كان من أكبر أعياد مصر القديمة وكان يتوافق مع موسم الفيضان سبب الحياة عند الفراعنة, إنه عيد النيروز أو عيد رأس السنة المصرية وهو اليوم الأول من شهر توت وبداية من عام 284م أطلق علي التقويم المصري التقويم القبطي أو تقويم الشهداء تقديرا لما عاناه الأقباط من صنوف العذاب واستشهاد علي يد الإمبراطور الروماني دقلديانوس.. وفي إطار الاحتفال بهذا اليوم نظم قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة ندوة عن رأس السنة المصرية حاضر فيها الأستاذ الدكتور وسيم السيسي أستاذ الجراحة العامة والباحث في علم المصريات والأستاذ محمد شمروخ عضو الجمعية الفلكية المصرية وحضر الندوة عدد من السفراء والإعلاميين والمثقفين..
في مستهل حديثه أعرب الدكتور السيسي عن سعادته بمثل هذا الاحتفال قائلا: فكرة الاحتفال بهذا اليوم جاءت علي يد الأستاذ الكبير الراحل محسن لطفي السيد ابن عم أحمد لطفي السيد باشا أول مدير لجامعة القاهرة منذ عشر سنوات وجاهدنا نحن تلاميذه من أجل تنفيذ الفكرة ونجحنا بفضل جهود وزارة الثقافة, وكنت أشعر بالأسف لتجاهل الاحتفال بعيد رأس السنة المصرية الذي كان الفراعنة يحتفلون به احتفالا كبيرا لارتباطه بحياة المصريين القدماء الزراعية فهو أول يوما في السنة الزراعية الجديدة التي تأتي مع موسم فيضان النيل سبب الحياة في مصر.
يستكمل الدكتور السيسي قائلا: تؤرخ بداية السنة المصرية القبطية اعتبارا من 4241 قبل الميلاد (أي أننا اليوم في السنة 6253 طبقا لهذا التقويم) عندها عرف المصري القديم نجم الشعري اليماني وهو ألمع نجما في السماء وترقب ظهوره قبل شروق الشمس الذي يأتي في أول شهر توت وحسب دورة هذا النجم تم حساب طول السنة بـ365 يوما مقسمة إلي 12 شهرا كل شهر يحوي (30) يوما ويبقي خمسة أيام كانت بمثابة أعياد للمصريين القدماء وقسمت فصول السنة إلي ثلاثة فصول: فصل الفيضان ويسمي آخت ويضم أربعة شهور هي توت, بابة, هاتور, كيهك يليه فصل البذر ويسمي بيريت بمعني بردت ويعادل فصل الشتاء ويضم أربعة شهور هي طوبة, أمشير, برمهات, برمودة. وأخيرا فصل الحصاد ويسمي شيمو بمعني تنسم الصيف ومن هنا نحتفل بشم النسيم ويضم أربعة شهور هي بشنس, بؤونة, أبيب, مسري. ومن المحتمل أن مصر جاءت من مسري وهو بداية شهر الفيضان ومعناها مولد الإله رع وربماء جاءت من الكلمة ماس رع أي موضع أبناء الشمس.
أضاف الدكتور السيسي: سمي التقويم المصري بالتحوتي نسبة إلي الإله تحوت إله القلم والحكمة والمعرفة وهو الذي اخترع الأحرف الهيروغليفية التي بدأت بها الحضارة المصرية لذلك خلد المصريون القدماء اسمه علي أول شهور السنة المصرية (توت) الذي عرف بشهر العلم والمعرفة فكانت مصر تقول: إن العلم غاية الإيمان بالله والجهل غاية الكفر به.
وتحدث محمد شمروخ قائلا: نحن أمام عبقرية المصري القديم الذي فكر في العد والحساب والتقويم والتحول من البدائية إلي الحضارة, ولولا أرصاد المصريين الفلكية ما كان علم الفلك, تلك الأرصاد التي كانت تتم بأبسط الوسائل من خلال تلسكوب هو الممر القابضي داخل الهرم الأكبر وكان يتم رصد بزوغ نجم (الشعري اليماني) قبل ظهور الشمس وعندما يظهر يأتي الفيضان ويوافق التاسع عشر من يوليو لكننا نحتفل به في الحادي عشر من سبتمبر ليعني هذا أن حركة الأرض غير منتظمة والنجوم غيرت مواقعها.
التقت وطني ببعض المشاركات في الندوة حيث قالت الإعلامية ابتسام سعيد عضوة أتيليه القاهرة لحماية النقد الأدبي: لابد من الإكثار من مثل هذه الندوات لمواجهة الإنفلات الأخلاقي ولو عملنا بربع ما تركته لنا الحضارة المصرية من العلم والأخلاق نستطيع أن ننهض ببلادنا فهناك من يتعمد إغفال الحضارة المصرية واندثارها.
من ناحية أخري قالت الدكتورة آمال ثابت أستاذة علم النفس والاجتماع بالسويد: لا يكفي أن نقول إننا كنا حضارة عظيمة, لكننا في حاجة إلي أن نكون متحضرين حاليا لنقدم للعالم كله حضارتنا في الوقت الحالي المعتمدة علي البناء والتعمير والعلم والمعرفة.