.
أضاف عبد العزيز أن المعوق الأكبر الذي يمنع الإزالة علي الأراضي الزراعية استخدام المخالفين للطوب الحجري مما يؤدي لتطوير المخالفة في فترة قصيرة جدا وبعد إزالتها يتم إعادة بنائها مرة أخري ونحن ننسق الآن مع أجهزة الأمن والوحدات المحلية لزيادة وتكثيف الحملات لإزالة التعديات بإجمالي 33 ألف حالة سنويا ومعظم حالات التعدي تحدث خلال أيام الأعياد والعطلات الرسمية حيث يقوم المعتدي بالبناء بالحجر وسقف المنزل بجريد النخيل وهو أمر غاية في الخطورة.
أراض مظلومة
قال المهندس محمد نور الدين أستاذ هندسة الأراضي والزراعة بجامعة القاهرة إن مشكلة تبوير الأراضي الزراعية قديمة ومرهقة وأصبحت منتشرة بصورة كبيرة جدا في محافظات الجمهورية المختلفة والمفترض أن يتم ردعها من قبل المجالس المحلية والمحافظين المفوضين من قبل وزارة الزراعة والمشكلة الأكبر هي انتشار الفساد في كثير من الجهات الحكومية التي تسهل ذلك من خلال مهندس الإدارات الزراعية وهناك عدة حلول يمكن أن تستخدم للردع نظرا لأنه لايمكن منع المواطنين من البناء علي الأراضي الزراعية دون وجود بديل وبدأت المحافظة في التخطيط لبناء قري جديدة في الظهير الصحراوي بجانب إنشاء مجمع للحرفيين لكل قرية أو مدينة وبالتالي سيتم تدريجيا نقل جميع الورش إلي خارج المدينة أو القرية إضافة إلي منع تبوير وتجريف الأراضي الزراعية.
مصر معرضة لمشاكل غذائية
أوضح د. محمد أبو العينين رئيس لجنة الطاقة بمجلس الشعب أن مصر خلال الفترة القادمة ستتعرض لمشاكل غذائية بسبب تناقص مساحة الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا كما تؤكد التقارير .
طالب د. أبو العينين الحكومة بتشريعات حازمة لمواجهة التعدي علي الأراضي الزراعية حيث إن الهيئة العامة لحماية الأراضي التابعة لوزارة الزراعة غير قادرة علي إيقاف هذه الكارثة بجانب ضرورة سرعة اعتماد كردونات المدن حتي يتم توضيح الأراضي الزراعية بشكل دقيق مع محاولة تطوير العشوائيات التي نشأت بالفعل بشكل جماعي من أجل عدم تشريد آلاف من الأسر التي تقطن هذه المناطق مع تحديد الاختصاصات الخاصة بإزالة التعديات علي الأراضي الزراعية وتفويض السلطة لرؤساء الأحياء والقري مع إيجاد حلول سريعة وفعالة لمشكلة الإسكان والنقص الحاد في الوحدات السكنية في مقابل الزيادة الرهيبة لتعداد السكان فمحافظة سوهاج وحدها فقدت 1366 فدانا من أجود الأراضي الزراعية بسبب البناء لذلك لابد الآن من بناء المدن الجديدة في الأراضي الصحراوية.