الزواج المدني… اختيار شخصي لا تقره الكنيسة
عقدت مؤسسة قضايا المرأة ندوة تحت عنوان هل يحل مشروع القانون الموحد للمسيحيين مشاكل المرأة؟, وجاءت المناقشات تنصب حول حكم المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة بالزواج الثاني, وقضية الزواج المدني والمشاكل المزمنة لبعض الأسر المسيحية والواقع أنها ليست المرة الأولي التي تطرح فيها عزة سليمان هذه القضايا للمناقشة, منذ ثلاث سنوات تبنت فكرة طرح مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للمصريين وعقدت عدة ندوات حول الأحوال الشخصية للمرأة المسيحية أفسحت فيها المجال لممثلي الطوائف المسيحية المختلفة وشارك فيها قبلا نيافة الأنبا بيشوي ونيافة الأنبا بيسنتي والقمص سرجيوس سرجيوس.
وفي إطار الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة بزواج من طلقتهم المحكمة والجدل الدائم حول هذا الحكم ورفض الكنيسة له لأنه يختلف مع جوهر التعاليم الإنجيلية فيما يخص الزواج, عادت المؤسسة لمناقشة موضوع الأحوال الشخصية للمسيحيين بمشاركة ابتسام حبيب عضوة مجلس الشعب والأب رفيق جريس ورمسيس النجار ممثلا عن الكنيسة الأرثوذكسية والكاتبة الصحفية كريمة كمال وكمال زاخر ممثلا عن التيار العلماني.
هوامش
أوضحت عزة سليمان مديرة المؤسسة أن السبب في عقد هذه الندوات هو تزايد الدعاوي المرفوعة في المحاكم من المسيحيين بخصوص الأحوال الشخصية, وأن المؤسسة تطرح تساؤلات: هل يحل القانون الموحد للأحوال الشخصية مشاكل المرأة المسيحية؟… وعبر عن اعتقادها بأنه سيحل التناقض بين أحكام القضاء وما تأخذ به الكنيسة إلا أنه لن يحل مشاكل الأسرة المسيحية التي يبقي فيها المتضررون من زيجاتهم وغير القادرين علي التأقلم في حياتهم من الطلاق وفض هذه العلاقة.
ومن الطبيعي أن يكون هذا الفكر هو ذاته ما أيدته الصحفية كريمة كمال التي تبنت منذ سنوات حق المرأة المسيحية في الطلاق, وذهبت للقول بأن هناك نساء مسيحيات ادعن علي أنفسهن بالزنا حتي يطلقن!! رذا كان الطلاق لعلة الزني فقط, وقالت: الزنا الحكمي الذي ينص عليه المشروع الموحد المقترح من الكنيسة سيفتح باب جهنم لأنه مسألة نسبية فما يعتبره البعض حرية شخصية يعتبره البعض الآخرون انحرافا سلوكيا.
إلا أنها عادت فقالت أنه لا يوجد شخص مسيحي لا يريد أن يتزوج داخل الكنيسة لكن إذا أغلقت في وجهه جميع الأبواب فالزواج المدني هو البديل الوحيد ولا يجب أن ترهبه الكنيسة حينئذ بأنها ستنبذه ولن تسمح له بدخول الكنيسة.
ولم يختلف قول كمال زاخر عما يردده في كل القنوات القضائية من إدعائه بالتفاسيرالخاطئة لآية لا طلاق إلا لعلة الزنا, وأنها تفاسير حرفية لا تأخذ بروح الإنجيل, ولم يكتف بذلك بل استنكر مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين في لجان مصغرة وإنما بمشاركة قاعدة شعبية أكبر.
الكنيسة تمنع الخداع
والحقيقة أن كثير من هذه الأفكار المطروحة لاقت معارضة وردود ما بين الهادئ والمتحمس, فمن جهته أوضح الأب رفيق جريس أن الزواج أمر عقيدي لا يجب أن يمس من أي جهة موضحا الدور الرعوي الذي تقوم به الكنيسة الكاثوليكية من جهة إعداد المخطوبين بدورات إلزامية قبل الزواج وألا تقل مدة الخطوبة عن ستة أشهر.
أما رمسيس النجار فاعترض علي حكم المحكمة الإدارية العليا علي إعتبار أنها أخذت بلائحة 1938 التي ألقتها الكنيسة وعدلتها بلائحة 2008 وتم نشرها في الجريدة الرسمية موضحا أن الكنيسة لم تحجب حق المدعي علي حالته الصحية فإذا وافقت صرحت له الكنيسة بالزواج, وأتي ذلك من إيمان الكنيسة بدورها في منع الغش أو الخداع أو إقامة زيجة جديدة علي باطل فتتكرر المشكلة مرة أخري.
نائبة تدافع عن عقيدتها
أما ابتسام حبيب عضوة مجس الشعب فقد خاضت في الندوة معركة ضارية دفاعا عن منطق الكنيسة في رفض الطلاق إلا لعلة الزنا, وقالت: إنه علينا أن نفهم المنطق الذي يحكم المسيحيين في ذلك, لأننا نؤمن بأن الزوجين بعد صلاة الإكليل أصبحا واحدا, وتتلي عليهما وصايا العروسين ويؤمنا علي قبولهما, وأننا إذا أخذنا بأن العقد شريعة المتعاقدين فإن الزوجين المسيحيين ارتضا بهذه الزيجة الواحدة التي لا تنحل وبالتالي لا يصبح هناك مجالا لقول أيهما بعد الزواج لا أستطيع احتمال شريك حياتي لأنه مريض مثلا وأنه حتي استحالة العشرة بينها لا تنهي الزواج شرعا أمام الله وبالتالي لا تستطيع الكنيسة أن تزوج من هو متزوج أمام الله, أما في حالة الزنا فتنفرط هذه الوحدة بدخول الطرف الثالث ويصبح من حق الإنسان الضحية أن يتزوج أما الخائن فلا يؤتمن علي زوجة جديدة.
واستطردت ردا علي من يدعون أن الدين في خدمة الإنسان بأن الدين لا يطوع للإنسان ولا يمكن مواءمته في كل عصر مع ظروفه, وإلا سنبرر للفقير السرقة لأنه محتاج!!.
فالوصية الإلهية ستظل قائمة للأبد وعلي الإنسان أن يختار ما بين طاعة الوصية أو الخروج عنها وتحمل نتائج ذلك, وأن الأديان دائما تسمو بالإنسان ولا تنحدر إلي إشباع غرائزه مهما كانت.
كما استنكرت ابتسام حبيب الدعوة لفتح باب المناقشة المجتمعية حول قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين لما فيه من عرقلة وتعطيل بعد سنوات طويلة من اقتراحه.
الجهل لا ينفي الحقيقة
وفي مداخلتي أثناء الندوة قلت: التلميح بأن قداسة البابا شنودة هو الوحيد الذي وقف ضد الطلاق إلا لعلة الزنا مردود عليه بأن أول بطريرك تولي الكنيسة بعد لائحة 1983 وهو البابا مكاريوس الثالث عقد مجمعا مقدسا أقر فيه أنه لا طلاق إلا لعلة الزني, وأن البابا كيرلس الثالث قدم مذكرة سميت باسمه لوزير العدل ترفض تطبيق اللائحة وتقر بما ينص عليه الكتاب المقدس بأنه لا طلاق في المسيحية إلا لعلة الزنا, ثم جاء قداسة البابا شنودة ليؤكد ذلك ويطرح مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين موقعا من جميع الطوائف… وأن جهل الناس بذلك قد يرجع لعدم طرح القضية للمناقشة بالحجم الذي نشاهده اليوم.
وأضفت بأنه لا يمكن إجبار الكنيسة لقبول أو مباركة الزواج المدني لأن أبسط حقوقها أن يلتزم أبناؤها بما تقره العقيدة المسيحية أما من ثقلت عليه هذه المبادئ فليتحمل النتيجة وحده.
وعدت أؤكد أنه لا مجال لطرح مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للمصريين مسلمين ومسيحيين للاختلاف الجوهري في فلسفة الزواج بينهما وأنه من الأفضل الدفع بالقانون الموحد للطوائف المسيحية, وقطعا لكل قانون خارجين عليه يدعون ظلمه وتظل أصواتهم عالية مثيرة للشغب.
نادية…
[email protected]
ــــــــــــــــــــــ
لجنة لتوحيد الفحوصات الطبية
استمرارا في دورها الرعوي والوقائي علمت وطني أن الكنيسة الأرثوذكسية قامت بتشكيل لجنة لتوحيد قائمة الفحوصات الطبية للمقبلين علي الزواج بين الإيبارشيات المختلفة, إيمانا بدورها في الكشف والمصارحة بين الخطيبين والتي تغلق كثيرا من أبواب البطلان أو الطلاق.
جدير بالذكر أن عدد من الإيبارشيات لدي قائمة من هذه الفحوصات التي يلزم بها الخطيبين, وأنه بعد صدور القانون الذي يلزم بالفحوصات قبل توثيق الزواج ظهرت سلبيات بخروج شهادات طبية من المستشفيات العامة دون إجراء الفحوصات الحقيقية, ومن هنا تنبهت الكنيسة للتصدي لذلك من خلال مراكزها ومستشفياتها التي تثق في أمانة نتائجها.